وطن – بعد أيام قليلة من تحذيره بأن الولايات المتحدة على شفير حرب مع الصين وروسيا، حذر وزير الخارجية الأمريكي الأسبق والمخضرم هنري كيسنجر من أن تصاعد التوتر بين الولايات المتحدة والصين ووصوله مواجهة عسكرية قد يؤدي إلى “دمار العالم”.
واعتبر “كيسنجر” في لقاء عبر “البودكاست” على شبكة “CNN” إن الانفتاح الأمريكي على الصين تاريخيًا لم يكن خطأ وكان مفيدًا للولايات المتحدة لمدة 30 عامًا”.
وأوضح وزير الخارجية الأمريكي أن الصين تطورت بسرعة أكبر مما قد يتخيلها أي شخص، مشيرا إلى أنه كان ينبغي النظر في ذلك في وقت سابق، لأن ذلك أدى إلى أن تكون الصين ثاني أقوى دولة في العالم”.
الخيار الأمثل للتعامل مع الصين
وأكد “كيسنجر” في حواره على أن مشكلة جوهرية نشأت عندما اعتقدت الولايات المتحدة أنه يمكن أنها تستطيع التغلب عليها، موضحا ان هذا أوصل تلقائيًا إلى مواجهة خاصة، لافتا إلى ان هذه المواجهة كانت واضحة أو أكثر وضوحا ربما في نهاية إدارة أوباما أو في وقت مبكر من إدارة ترامب.
وأكد على ان الخيار الأمثل والفريد للتعامل مع الصين هو من خلال الحوار، لافتا إلى إن “الشيء الفريد تمامًا بشأن ذلك الوضع هو قدرة كل بلد من البلدين بشكل أحادي على تدمير العالم. وإذا دخلوا في صراع فإن العالم سيبدو أسوأ بكثير مما كان عليه بعد الحرب العالمية الأولى. أعتقد أنه من واجب سياستنا الخارجية وسياستهم مناقشة القضايا التي قد تخرج عن نطاق السيطرة”.
العالم على شفير اختلال خطير في التوازن
وكان هنري كيسنجر قد صرح قبل أيام لـ”وول ستريت جورنال” إنه يرى أن العالم اليوم بات على شفير اختلال خطير في التوازن. ونبه إلى “أننا [الولايات المتحدة] على شفير حرب مع الصين وروسيا بسبب مسائل أسهمنا في خلقها من دون اعتبار لما ستؤدي إليه أو للنتيجة التي ستنطوي عليها”.
وبالنسبة إلى الأكاديمي السابق الذي يبلغ اليوم 99 سنة وأصدر أخيراً كتاباً جديداً بعنوان “القيادة: ست دراسات في الاستراتيجية العالمية”، يعد التوازن الهم الموجه لرجل الدولة، وهو يفهم الدبلوماسية عملاً موازناً بين القوى العظمى في ظل شبح الكارثة النووية.
وأضاف، “في تفكيري، للتوازن عنصران، الأول هو نوع من توازن القوة مع قبول للمشروعية الخاصة بقيم مخالفة، فإذا آمن طرف ما بأن النتيجة النهائية لجهده يجب أن تكون فرض قيمه، أعتقد بأن التوازن لا يكون ممكناً… والثاني هو توازن السلوك، أي إن هناك حدوداً لممارسة كل طرف لقدراته وقوته في ما يتعلق بما هو مطلوب لتحقيق التوازن الإجمالي”.
ولفت إلى أن تحقيق الأمرين يتطلب “مهارة شبه فنية” وأشار إلى أن “رجال الدولة غالباً ما لم يتقيدوا بمفهوم التوازن لأن هناك احتمالات كثيرة لتوسع القوة من دون أن الأمر كارثي فلا تشعر البلدان بضرورة الالتزام الكامل بالتوازن”.
سياسات الولايات المتحدة أشعلت أزمة أوكرانيا
ووفق الصحيفة، أثار كيسنجر جدالاً في وقت سابق من هذا العام حين ألمح إلى أن سياسات غير حذرة انتهجتها الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي ربما أشعلت شرارة الأزمة في أوكرانيا، وقال للصحيفة إنه لا يرى بداً من أخذ ما يعلنه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من مخاوف أمنية على محمل الجد وشدد على أن الحلف أخطأ حين لمح لأوكرانيا بأنها ستنضم إليه في نهاية المطاف.
فأوكرانيا في رأيه مجموعة من الأراضي كانت جزءاً من روسيا في السابق ويعتبرها الروس أراضيهم على الرغم من أن “بعض الأوكرانيين” يخالفونهم الرأي، ورأى أن من مصلحة الاستقرار أن تؤدي أوكرانيا دور الفاصل بين روسيا والغرب، “كنت مؤيداً للاستقلال الكامل لأوكرانيا، لكنني اعتقدت بأن دورها الأفضل هو أن تكون كفنلندا”.
الولايات المتحدة والصين تتجهان نحو أزمة
وأبدى كيسنجر خشيته من أن الولايات المتحدة والصين تتجهان نحو أزمة حول تايوان ونصح واشنطن بالثبات، “لقد مكنت السياسات التي اتبعها الحزبان [الديمقراطي والجمهوري] تايوان من التطور إلى كيان ديمقراطي مستقل ذاتياً وحفظت السلام بين الصين والولايات المتحدة لـ50 سنة، يجب الحذر الشديد إذاً في اتخاذ أي تدابير قد تبدو كأنها تغير البنية الأساسية”.
كما ألمح كيسنجر إلى “وول ستريت جورنال”. بعد سلوك روسيا في أوكرانيا، “أعتقد الآن أن أوكرانيا، بطريقة أو بأخرى، في شكل رسمي أو غير رسمي، يجب أن تعامل بعد انتهاء ما يجري كعضو في حلف شمال الأطلسي”.
وع ذلك توقع تسوية تحفظ مكاسب روسيا من توغلها الأول عام 2014 حين استولت على شبه جزيرة القرم وأجزاء من منطقة دونباس، على الرغم من أنه لا يملك إجابة حول اختلاف تسوية كهذه عن الاتفاقية التي فشلت في تحقيق الاستقرار قبل ثماني سنوات.