الاقتصاد الروسي نحو الهاوية.. وثيقة سرية للكرملين تكشف حجم التضرر من العقوبات
شارك الموضوع:
وطن– كشفت وثيقة سرية صادرة عن الكرملين، تأثيرات الأزمة العالمية على الاقتصاد الروسي، ومدى تضرره من العقوبات الأمريكية والأوروبية.
فعلى الرغم من الخطاب الروسي على الأقل إعلامياً، الذي يروّج في الغالب بأن الاقتصاد الروسي لم يتأثر؛ بل حقّق مكاسب، فقد حذّرت هذه الوثيقة السرية من أن روسيا يمكن أن تواجِه ركوداً أطول وأعمق، مع انتشار تأثير العقوبات.
هذا الركود من شأنه أن يضر بالقطاعات التي اعتمدت عليها روسيا لسنوات، لتعزيز اقتصادها.
الوثيقة استغرق إعدادها عدة أشهر من قبل مسؤولين وخبراء؛ في محاولة لتقييم التأثير الحقيقي للعزلة الاقتصادية لروسيا، بسبب الغزو الروسي لأوكرانيا.
وترسم هذه الوثيقة، صورةً أسوأ بكثير مما يميل المسؤولون في الولايات المتحدة إلى تصوّره.
وأعدت الوثيقة عدة سيناريوهات، تُظهر أن الانكماش سيتسارع العام المقبل، مع عدم عودة الاقتصاد إلى مستويات ما قبل الحرب حتى نهاية العقد أو بعد ذلك.
ويقول سيناريو “القصور الذاتي”، إن الاقتصاد سينخفض العام المقبل عند 8.3% دون مستوى 2021، أما سيناريو “الإجهاد” فيضع الوصول في 2024 أدنى من المستوى عند 11.9%.
وفي جميع السيناريوهات، يتزايد ضغط العقوبات بشكل كبير، ومن المرجّح أن تنضم إليه المزيد من الدول.
وتنقل صحيفة “إنفوباي” الإلكترونية، نقلاَ عن وكالة بلومبرج، قولَها إن ابتعاد أوروبا عن النفط والغاز الروسي قد يؤثر أيضا على قدرة الكرملين على إمداد السوق الخاصة به.
وبعيداً عن القيود التي تغطي حوالي ربع الواردات والصادرات، فإن روسيا تواجه الآن حصاراً أثّر على جميع أشكال النقل تقريباً، مما أدى إلى مزيد من تقليص اقتصاد البلاد.
في الوقت نفسه، تزيد القيود التكنولوجية والمالية من الضغط على الاقتصاد الروسي.
وقد يغادر نحو 200 ألف متخصص في تكنولوجيا المعلومات، روسيا بحلول عام 2025، وهو أول توقّع رسمي لنمو هجرة الكفاءات.
ضرورة اتخاذ قرارات لدعم الاقتصاد
الوثيقة السرية دعت إلى اتخاذ سلسلة من الإجراءات لدعم الاقتصاد والتخفيف من تأثير القيود، حتى يستعيد الاقتصاد مستويات ما قبل الحرب بحلول عام 2024، ويحقق النمو بعد ذلك.
وتشمل الخطوات العديدَ من إجراءات تحفيز الاستثمار، نفسها التي روّجت لها الحكومة على مدى العقد الماضي، عندما توقف النمو إلى حد كبير حتى بدون عقوبات.
وخلال العام الجاري أو العامين المقبلين، قد يحدث انخفاض في حجم الإنتاج في عدد من القطاعات الموجهة للتصدير، من النفط والغاز إلى المعادن والكيماويات والأخشاب.
ورغم إمكانية حدوث بعض الانتعاش في وقت لاحق، إلا أن هذه القطاعات ستتوقف عن كونها محركات الاقتصاد.
كما أن الوقف الكامل للغاز -المصدّر إلى أوروبا (سوق التصدير الرئيسي لروسيا)- قد يكلّف ما يصل إلى 400 مليار روبل (6.6 مليار دولار) سنوياً من عائدات الضرائب المفقودة.
ولن يكون من الممكن تعويض المبيعات المفقودة بالكامل من خلال أسواق التصدير الجديدة، حتى على المدى المتوسط.
ويتوجب على موسكو تقليص إنتاج النفط والغاز، ما يهدّد أهداف الكرملين في توسيع إمدادات الغاز المحلية.
ويعتبر الافتقار إلى التكنولوجيا اللازمة لمحطات الغاز الطبيعي المسال “حجرَ عثرة”، قد تعيق الجهود المبذولة لبناء مصانع جديدة.
كما قد تؤدي خطط أوروبا لوقف استيراد المنتجات النفطية الروسية -حوالي 55% من صادرات العام الماضي- إلى خفض حادّ للإنتاج، مما يجعل السوق المحلية تعاني من نقص الوقود.
وإذا انزلق الاقتصاد العالمي إلى الركود، فقد تشهد روسيا انخفاضاً أكبر في صادراتها، لأنها تصبح “المورد المتذبذب” للأسواق العالمية، مع اختفاء الطلب على منتجاتها أولاً، وقد يؤدي هذا إلى انهيار الروبل وارتفاع التضخم.
وفيما يتعلق بالواردات، فإن الخطر الرئيسي على المدى القصير، هو توقّف الإنتاج، بسبب نقص المواد الخام والمكونات المستوردة.
وعلى المدى الطويل، يمكن أن يؤديَ عدم القدرة على إصلاح المعدات المستوردة، إلى الحد من النمو بشكل دائم.
ومن المحتمل أن تترك القيود المفروضة على الوصول إلى التكنولوجيا الغربية لروسيا، جيلاً أو جيلين خلف المعايير الحالية، فيما يمكن الاضطرار إلى الاعتماد على بدائل أقلَّ تقدّماً من الصين وجنوب شرق آسيا.
والعقوبات المفروضة على روسيا، ستجبر الحكومة أيضاً على مراجعة عدد من أهداف التنمية التي حددها بوتين قبل الحرب، بما في ذلك زيادة النمو السكاني ومتوسط العمر المتوقع.
تأثير العقوبات على قطاعات الاقتصاد الروسي
واستناداً للقطاعات، يفصّل التقرير مدى تأثير العقوبات، ففي قطاع الزراعة يعتمد 99% من إنتاج الدواجن و30% من إنتاج أبقار هولشتاين على الواردات، كما يتمّ استيراد بذور المواد الغذائية الأساسية مثل بنجر السكر والبطاطس في الغالب من خارج البلاد، وكذلك علف الأسماك والأحماض الأمينية.
وفي قطاع الطيران، يتمّ نقل 95% من الركاب على متن طائرات أجنبية الصنع، وقد يؤدي عدم الوصول إلى قطع الغيار المستوردة إلى تقلص حجم الأسطول؛ نتيجة توقفه عن الخدمة.
أما في قطاع بناء الآلات، فإن 30% فقط من الأدوات الآلية روسية الصنع، ولا تملك الصناعة المحلية القدرة على تلبية الطلب المتزايد في المنتجات الصيدلانية، فيعتمد حوالي 80% من الإنتاج الوطني على المواد الخام المستوردة.
وتسببت قيود الاتحاد الأوروبي في مضاعفة تكاليف النقل البري ثلاث مرات.
وفي مجال الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، قد تترك القيود المفروضة على بطاقات SIM روسيا بدونها بحلول عام 2025، في حين أن قطاع الاتصالات مهدد بالتخلف خمس سنوات عن قادة العالم.