وطن- أثارت التوترات السياسية في السنوات الأخيرة بين المغرب والسعودية، الكثيرَ من الجدل لدى وسائل الإعلام وكذا المتابعين للشأن السياسي المغربي-السعودي.
محمد بن سلمان يتوسط لاطلاق سراح إبراهيم سعدون
لكن التحركات السعودية الأخيرة -بقيادة ولي العهد محمد بن سلمان– تشير على ما يبدو إلى انفراجة في الأزمة الصامتة منذ فترة بين الرياض والرباط، و إلى أن هذه التوترات قد شارفت على الانتهاء.
إلى ذلك أشارت “رويترز” في تقرير لها، الأربعاء، إلى تدخل ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، لدى السلطات الروسية، لأجل فك أسر معتقل مغربي في جمهورية دونيتسك الشعبية الواقعة على الأراضي الأوكرانية سابقاً، والموالية لـ روسيا حالياً.
أثارت تحركات “ابن سلمان” جدلاً واسعاً في الأوساط الإعلامية والسياسية المتابعة لـ مسار العلاقات بين كل من السعودية والمغرب.
الأزمة الصامتة بين المغرب والسعودية
وكانت عدة مصادر صحفية، لفتت إلى وجود نوع من “الأزمة الصامتة” بين البلدين، اندلعت منذ عام 2017، بدايةً من رفض المغرب مجاراةَ الحلف الخليجي في حصار قطر، وصولاً إلى انسحاب المملكة المغربية من التحالف العربي في اليمن؛ بحجة ابتعاد التحالف عن أهدافه الأساسية وتحوّله إلى آلة حرب تهدد حياة الأطفال اليمنيين.
ووصلت هذه الأزمة إلى ذروتها، مع استثناء المغرب من زيارة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، التي قام بها إلى شمال إفريقيا في 2019.
وكذلك ظهور وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة، على شاشة قناة “الجزيرة” القطرية، التي كانت وقتها بمثابة الخصم الأول لماكينات الإعلام السعودية والاماراتية.
جدير بالذكر في هذا السياق، أن تدخل محمد بن سلمان، من أجل فك أسر إبراهيم سعدون، بحسب محللين، لن يكون دون مقابل.
وقف إعدام المغربي إبراهيم سعدون.. هل يستجيب بوتين لرسالة أخيرة وصلتْه؟
خاصة وأنه يتزامن مع أنباء عن وجود “انتكاسة” تشهدها الدبلوماسية المغربية مؤخراً، على حساب نظيرتها الجزائرية.
انتكاسة، ربما تجد فيها المملكة الخليجية فرصة “لـإحياء تحالف قديم” مع المملكة المغربية.
وتساءل العديد من المتابعين للوضع السياسي، عمّا يوجد وراء الكواليس في هذا الأمر، وما الدافع وراء خطوة ابن سلمان تلك تجاه المغرب، الذي كان يعاديه بالأمس.
يأتي ذلك فضلاً عن تساؤلات أخرى بشأن المقابل الذي دفعه محمد بن سلمان، للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي يواجه أزمة كبيرة مع أوروبا وأمريكا، للقبول بهذه الوساطة، وإظاهر ولي العهد السعودي بدور “البطل المنقذ”.
ولفت البعض إلى أن التحالف بين المغرب والسعودية، يخدم في الوقت الحالي مصالح كلا الطرفين، خاصة مع ما تشهده العلاقات السعودية ومن ورائها مصر والامارات من توتر مع السلطات في الجزائر، بسبب العديد من القضايا.
يذكر هنا على وجه الخصوص، أن تدخل الحلف الخليجي المصري المذكور، في الشؤون الداخلية التونسية عبر دعم سياسات قيس سعيد الانقلابية، لم يعجب الأطراف الجزائرية؛ التي عبرت عن ذلك عديد المرات على لسان وزير الخارجية “رمطان لعمامرة”.
يأتي التقارب السعودي المغربي أيضاً، مع تواتر تقارير إعلامية تتحدث عن “تقارب جزائري إيراني”، تجلّى مؤخّراً في رغبة تبون -الرئيس الجزائري- “استدعاء سوريا”، لحضور القمة العربية القادمة في بلاده.
كما يشار إلى أن هناك تحركات سعودية، يقودها ولي العهد محمد بن سلمان، تهدف إلى “إعادة تأهيل” لـ شخصه بعد ما تعرض له من انتقادات كبيرة، عقب اتهامه بـ قتل الصحفي والناشط السعودي جمال خاشقجي، في سفارة بلده في تركيا عام 2018.
يشار في هذا السياق إلى أن الجزائر، تحتضن في الأول والثاني من نوفمبر المقبل، فعالياتِ القمة العربية، التي من المنتظر أن تطرح العديد من القضايا العربية الحارقة على طاولة النقاش.
ويبدو في ظلّ هذه التغيرات الكبيرة بالمنطقة العربية والعالم، أن أولويات الزعماء العرب وسياساتهم الداخلية والخارجية، ستهشد تغيرات كبيرة، لتتناسب مع الأوضاع الحالية المتأزمة على الساحة الدولية.
فعدو الأمس سيصبح صديق اليوم، كما حدث في الأزمة الخليجية التي انتهت بمصالحة العلا في الرياض.