وطن– خلص فريق للبحث إلى أن هناك ارتباطاً بين النمط الزمني للشخص -إن كان صباحيًا أو مسائيًا- وخطر الإصابة بمرض السكري من النوع 2 أو أمراض القلب. ويرجع ذلك إلى نمط الحياة الخامل، وقلة النشاط البدني، وحرق كميات أقل من الدهون للحصول على الطاقة، وهذا مما لا يساعد الجسم على إدارة سكر الدم بشكل جيد.
في الحقيقة، إن بعض الناس يحبون الاستيقاظ باكراً في الصباح، بينما يحبّذ البعض الآخر، الحياة الليلية، وهذا ما يسمى النمط الزمني الذي يتمّ تعديله بواسطة نظامنا اليومي، وهذا ما يُعرف باسم الساعة الداخلية أو البيولوجية الخاصة بكل شخص، بحسب ما أوضحته مجلة “فيمينا” الفرنسية.
الغذاء الخارق.. يهتم بالقلب والجلد ولا يحتوي على كولسترول
في هذا السياق، نُشرت دراسة في مجلة Experimental Physiology، وهي أول دراسة تبحث في العلاقة بين النمط الزمني والصحة، ولا سيما خطر الإصابة بمرض السكري أو أمراض القلب.
كشف مؤلفو هذه الدراسة البحثية، وهم أعضاء في جامعة روتجرز في نيوجيرسي، أن الأشخاص الذي يحبون الليل، قد يكونون أكثر عرضة للإصابة بأمراض القلب والسكري، من الأشخاص الذين يفضلون النشاط في الصباح، لأن أجسامهم أقل قدرة على حرق الدهون للحصول على الطاقة.
وعلى وجه التحديد، وجد الباحثون أن أولئك الذين يبقون مستقظين لوقت متأخر من الليل، لديهم قدرة منخفضة على استخدام الدهون للحصول على الطاقة، ما يعني أن الدهون يمكن أن تتراكم في الجسم، ويزيد هذا من خطر الإصابة بالنوع الثاني من مرض السكري وأمراض القلب والأوعية الدموية.
يتعلق الاختلاف الأيضي الرئيسي بين النوعين من الأشخاص، بقدرة كل مجموعة على استخدام الأنسولين (هرمون ينظم سكر الدم)، لتعزيز امتصاص الخلايا للجلوكوز في الجسم لتخزين واستخدام الطاقة.
يشير هذا إلى أن من يستيقظون مبكرًا، يعتمدون بشكل أكبر على الدهون للحصول على الطاقة، ويكونون أكثر نشاطًا خلال النهار مع مستويات أعلى لتخزين واستخدام الطاقة، مقارنة بـمحبّي الليل (الأشخاص الذين يفضلون ممارسة النشاط في وقت لاحق من النهار، ليلًا ونهارًا) الذين يكونون عادة أكثر خمولًا، كما أن مستويات اللياقة البدنية لديهم متدينة، ناهيك عن أنهم يحروق دهوناً أقل في أثناء الراحة والنشاط.
احذروا .. النوم بعد الأكل مباشرةً يسبّب هذه المشاكل الصحيّة
للوصول إلى هذا الاستنتاج، صنف الباحثون 51 مشاركًا إلى مجموعتين؛ بناءً على “النمط الزمني” -صباحًا أو مساءً-، وقبل استخدام اختبار تصوير متقدم لتقييم كتلة الجسم وتكوين الجسم لكل متطوع، أراد الباحثون التعرّف على حساسية كل واحد للأنسولين، و جمع عينات التنفس لقياس التمثيل الغذائي للدهون والكربوهيدرات.
الدهون والكربوهيدرات، وهما المصدران الرئيسيان لطاقة الجسم
تمت متابعة المشاركين لمدة أسبوع، لتقييم عاداتهم على مدار اليوم، حيث اتبعوا نظامًا غذائيًا يتحكم في السعرات الحرارية، وكان عليهم الصيام طوال الليل لتقليل تأثير النظام الغذائي على النتائج. لدراسة مستويات الطاقة، تم اختبارهم في أثناء الراحة، قبل إجراء جلستي تمرين لمدة 15 دقيقة: جلسة متوسطة الشدة، وجلسة عالية الكثافة على جهاز المشي.
كما تمّ اختبار مستويات اللياقة في التمرينات الهوائية، من خلال زيادة الانحدار في التمرينات بنسبة 2.5٪ كل دقيقتين حتى يصل المشارك إلى نقطة الإرهاق. وجد الباحثون أن الذين يستيقظون مبكرًا يحرقون المزيد من الدهون للحصول على الطاقة في أثناء الراحة والتمرين، مقارنةً بالناشطين في فترة الليل.
وبحسب ما ترجمته “وطن“، كانت لديهم حساسية أكثر للأنسولين، ما يعني أن أجسامهم لم تكن بحاجة إليه كثيرًا لتنظيم نسبة السكر في الدم. من ناحية أخرى، كانوا أكثر مقاومة لهذا الهرمون، وفضلت أجسامهم الكربوهيدرات على الدهون كمصدر للطاقة. إنها حالة تعني أن الجسم يحتاج إلى المزيد من الأنسولين لخفض نسبة السكر في الدم.
ما هو الطعام الصحي الأنسب لك.. الساخن أو البارد؟
ومع ذلك، فإن هذه الظاهرة خطيرة لأنها مرتبطة بزيادة خطر الإصابة بمرض السكري من النوع 2 أو أمراض القلب. بالإضافة إلى ذلك، يتميز مرض السكري من النوع 2 بزيادة نسبة السكر في الدم، وزيادة مقاومة الأنسولين. إنه الشكل الأكثر انتشارًا للمرض، ويصيب 300 مليون شخص في جميع أنحاء العالم، منهم 3 ملايين في فرنسا.
إنه رقم من المتوقّع أن يتضاعف في السنوات القادمة، مدفوعاً بتفشي وباء السمنة، واختفاء أنماط الحياة الصحية. بناءً على هذه النتيجة، يعتقد الباحثون أن سبب هذا الاختلاف الأيضي بين محبي الاستيقاظ باكرًا وعاشقي الليل، لا يزال غير معروف ويتطلب مزيدًا من البحوث.
لكن، إحدى التفسيرات المحتملة هو أن الأشخاص المحبين للّيل؛ من المرجح أن يعتادوا على ذلك، بسبب إيقاعهم اليومي، حيث إن لديهم جداول عمل معينة، بالإضافة إلى جداول المدرسة في الصباح و غيرها من الواجبات الحياتية الأخرى. الأشخاص الذين لا يتزامنون باستمرار مع ساعتهم البيولوجية الفطرية، إنهم في حالة اضطراب، ما يؤثر على عملية التمثيل الغذائي لديهم.
ما هي مخاطر مخاطر النوم في ساعات متأخرة من الليل؟
يشرح البروفيسور ستيفن مالين، المؤلف الرئيسي للدراسة: “يوضح هذا الاختلاف في التمثيل الغذائي للدهون أن إيقاع الساعة البيولوجية يمكن أن يؤثر على كيفية استخدام أجسامنا للأنسولين، فالقدرة على الاستجابة لهذا الهرمون لها آثار كبيرة على صحتنا؛ نظرًا لأن النمط الزمني لنوم الشخص يؤثر على التمثيل الغذائي”.
وبحسب الفريق العلمي، يمكن استخدام هذا الأمر، كعامل في حد ذاته، لمساعدة الأطباء على التعرف بسرعة على المرضى الأكثر عرضة للإصابة بمرض السكري من النوع 2 أو أمراض القلب والأوعية الدموية.
هذا وخلص البروفيسور ستيفن مالين، إلى أن الذين يستيقظون مبكرًا هم أكثر نشاطًا بدنيًا، ولديهم مستويات لياقة بدنية أعلى من الأشخاص الليليين. لذلك، هناك حاجة إلى مزيد من البحث لفحص العلاقة بين النمط الزمني والتمارين البدنية المنتظمة والتكيف الأيضي، لتحديد ما إذا كانت ممارسة الرياضة في وقت مبكر من اليوم لها فوائد صحية أكبر.
من جانبها، قالت الدكتورة فيليس زي، مديرة مركز طب النوم والطب في جامعة نورث وسترن في كلية فينبرغ للطب: “تضاف الدراسة إلى ما كنا نعرفه بالفعل، حيث هناك أدلة جيدة على أن النوم في ساعات متأخرة من الليل ترتبط بزيادة مخاطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية والتمثيل الغذائي”.
وختامًا، إن قلة النوم واختلال الساعة البيولوجية، وتناول الطعام في وقت لاحق من اليوم، والتعرض لضوء أقل في الصباح، والمزيد من ضوء المساء، كلها عوامل يمكن أن تؤثر على حساسية الأنسولين. كما ثبت أن العوامل الوراثية، جنبًا إلى جنب مع اتباع نظام غذائي غني بالدهون والسكر وقلة ممارسة الرياضة، يمكن أن تساهم أيضًا في ظهور مرض السكري من النوع 2.
ولقد أظهرت العديد من الدراسات بالفعل، أن الاضطرابات التي تؤثر على مدة وجودة النوم؛ هي عوامل خطورة عالية، ومثال ذلك: عمال الورديات، الذين يعتبرون أكثر عرضة للإصابة بهذه الأمراض. لكن تجدر الإشارة إلى أن القليل من الأبحاث، التي درست الآلية التي تربط الساعة البيولوجية بمرض السكري.