“إيكونوميست”: التزام حلفاء الأسد بقضيته أكثر من التزام حلفاء المعارضة بالدفاع عنهم

 

“وكالات- وطن”-  لا يعرف أحد الكيفية التي سيتم بها تطبيق بنود الاتفاق الأمريكي- الروسي في ميونيخ- ألمانيا والقاضي بوقف كل الأعمال العدوانية بعد أسبوع، وفقا لصحيفة “لوس أنجليس تايمز”.

 

ويظل الاتفاق الذي تم بين وزير الخارجية الأمريكي جون كيري ونظيره الروسي سيرغي لافروف إشكالياً فهو لا يشمل الحركات المصنفة إرهابية مثل “جبهة النصرة” وتنظيم “الدولة”.

 

وعليه سيواصل الطيران الأمريكي والروسي عملياتهما العسكرية ضد هذه الجماعات. ومن الناحية العملية، فمن الصعب الحديث عن آلية تطبيق الاتفاق، خصوصا في ظل اتهام الولايات المتحدة روسيا باستهدافها جماعات المعارضة للنظام السوري.

 

وكان كيري قد أعلن عن الاتفاق بعد اجتماع طويل تجاوز المدة الزمنية المحددة له، وهو ما يدل على صعوبة المفاوضات والخلافات العميقة بين الأطراف المنخرطة في الحرب الأهلية السورية.

 

وكانت روسيا قد تقدمت بخطة لوقف إطلاق النار يسري مفعولها في اليوم الأول من مارس المقبل لكن الولايات المتحدة والدول الأوروبية رفضت المقترح وأصرت على وقف فوري لإطلاق النار.

 

وعلى ما يبدو كانت موسكو راغبة بهذا الموعد حتى يكون لديها وقت لإنهاء المعارضة السورية وفرض حصار على مدينة حلب كمقدمة لاستعادة نظام بشار الأسد السيطرة عليها

 

وتقول صحيفة “لوس أنجليس تايمز” إن إدارة الرئيس باراك أوباما راغبة في تسوية في سوريا حتى تركز على مواجهة تنظيم “الدولة”.

 

ولم يتم بعد الاتفاق على المبدأ الرئيس حول من سيسمح له بالمشاركة في الاجتماع من فصائل المعارضة.

 

ولاحظ دبلوماسيون، كما نقلت عنهم صحيفة “نيويورك تايمز”، أن توقف العمليات العسكرية سيجمد الوضع القائم لصالح الأسد والروس.

 

ويقولون إن موسكو أبدت ليونة نظراً للنجاح الذي حققه القصف الجوي، حيث ساعد نظام الأسد على استعادة المناطق الآهلة بالسكان في مناطق غرب سوريا وأخرج المعارضة من أجزاء كبيرة من حلب.

 

وعلقت الصحيفة قائلة: “ظل بوتين حتى هذا الوقت يعمل وبشكل كامل على تدمير سوريا وشعبها. ففي الأشهر الخمسة الماضية قتل الطيران الروسي حوالي 1.400 مدني بمن فيهم 527 امرأة وطفلاً”.

 

وترى في هذا السياق مجلة “إيكونوميست” البريطانية أن حصار المناطق التي تسيطر عليها المعارضة السورية يعني تعزيزاً لتقدم النظام السوري وقالت: “كيف دارت الطاولات، ففي فبراير العام الماضي شنت قوات بشار الأسد هجوما لاستعادة حلب، التي كانت أكبر مدينة من ناحية الكثافة السكانية وأصبحت منذ عام 2012 مقسمة بين النظام والمعارضة.

 

وكانت نتيجة الهجوم ليس تراجعاً لقوات الأسد فقط من المدينة بل وسيطرت المعارضة على إدلب. وبعد عام ها هو الأسد يهاجم حلب، وفي هذه المرة يحقق نجاحا”.

 

ووفقا لتقديرها، فإن النظام يعود بقوة ولأول مرة منذ خمسة أعوام. وعلى خلاف المد والجزر الذي ساد الصراع السوري، فهذه المعركة تبدو حاسمة.

 

وتشير إلى العامل الحاسم فيها، وهي التزام حلفاء النظام السوري بقضيته أكثر من التزام حلفاء المعارضة بالدفاع عن حلفائهم وقضيتهم التي تقوم على الإطاحة بالنظام. ولا توجد إشارات عن تغير هذا الوضع على ما يبدو.

 

وتتحدث المجلة عن الإنجازات التي حققها جانب النظام: حصار حلب تقريباً، قطع خطوط الإمدادات عن المقاتلين وفك الحصار عن قريتي كفر نبل والزهراء الشيعيتين.

 

وقامت الطائرات الروسية بتعبيد الطريق أمام القوات الموالية للنظام من الميليشيات الشيعية من العراق وأفغانستان وحزب الله اللبناني. وتتوقع المجلة تقدم النظام السوري في القرى المحيطة بالمدينة ومن ثم التحول نحو مدينة إدلب غربي حلب.

 

ولا يزال طريق إدلب هو الممر الوحيد المفتوح أمام المعارضة المتحصنة في حلب. فهو ممر طوله 5 كيلومترات ويفصل ما بين موقعي النظام والمعارضة في شمال سوريا وقد لا تستمر طويلاً.

 

ويسيطر النظام على خط طوله 3 كيلومترات منه ويقوم بقصف الطريق. ولا يبعد حزب الله والميليشيات الشيعية الأخرى سوى 20 كيلومتراً عن بلدتين في محافظة إدلب ومنهما سيتوغل في المحافظة لو تمت السيطرة عليهما.

 

وتقدر الأمم المتحدة عدد السكان في مناطق المعارضة حوالي 300ألف شخص وهم مهددون بالتجويع. وكما فعل الأسد في الماضي مع مدن وبلدات أخرى.

 

ولهذا قام مسؤولو المجالس في مناطق حلب بإرسال قوائم مفصلة للمانحين حول الحاجيات الأساسية المطلوبة من الغذاء والوقود والأدوية وما إلى ذلك، خاصة أن الحصار قد يمتد لشهور، فالمدينة لن تسقط بسهولة نظرا لكبر حجمها. ونقلت عن المصور بهاء الجبالي من حلب قوله “تسود حالة الذعر بين الناس”.

 

وأفادت المجلة أن إيران قامت منذ بداية الحرب بإرسال آلاف من العراقيين والأفغان الشيعة إلى سوريا. ولكن التدخل الروسي في خريف عام 2015 ترك أثرا أكبر.

 

وتدرك روسيا أن النظام مقبول للغرب أكثر من تنظيم “الدولة” رغم التقرير الأخير الذي صدر عن الأمم المتحدة. وكشف أن النظام يقوم بإبادة شعبه.

 

وتشير المجلة إلى لعبة أمريكا الفاشلة التي ركزت على المفاوضات وإمكانية قيام روسيا بالضغط على النظام السوري الموافقة على حل سلمي. ولكنَ الأسد وحلفاءه وجدوا في الخيار العسكري طريقاً لتعزيز السلطة على حساب التفاوض.

 

وحدث كل هذا في وقت اختلف فيه داعمو المعارضة حول الطريقة المناسبة لدعمهم. فدول الخليج غاضبة من تركيز الولايات المتحدة على قتال تنظيم الدولة على حساب محاربة الأسد.

 

وفي 10 فبراير هاجمت تركيا واشنطن لدعمها حزب الإتحاد الديمقراطي الكردي وقوات الحماية الشعبية التابعة لها في سوريا. فالحزب يقيم تحالفاً تكتيكياً مع النظام السوري، أي أن الولايات المتحدة تدعم بطريقة غير مباشرة النظام والحملة الروسية، خاصة وأن الروس يدعمون الأكراد في سوريا. وسمحت موسكو للأكراد بافتتاح ممثلية لهم، مع أن الخارجية لا تعترف بها ضمن السلك الدبلوماسي.

 

ويتحرك أفراد الحماية الشعبية باتجاه المناطق التي تخرج منها المعارضة، وهناك اتفاق ضمني -صامت- قد يصبح رسمياً، حيث تتحدث تقارير أن الروس وعدوا الأكراد بما لم يعدهم به الغرب: منطقة متواصلة في شمال- شرق سوريا تتحول لمعقل قوي لهم.

 

وتعلق المجلة أن المعارضة لم يعدها أحد سوى دول الخليج التي قالت إنها سترسل قوات لقتال تنظيم الدولة. ومهما يكن من أمر فحتى لو وصلت القوات الخليجية فلن تغير من الواقع أمام قوة النيران التي بات يملكها النظام.

 

وتعتقد المجلة أن المعارضة لا تعاني في الشمال، وفقط، بل في الجنوب حيث حقق النظام بدعم روسي تقدما خاصة في محافظة درعا مع أن المعارضة الجنوبية ظلت خلال السنوات الماضية أكثر تماسكاً وفي وضع عسكري أفضل من فصائل الشمال.

 

وتنقل ما قاله الباحث الفرنسي فابريس بلانش: “تعرف روسيا وإيران والأسد أن أمريكا هذا العام ضعيفة بسبب الانتخابات ولن يفعل أوباما الكثير ولهذا فهي تستخدم الوقت لتدمير المعارضة”. كما إن الأردن لن يفعل الكثير لمساعدة المعارضة، فهو قلق من الأسد والمعارضة.

 

ويقول الأتراك إنهم لن يتدخلوا مباشرة إلا إذا فعل الأمريكيون. ولكنهم يفرضون أمراً واقعاً من خلال منطقة آمنة. فبدلاً من السماح للاجئين دخول الأراضي التركية، دخلت منظمات الإغاثة الإنسانية التركية إلى الأراضي السورية وبنت مخيمات.

 

ولكن لا تعرف الكيفية التي ستتم فيها حماسة هذه المنطقة إذا تعرضت لهجوم من النظام، فأي عمل عسكري قد يؤدي لمواجهة مباشرة مع الروس. وعليه تظل حلب المعيار الذي سيحدد ماذا سيحدث في سوريا، وربما أبعد منها.

 

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى