كيف ستتعامل أوروبا مع أسوأ جفاف تشهده منذ 500 عام وما الذي ينتظرها؟

وطن– في توقعات قاتمة، حذّر تقرير صادر عن المفوضية الأوروبية من أن الجفاف الشديد الذي شلّ قطاعات الشحن والزراعة والطاقة، وكشف أيضاً عن بعض الآثار المنجرّة عن انخفاض منسوب المياه، قد يستمر حتى نوفمبر القادم في المنطقة.

وفقاً لتقرير نشره موقع “101نوتيثياس” الإسباني، تواجه أوروبا أسوأ موجة جفاف منذ ما لا يقل عن 500 عام، بسبب موجات الحرارة الشديدة التي غذّت حرائق الغابات، وخفّضت من مستويات المياه في بعض أكبر أنهار أوروبا مثل نهر الراين وبو ولوار والدانوب. ما من شأنه أن يقلل من وفرة المحاصيل ويؤثر على عملية توليد الطاقة.

لوفيغارو: “حروب المياه قادمة” وندرتها قد تُشعل حرباً في 12 منطقة بالعالم

هذا وكشف تقرير صادر عن المرصد الأوروبي للجفاف الذي تشرف عليه المفوضية الأوروبية (مرصد الجفاف هو جزء من جناح البحث في المفوضية الأوروبية)، أن 47 في المائة من القارة في حالة تأهب. وتشهد عجزًا واضحًا في رطوبة التربة.

كما أن 17 في المائة من القارة في حالة تأهب. ما يعني أن المناطق الخضراء، “تظهر عليها علامات الجفاف بشكل واضح”.

ويحذر التقرير من أن الجفاف في بعض المناطق الجنوبية من أوروبا قد يستمر لعدة أشهر أخرى.

وبحسب ما ترجمته “وطن“، انخفضت توقّعات الاتحاد الأوروبي لإنتاج حبوب الذرة بنسبة 16 في المائة مقارنة بمتوسط ​​الخمس سنوات السابقة.

وبالمثل، كانت التوقعات ذاتها بالنسبة لإنتاج فول الصويا الذي سيكون أقل بنسبة 15 في المائة وعباد الشمس بنسبة 12 في المائة.

وفي تقريرها شددت المفوضية الأوروبية أن “الجفاف الشديد الذي أصاب العديد من مناطق أوروبا منذ بداية العام، اتسع وتفاقم أكثر في أوائل أغسطس”.

وأضافت أن “التحليل الأولي يشير إلى أن “الجفاف الحالي ما يزال يبدو أنه الأسوأ منذ 500 عام على الأقل”.

موجات الحر الشديد بأوروبا غير مسبوقة
موجات الحر الشديد بأوروبا غير مسبوقة

تداعيات الجفاف؟

من جهتها، قالت مفوضة التحقيق ماريا غابرييل: إن موجة الحر والنقص المستمر في المياه أدى إلى “إجهاد غير مسبوق أثّر بشكل حاد على مستويات المياه في جميع أنحاء مناطق الاتحاد الأوروبي”.

كما واجهت المنطقة موسم حرائق غابات أعلى من المتوسط. كما أثرت الحرارة على إنتاج المحاصيل.

وفي سياق متصل، نقلت هيئة الإذاعة البريطانية عن غابرييل قولها: إن “تغير المناخ بات أكثر وضوحاً بلا شك كل عام”.

وفي الواقع، كان التأثير البيئي أكثر وضوحاً على مستويات المياه. حيث حذّر التقرير من جفاف جميع أنهار أوروبا تقريباً إلى حد ما.

وبصرف النظر عن الاضطراب الواضح في الممرات المائية في أوروبا، تؤثّر الأنهار الجافة أيضاً على قطاع الطاقة، ما تسبّب في أزمة طاقة حادة.

ولا شك في أن أوروبا تعتمد على أنهارها لنقل البضائع مثل الفحم إلى محطات الطاقة بتكلفة رخيصة. مع انخفاض منسوب المياه إلى أقل من متر في بعض الأقسام، لن تستطيع السفن الكبيرة الإبحار.

كما سينخفض إنتاج الطاقة الكهرومائية بنسبة كبيرة تصل إلى 20 في المائة، وفقًا للتقرير.

تأثير التغير المناخي في أنهر فرنسا
تأثير التغير المناخي في أنهر فرنسا

بالإضافة إلى ذلك، أورد التقرير أن الوضع البيئي أكثر بروزًا في دول مثل: فرنسا وألمانيا وإيطاليا والبرتغال، وإسبانيا وهولندا ورومانيا، ولوكسمبورغ وبلجيكا وشمال صربيا، والمجر وإيرلندا ومولدوفا وأوكرانيا والمملكة المتحدة.

وبحسب ذات المصادر، فإن الظروف قد تستمر حتى نوفمبر/تشرين الثاني على الأقل هذا العام عبر البحر المتوسط ​​الأوروبي.

وفي سياق آخر، يتمّ مقارنة الجفاف الذي وصف بأنه الأسوأ منذ 500 عام بعام 1540، عندما شهدت أوروبا موجة جفاف استمرت لمدة عام أودت بحياة عشرات الآلاف من الناس.

وتأتي فترة الجفاف في أعقاب موجة حر غير مسبوقة، ما تسبّب في ظهور درجات حرارة غير معتادة في العديد من دول القارة. بحيث كانت المستويات قياسية.

الجفاف يُظهر السفن الغارقة منذ الحرب العالمية الثانية في نهر الدانوب (صور صادمة)

ومن جانبهم، قال العلماء: إن جفاف هذا العام كان أكثر خطورة من جفاف عام 2018.

ونقل موقع Indian Express Limited، عن الباحثة الرئيسية Andrea Toreti من مركز البحوث المشتركة التابع للمفوضية الأوروبية: “فقط لإعطائك فكرة، كان جفاف 2018 شديدًا إلى درجة أنه إذا نظرنا إلى الوراء أي بالعودة إلى الـ500 عام الماضية، لم تكن هناك أحداث أخرى مماثلة لجفاف 2018، لكن هذا العام أعتقد أنه في الواقع أسوأ من عام 2018”.

وكشفت مستويات الأنهار المتدنية بسرعة في جميع أنحاء أوروبا عن آثار تاريخية مضت، بما في ذلك بروز أكثر من 20 سفينة حربية ألمانية غرقت خلال الحرب العالمية الثانية. ناهيك عن أنه تمّ اكتشاف أنها تحتوي على ذخيرة ومتفجرات، في نهر الدانوب في صربيا.

علاوةً على ذلك، كشف موسم الجفاف الذي اجتاح إسبانيا، عن مشهد نادر يعود إلى عصر ما قبل التاريخ، أطلق عليه علماء الآثار والأركيولوجيا اسم “ستونهنج الإسباني”، وهو تشكيل صخري يُعتقد أنه يعود إلى عام 5000 قبل الميلاد، بينما الاسم الرسمي له “دولمن غوادالبيرال”.

وظهر هذا المشهد بالكامل الآن، بعد انحسار المياه في أحد خزانات الماء بإسبانيا. ورغم أن هذه الأعجوبة الصخرية تسرّ علماء الآثار، إلا أنها تأتي في فترة تعاني فيها إسبانيا من أسوأ فترات الجفاف منذ عقود.

جفاف إسبانيا يكشف عن مشهد نادر من عصر ما قبل التاريخ

قد يهمك أيضاً

تعليقات

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

تابعنا

الأحدث