“الإفلاس المسار الأقل كلفة”.. دراسة مخيفة تكشف أسباب انهيار الاقتصاد المصري

By Published On: 2 سبتمبر، 2022

شارك الموضوع:

وطن – تلاشت كل البدائل أمام الحكومة المصرية لسد الفجوة الدولارية الضخمة المطلوبة، وذلك بعد تضاؤل القدرة على الاقتراض أو إصدار سندات دولية.

جاء ذلك بحسب دراسة حديثة نشرها المعهد المصري للدراسات، وأشارت في هذا الصدد إلى إتساع العجز في الميزان التجاري، وانكماش احتياطي العملة الأجنبية، وتحول الأصول الدولارية للبنوك إلى السالب.

الدراسة التي أعدها الخبير الاقتصادي أحمد ذكر الله، قالت إن استمرار تعويم الاقتصاد المصري مع نقل كل الضغوط الاقتصادية على الشعب أصبح مرهونا، أولا بإقبال المشتري الخليجي، وربما الصيني، للأصول المصرية ذات الطبيعة الرابحة أو الاستراتيجية.

وأضافت أن الأمر مرهون أيضا بالحجم المالي المناسب لمواجهة الالتزامات العاجلة، كما أنه رهينة للاتفاق مع صندوق النقد.

وبحسب الدراسة، فإن مجموع المبالغ المحصلة من بيع الأصول والاقتراض من الصندوق إذا تم بقيمة كبيرة قد يعني تأجيل إعلان الإفلاس.

يأتي ذلك على الرغم من أن إعلان الإفلاس يعد من المسار الأقل كلفة على الشعب المصري في هذه الظروف، لا سيما أنه أمر أضحى مرجحا إذا لم يكن العام الحالي فسيكون القادم.

وأوضحت الدراسة أن تأخر أو إلغاء أي من هذه المبالغ، أو نسبة كبيرة منها، خاصة قرض الصندوق، سيعني عجزا عن الوفاء بمتطلبات النقد الأجنبي.

وأفادت الدراسة بأنه إذا لم يتم توقيع الاتفاق مع الصندوق خلال شهرين على الأكثر، وبقيمة قرض فوري لا تقل عن 15 مليار دولار، مع جدولة ديون الصندوق القديمة، ستتوقف مصر عن سداد ديونها وتدخل حالة الإفلاس خلال أشهر قليلة.

الدراسة ذكرت أيضا أن استمرار العجز المزمن في ميزان المدفوعات الإجمالي مدفوعا بالعجز الحاد في الميزان التجاري، وعجز ميزان صافي الاستثمار، وعدم قدرة قطاعي الخدمات، خاصة متحصلات قناة السويس وتحويلات العاملين في الخارج، على تغطية ذلك العجز.

وقالت إن المشاكل المستمرة والتي أدت إلى تنامي العجز في ميزان المدفوعات بشكل كبير كانت متفاقمة بالفعل قبل رفع الاحتياطي الأمريكي لسعر الفائدة، وقبل اندلاع أزمة أوكرانيا، مما ينفي الإدعاءات بأن هذه العوامل هي سبب الأزمة الاقتصادية الراهنة في مصر.

ولم تستطع الإدارة الاقتصادية، وفق الدراسة، التعامل مع العجز الهيكلي المزمن للموازين المختلفة.

ولا تزال موارد النقد الأجنبي لمصر تعتمد بصورة رئيسية على السياحة وتحويلات العاملين في الخارج وإيرادات قناة السويس، الهيكل التقليدي للاقتصاد الريعي في مصر.

يعكس هذا الأمر، التخلف الإنتاجي على مستوى جميع القطاعات الاقتصادية وهو الأمر الذي يفسر الفشل في تنمية القدرات التصديرية للدولة.

الدين الخارجي المصري في تصاعد

كما أشارت إلى استمرار الدين الخارجي المصري في التصاعد، مع إصرار حكومي، ما أثار الكثير من علامات الاستفهام على الإنفاق الخدمي مما خلق مشكلة كبرى مع حلول آجال الاستحقاق.

ولجأت الحكومة، إزاء ذلك، إلى الضغط على البنوك التجارية لاستخدام أرصدتها من النقد الأجنبي لسداد مستحقات مستثمري الأموال الساخنة وتلبية احتياجات المستوردين من الدولار، حتى تحولت أصولها النقدية بالدولار إلى قيم سالبة كبيرة، تزامن ذلك مع السحب من احتياطيات النقد الأجنبي التي تآكل ما يقارب ثلثها في أشهر معدودات.

الجنيه المصري

والجنيه المصري – وفق الدراسة – هو ضحية السياسات غير الرشيدة، فتثبيته إداريا رغم شح موارد الدولار عقد الأزمة.

ونتيجة عدم قدرة الموارد الدولارية على تلبية الالتزامات واجبة السداد، اعتمدت الدولة منهج إعادة تدوير القروض (اقتراض جديد لسداد القديم)، وبمجرد الانسداد الجزئي لمصادر القروض الجديدة أصبح الاقتراض من صندوق النقد الدولي والقبول بشروطه القاسية أمرا لا مفر منه.

وتقول الدراسة: “لا يعني قدرة الدولة على الخروج من مأزق العام الحالي عبر توفير الالتزامات الواجب سدادها انتهاء الأزمة، فالاقتصاد المصري دخل في دائرة مفرغة من الاقتراض والسداد، ومع ارتفاع سعر الفائدة في العالم، وعدم القدرة على الاقتراض بسندات دولية حاليا، فإنه من المرجح بعد نفاد الأصول –على الأقل الأكثر ربحية منها- وتشدد المؤسسات الدولية في الإقراض، أن يصبح إعلان الإفلاس وشيكا”.

رفع بعض القيود على الاستيراد

وكانت الحكومة المصرية، قد قررت رفع بعض القيود وتسهيل عمليات الاستيراد مجددا لإنقاذ مخزون السلع والخامات المتراجع.

جاءت هذه الخطوة بعد معاناة كبيرة لقطاعي الصناعة والتجارة المصريين لنحو 5 أشهر جرى خلالها تقليل حجم الاستيراد الخارجي وفرض قيود عليه نظرا للأزمات الاقتصادية والمالية التي تمر بها البلاد.

وهذا الأسبوع، وضمن حزمة إجراءات استثنائية، استأنفت بنوك مصرية، فتح اعتمادات مستندية للمستوردين مجددا، بعد توقف شبه تام لهذا الإجراء لنحو 5 أشهر مع تفاقم أزمات الاقتصاد بهروب نحو 20 مليار دولار من الأموال الساخنة كإحدى تبعات الحرب الروسية الأوكرانية 24 فبراير الماضي.

شارك هذا الموضوع

Leave A Comment