وطن– كشف موسم الجفاف الذي يجتاح إسبانيا، عن مشهد نادر يعود إلى عصر ما قبل التاريخ، أطلق عليه علماء الآثار والأركيولوجيا اسم “ستونهنج الإسباني”، وهو تشكيل صخري يُعتقد أنه يعود إلى عام 5000 قبل الميلاد، بينما الاسم الرسمي له “دولمن غوادالبيرال”.
وظهر هذا المشهد بالكامل الآن، بعد انحسار المياه في أحد خزانات الماء بإسبانيا. ورغم أن هذه الأعجوبة الصخرية تسرّ علماء الآثار، إلا أنها تأتي في فترة تعاني فيها إسبانيا من أسوأ فترات الجفاف لها منذ عقود.
دائرة حجرية تعود لعصر ما قبل التاريخ
وأشار تقرير لـ”CNN بالعربية” كتبته “إيزا سواريز” إلى أن انحسار مياه أحد الخزانات في غرب إسبانيا، كشف عن دائرة حجرية تعود لعصر ما قبل التاريخ، وهي مكشوفة بالكامل الآن، حيث تحارب المنطقة واحدة من أسوأ فترات الجفاف لها منذ عقود.
وقال عالم الآثار بجامعة “كوكبوتنسي” في مدريد “إنريكي سيديلو”، لمعدّة التقرير: إن الوضع الحالي مع موجات الحرارة والجفاف محزنٌ للغاية بالنسبة لنا جميعاً. ولكن في هذه الحالة ـ كما يقول ـ فإنه يوفّر لعلماء الآثار فرصة فريدة ليكونوا قادرين على دراسة موقع، لم يُدرَس بشكل وافٍ من قبل.
لغز كبير
وتمّ اكتشاف “دولمن غوادليبرال” لأول مرة عام 1926 من قبل عالم الآثار الألماني، وبحسب التقرير، يُعتقد أنّها تعود إلى عام 5000 قبل الميلاد، وهي واحدة من العديد من الـ”دولمن ” أي التكوينات الحجرية المرتبة رأسياً، والتي توجد في جميع أنحاء أوروبا الغربية وفي المكسيك.
ومثّلت كيفية نقل مثل هذه الصخور الثقيلة ونصبها قبل آلاف السنين، لغزاً مستعصياً على الحل.
قبر جماعي
وعبّر “إنريكي سيديلو” عن اعتقاده، بأن “دولمن غواداليبرال” بمثابة قبر جماعي حدثت عمليات الدفن فيه لأكثر من 2000 عام، لذا فكل ما عُثر عليه هناك عند اكتشافه لأول مرة، هو بقايا المواد التي رافقت الموتى.
ويمثل ظهور ما أطلق عليه اسم “ستونهنج الإسباني” فائدة نادرة لقلة الأمطار ودرجات الحرارة الحارقة، بينما يعاني الكثيرون من الحرارة الشديدة.
جفاف لم يحصل منذ ألف عام
ووجدت دراسة نشرت في مجلة “Nature Geoscience”، أن الشهر الماضي وبسبب تغير المناخ، فإن أجزاءً من إسبانيا والبرتغال، هي الأكثر جفافاً مما كانت عليه منذ أكثر من ألف عام، وكشفت هذه الظروف المناخية عن معلَمٍ يعود لعصر ما قبل التاريخ، بينما تعيث الفساد في منطقة بعالم يزداد احتراراً.
نهر تاجوس
ومن جانب آخر أشار تقرير لمجلة “nationalgeographic” أن بين الدولمين يوجد حالياً مائة حجر جرانيت، العديد منها واقفة وبعضها سقط.
وما يزال بالإمكان رؤية الشكل البيضاوي للغرفة الرئيسية، وبقايا الممر الذي يبلغ ارتفاعه عشرين متراً، والذي ربط ضفاف نهر تاجوس بالنصب التذكاري منذ آلاف السنين.
وبحسب التقرير يخفي أحد “الدولمين” ويُدعى “المنهير الكبير” لغزاً محفوراً على أحد وجوهه، ما يبدو وكأنه ثعبان ، لكن بعض الباحثين مثل “أنخيل كاستانو” رئيس جمعية “Raíces de Peraleda” الثقافية، يعتقدون أنه يمكن أن يكون نحتاً لقسم من مسار نهر تاجوس بين روافده.
مركز ديني واقتصادي مهم
ويعتقد العلماء أن هذا المكان كان مركزاً دينياً واقتصادياً مهماً في المنطقة، كونه أحد الأماكن القليلة التي عبر فيها نهر تاجوس من الشمال إلى الجنوب.
ويتخوّف سكان “بيراليدا”، غرب اسبانيا، حيث تقع هذه الأوابد الأزلية من كثرة الزيارات إلى النصب التذكاري. وهذا ما يحدث بالفعل، إذ لا توجد مراقبة في الموقع، ولا يمكن التحكم في تدفق الزوار، لأنهم مقتنعون بأن العمل البشري يمكن أن يشكّل خطراً أكبر بكثير على الدولمين القديم من مياه الخزان.
وفي الوقت نفسه، يستبعدُ الخبراء نقل الصرح في الوقت الحالي؛ لأنهم يعتبرون أن نقله سيعني خسارة لا رجعة فيها.