الكوليرا.. “الموت الأسود” يعود لسوريا بعد اختفاء 14 عاماً والوضع خارج السيطرة
وطن- رغم تطور وسائل الطب الحديث، والاعتقاد السائد بأنّ مرض “الكوليرا” بات جزءاً من الماضي، تداولت وسائل إعلام مختلفة أنباءً عن عودة شبح هذا المرض سيء الصيت إلى سوريا. مع الإعلان عن وجود وفيات ناجمة عن هذا المرض، في العديد من المدن والمناطق السورية.
وكانت سوريا سجّلت عامي 2008 و2009، آخر موجات تفشي المرض في محافظتي دير الزور والرقة، وفق منظمة الصحة العالمية.
مرض قاتل خلال ساعات
والكوليرا هي مرض بكتيري عادةً ما ينتشر عن طريق الماء الملوَّث، وتتسبَّب الكوليرا في الإصابة بإسهال وجفاف شديد. وإذا لم يتمّ علاجها، فإنها يمكن أن تكون قاتلة خلال ساعات، حتى لدى الأشخاص الذين كانوا أصِحَّاء سابقًا.
وتم استخدام مصطلح “الكوليرا الصيفية” في القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين، لوصف كل من الكوليرا غير الولائية، وغيرها من الأمراض المعدية المعوية الوبائية في بعض الأحيان، التي تشبه الكوليرا.
وهذا المصطلح ليس قيد الاستخدام حالياً، ولكنه وجد في العديد من المراجع القديمة. وحالياً تعرف الأمراض الأخرى إجمالاً باسم التهاب المعدة والمعى.
وفاة نحو مليون شخص
وشهِد العالم (7) مراحل من انتشار وباء الكوليرا على مدى نحو 150 عام، وقد ظهرت أول مراحل هذا الوباء فى روسيا عام 1817، وتسبّب فى وفاة نحو مليون شخص، وكان السبب الرئيس لانتشارِه هو اختلاط مياه الشرب بفضلات البشر.
احتمالية الانتشار لا تزال مرتفعة
وفي تعليق عن آخر مستجدات المرض في البلاد المنهكة جراء الحرب والفقر، قالت الدكتورة، إيمان الشنقيطي، ممثلة منظمة “الصحة العالمية” في سوريا، إنه وحتى يوم (13 سبتمبر) أكّدت وزارة الصحة تفشي “الكوليرا” في (5) محافظات سورية، وهذه المحافظات هي: حلب، اللاذقية، دمشق، دير الزور، الحسكة.
بينما تمّ الإبلاغ عن المزيد من الحالات المشتبه بها، في محافظات أخرى.
وقالت “الشنقيطي” في حديث لموقع “الحرة“: إن “احتمالية الانتشار لا تزال مرتفعة”.
وأضافت المسؤولة الأممية، أن “منظمة الصحة العالمية تعمل عن كثب مع وزارة الصحة والشركاء الصحيين الآخرين، لاحتواء الفاشية ومنع انتشار العدوى”.
من حلب إلى دير الزور
وخلال الأيام الماضية، انتشرت أنباءٌ عن إصابات ووفيات بمرض الكوليرا، إذ توفي شخصان خلال الساعات الماضية في حلب؛ إثرَ إصابتهما بالمرض سيء الصيت، فيما لا يزال أعداد المصابين بارتفاع مستمر.
وقال مدير صحة حلب في حكومة النظام، زياد حاج طه، إن “سبب وفاة حالتين، كونهما لشخصين متقدمين في السن، وفقدا كميات كبيرة من السوائل بعد تأخرهما عن مراجعة المشفى خمسة أيام، ما أدّى إلى جفاف كبير وقصور كلوي”.
أمراض اعتقد البشر أنهم تخلصوا منهم إلا أنها مازالت موجودة .. تعرف عليها
15 إصابة في حلب
وكانت وزارة الصحة في حكومة النظام أعلنت يوم، السبت الماضي، أنّ عدد المصابين بمرض “الكوليرا” في حلب بلغ 15 إصابة، لكنّ مصادر من المدينة أكدت أن العدد أضعاف ذلك.
وفي ريف دير الزور الغربي، الخاضع لسيطرة ميليشيا “قوات سوريا الديمقراطية” قسد، كشفت مصادر طبية أنّ عدد الوفيات نتيجة أعراض مشابهة لمرض “الكوليرا”، ارتفع إلى أربعة، فيما أصيب العشرات من سكان البلدات بالأعراض المرضية ذاتها.
وأكدت هذه المصادر، أن ذلك حدث خلال الساعات القليلة الماضية، مرجِعةً السبب بتفشي المرض في تلك المناطق لـ”تلوث مصادر المياه وفقدان مواد التعقيم”.
مصادر غير آمنة للمياه
وبعد حرب طاحنة مستمرة منذ آذار 2011، تشهد سوريا أزمة مياه حادة، على وقع تدمير البنية التحتية للمياه والصرف الصحي. وبات نحو نصف السكان يعتمدون على مصادر بديلة غالباً ما تكون غير آمنة لتلبية أو استكمال احتياجاتهم من المياه، بينما لا تتم معالجة سبعين في المئة على الأقل من مياه الصرف الصحي، وفق اليونيسيف.
وقالت المصادر الطبية: إن “مشفى بلدة الكسرة” بريف دير الزور الغربي سجّل، السبت، الماضي أيضاً حالتي وفاة وإصابة أكثر من 60 شخصاً بأعراض مطابقة لمرض الكوليرا”، حسبما نقل موقع “أثر برس” الموالي.
مصادر طبية لـ “أثر”: وفيات بمرض الكوليرا بريف دير الزور الغربي
وشدّدت على أنّه “تم تسجيل وفاتين وإصابة 60 شخصاً بمرض الكوليرا”، مشيرة إلى أن “العدوى تفّشت بسبب المياه غير صالحة الشرب، وانتشار النفايات في الأحياء والشوارع المؤهلة، وفقدان مواد تعقيم المياه لدى دوائر الإدارة الكردية”.
15 حالة في اللاذقية
ولم تسلَمْ مدينة اللاذقية الواقعة تحت سيطرة النظام، من المرض العائد ليضرب بقوة، فقد كشف مدير الإسعاف والطوارئ في وزارة الصحة التابعة للنظام “توفيق حسابا” لوسائل إعلام محلية، أنّ الحالات المصابة بالكوليرا سجّلت في اللاذقية وحلب، مشيراً إلى أنّه تمّ “أخذ ما يزيد عن 700 مسحة لمرض الكوليرا، و15 حالة تمّ إثبات إيجابيتها كما وردت على موقع وزارة الصحة”.
ولم تنف وزارة الصحة التابعة لنظام الأسد، وقوع عدد من الإصابات بالكوليرا، مشيرة في بيان لها إلى أن عدداً الإصابات المثبتة حتى الآن بالكوليرا 20 إصابة في حلب، و4 إصابات في اللاذقية، و2 إصابة في دمشق لشخصين قادمين من حلب؛ أحدهما مرافق مريض دون أعراض.
وأوضحت الوزارة، أنّ عدد الوفيات بسبب المرض 2 في حلب، بسبب تأخر طلب المشورة الطبية ووجود أمراض مزمنة مرافقة.
وأشارت الوزارة، إلى أنّها ستقوم بإصدار، ونشر تحديث عن الوضع الوبائي، عبر منصاتها الرسمية حول مرض الكوليرا كل 48 ساعة، لتسهيل الحصول على المعلومة من مصدرها المؤكد.
الترصد الوبائي للمرض
وأكدت الوزارة، أنها تقوم على مدار الساعة بالترصّد الوبائي للمرض، واتخاذ الإجراءات المناسبة لتطويقه بالتعاون مع الجهات المعنية مع التنويه بأن العلاج متوافر بكل أشكاله، وتم تعزيز وتزويد المشافي بمخزون إضافي من العلاج؛ تحسباً لأي زيادة في أعداد الحالات المحدودة حتى الآن.
وضع حد للكوليرا: خريطة طريق عالمية
وكانت حكومة الأسد أطلقت في عام 2017 إستراتيجية عالميةً بشأن مكافحة الكوليرا، بعنوان “وضع حد للكوليرا: خريطة طريق عالمية إلى عام 2030″، بهدف تخفيض الوفيات الناجمة عن الكوليرا بنسبة 90٪.
وبدورِها، اعترفت سلطات الأمر الواقع “قوات سوريا الديموقراطية”، المعروفة باسم “قسد”، بانتشار الكوليرا في مناطق سيطرتها.
ونقل موقع “فرات بوست” عن لجنة الصحة في مجلس دير الزور المدني، أمس الثلاثاء، أنّ العشرات من حالات المشتبه بإصابتها بمرض الكوليرا، تمّ تسجيلها في محافظة دير الزور، إضافة إلى تسجيل عدة وفيات.
وأعلنت اللجنة على لسان الرئيس المشترك محمد السالم، عن استقبال أكثر من 150 حالة، يُشتبه بإصابتها بمرض الكوليرا؛ حيث تمّ تشخيص الحالات واكتشاف عدة حالات إيجابية، في حين تمّ توثيق خمس وفيات في الكسرة، ومحيميدة، وخشام بريف دير الزور.
وقال السالم: إن أغلب الإصابات في ريف دير الزور الغربي، حيث يتم استقبال الحالات في مشفى الكسرة غرب دير الزور، وقد تمّ إعطاء أمر إلى لجنة الخدمات بتوزيع مادة “الكلور” على كافة مصافي المياه، للتخلص من تلوث مياه الشرب؛ أحد أهم أسباب تفشي المرض.