وطن– كشفت شبكة “سي أن أن” الامريكية نقلاً عن مصادر متعددة مطلعة على الأمر، أن إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن أطلقت حملة ضغط واسعة النطاق، في محاولة أخيرة لثني حلفاء الشرق الأوسط عن خفض إنتاج النفط بشكل كبير.
ووفقاً للشبكة الامريكية، تأتي هذه الحملة قبل الاجتماع الحاسم (لأوبك+)، المنظمة الدولية لمنتجي النفط، والتي من المتوقع على نطاق واسع أن تعلن عن خفض كبير للإنتاج في محاولة لرفع أسعار النفط. وهذا بدوره سيؤدي إلى ارتفاع أسعار البنزين في الولايات المتحدة، في وقت غير مستقر بالنسبة لإدارة بايدن، قبل خمسة أسابيع فقط من انتخابات التجديد النصفي.
ضغط أمريكي كبير لمنع خفض إنتاج النفط
وقالت الشبكة في تقرير لها، إنه خلال الأيام العديدة الماضية، تم تجنيد كبار مسؤولي الطاقة والاقتصاد والسياسة الخارجية في حكومة الرئيس جو بايدن، للضغط على نظرائهم الأجانب في دول الشرق الأوسط الحليفة، بما في ذلك الكويت والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، للتصويت ضد خفض إنتاج النفط.
من المتوقّع أن يعلن أعضاء كارتل النفط الذي تقوده السعودية وحلفاؤها -بما في ذلك روسيا- المعروفة باسم (أوبك+)، عن تخفيضات في الإنتاج قد تصل إلى أكثر من مليون برميل يوميًا، وهو ما سيكون أكبر خفض منذ بداية الوباء، ويمكن أن يؤدي إلى ارتفاع كبير في أسعار النفط.
خفض الإنتاج سيكون بمثابة كارثة لواشنطن
وكشفت الشبكة الأمريكية أن بعض مسودة نقاط الحوار التي وزّعها البيت الأبيض على وزارة الخزانة يوم الاثنين، والتي حصلت عليها “سي أن أن”، صاغت احتمالية خفض الإنتاج على أنها “كارثة كاملة”، وحذرت من أنه يمكن اعتباره “عملًا عدائيًا”.
وقال مسؤول أمريكي عمّا تمّ تأطيره، على أنه جهد إداري واسع من المتوقّع أن يستمر في الفترة التي تسبق اجتماع (أوبك+) يوم الأربعاء، “من المهم أن يدرك الجميع مدى خطورة المخاطر”.
وقال مسؤول أمريكي آخر، إن البيت الأبيض “يعاني من حالة من الذعر والهلع”، واصفًا جهود الإدارة الأخيرة بأنها “خلع القفازات”. ووفقًا لمسؤول في البيت الأبيض، فقد تمّ صياغة نقاط الحوار وتبادلها من قبل الموظفين، ولم تتم الموافقة عليها من قبل قيادة البيت الأبيض، أو استخدامها مع شركاء أجانب.
وفي تصريح للشبكة، قال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي أدريان واتسون: “لقد أوضحنا أن إمدادات الطاقة يجب أن تلبي الطلب لدعم النمو الاقتصادي، وخفض الأسعار للمستهلكين في جميع أنحاء العالم، وسنواصل التحدث مع شركائنا حول ذلك”.
واعتبر التقرير أنّ توقيت الخفض المحتمَل جاء في وقت سيء بالنسبة لـ”بايدن”، حيث انخرطت الإدارة منذ شهور في جهود مكثفة في السياسة الداخلية والخارجية، للتخفيف من ارتفاع أسعار الطاقة في أعقاب الغزو الروسي لأوكرانيا. وبدا أن هذا العمل يؤتي ثماره، حيث انخفضت أسعار البنزين في الولايات المتحدة لما يقرب من 100 يوم على التوالي.
ولكن مع بقاء شهر واحد فقط قبل الانتخابات النصفية الحاسمة، بدأت أسعار البنزين في الولايات المتحدة في الارتفاع مرة أخرى، مما يشكّل خطرًا سياسيًا يحاول البيت الأبيض بشدة تجنّبه. نظرًا لتحرك المسؤولين الأمريكيين لقياس الخيارات المحلية المحتملة لتجنب الزيادات التدريجية على مدار الأسابيع العديدة الماضية، فإن أخبار إجراء (أوبك+) الرئيسي تمثل تحديًا حادًا بشكل خاص.
كل الأيدي على سطح السفينة
بحسب التقرير، فقد لعب عاموس هوشستين، كبير مبعوثي الطاقة لبايدن، دورًا رائدًا في جهود الضغط، والتي كانت أكثر شمولاً بكثير مما ورد سابقًا، وسط قلق شديد في البيت الأبيض بشأن الخفض المحتمل.
وأشار الموقع إلى أن هوشستين، مع كبير مسؤولي الأمن القومي “بريت ماكغورك” والمبعوث الخاص للإدارة إلى اليمن “تيم ليندركينغ”، سافروا إلى جدة أواخر الشهر الماضي، لمناقشة مجموعة من قضايا الطاقة والأمن كمتابعة لزيارة بايدن رفيعةِ المستوى إلى المملكة العربية السعودية، في يوليو.
وأكد التقرير على أن البيت الأبيض طلب من وزيرة الخزانة جانيت يلين عرضَ القضية شخصيًا على بعض وزراء مالية دول الخليج، بما في ذلك الكويت والإمارات العربية المتحدة، ومحاولة إقناعهم بأن خفض الإنتاج سيكون ضارًا للغاية بالاقتصاد العالمي.
اقترحت مسودة نقاط الحوار في البيت الأبيض أن تتواصل يلين مع نظرائها الأجانب: “هناك خطر سياسي كبير على سمعتك وعلاقاتك مع الولايات المتحدة والغرب إذا تقدمت إلى الأمام”.
واعترف مسؤول أمريكي كبير بأنّ الإدارة تضغط على التحالف الذي تقوده السعودية منذ أسابيع، لمحاولة إقناعهم بعدم خفض إنتاج النفط.
مساعٍ لمحاكمة السعودية
يأتي ذلك بعد أقل من ثلاثة أشهر من سفر الرئيس جو بايدن إلى المملكة العربية السعودية، ولقائه مع ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، في رحلة كانت مدفوعة جزئيًا بالرغبة في إقناع المملكة العربية السعودية (الزعيم الفعلي لمنظمة أوبك) بزيادة إنتاجها النفطي.
انتقادات لنتائج زيارة بايدن إلى السعودية
وعندما اتفقت (أوبك+) بعد أسابيع قليلة على زيادة متواضعة في الإنتاج تبلغ 100 ألف برميل، جادل النقاد بأن بايدن لم يخرج كثيرًا من الرحلة.
ووصفت الرحلة بأنها اجتماع مع زعماء المنطقة حول القضايا الحاسمة للأمن القومي للولايات المتحدة، بما في ذلك إيران وإسرائيل واليمن، وقد تمّ انتقادها بسبب افتقارها إلى النتائج، وإعادة تأهيل صورة ولي العهد الذي ألقى بايدن باللوم عليه -بشكل مباشر- في تنظيم مقتل كاتب العمود في صحيفة واشنطن بوست “جمال خاشقجي”.
مسؤول يصف مساعي واشنطن لمنع تخفيض انتاج النفط باليائسة
ووصف أحد المسؤولين الدبلوماسيين في المنطقة الحملةَ الأمريكية لمنع تخفيضات الإنتاج، بأنها أقل صعوبة، وأكثر من محاولة للتأكيد على لحظة دولية حاسمة، بالنظر إلى الهشاشة الاقتصادية والحرب المستمرة في أوكرانيا. على الرغم من أن مصدرًا آخر مطلعًا على المناقشات قال لشبكة CNN، فقد وصفها دبلوماسي من إحدى الدول التي تم التعامل معها بأنها “يائسة”.
وفي هذا السياق، قال مصدر مطلع على التوعية، إنه تم التخطيط لإجراء مكالمة مع الإمارات، لكن الكويت رفضت هذا الجهد. ولم تردّ سفارة الكويت في واشنطن على الفور على طلب للتعليق، ولا المملكة العربية السعودية. وامتنعت سفارة الإمارات عن التعليق.
وتضمنت نقاط حديث البيت الأبيض إلى وزارة الخزانة اقتراحًا أمريكيًا، مفاده أنه إذا قررت منظمة (أوبك+) الخفض هذا الأسبوع، فستعلن الولايات المتحدة إعادة شراء ما يصل إلى 200 مليون برميل، لإعادة ملء احتياطيها البترولي الإستراتيجي (SPR)، وهو مخزون طارئ من النفط.
وقال المسؤول الأمريكي الكبير، إن الإدارة أوضحت لأوبك+ منذ شهور، أن الولايات المتحدة مستعدة لشراء نفط أوبك لتجديد احتياطي البترول الإستراتيجي. وقال المسؤول إن الفكرة كانت إبلاغ أوبك + بأن الولايات المتحدة “لن تتركهم معلقين”، إذا استثمروا الأموال في الإنتاج، وبالتالي، فإن الأسعار لن تنهار إذا انخفض الطلب العالمي.