من كتاب الدم والنفط.. هكذا صفع الملك سلمان خالد التويجري عند وفاة الملك عبد الله

وطن – روى كتاب “الدم والنفط” الذي دونه الكاتبان الأمريكيان برادلي هوب وجاستن شيك، تفاصيل ساخنة عن واقعة صفع العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز، لخالد التويجري رئيس الديوان الملكي السعودي السابق، عند وفاة الملك عبد الله بن العزيز.

يقول الكتاب، إنه في معظم فترة حكم الملك عبد الله لم يكن هناك سبب يدعو التويجري أو أبنائه لاعتبارهم بمثابة تهديد، فقد كانوا بعيدين عن خط الخلافة، ثم توفي أحد هذين الأخوين (الأكبر سنا) في 2011 والآخر في 2012.

ويضيف أن الملك عبد الله عين ولي عهد جديدا بنفسه بدلا من أن يكون هناك دور لهيئة البيعة، وعندما توفي شقيقه الثاني عين الملك عبد الله “سلمان” وليا للعهد، وعين شقيقه الأصغر “مقرن” نائبا لولي العهد.

التويجري يخلق مسافة بين الملك وولي العهد

ومع ضعف الملك عبد الله، حاول التويجري خلق مسافة بين الملك وولي العهد، وكان لا يزال يأمل أن يكون عبد الله منفحتا على تنحية سلمان جانبا، ومنع التويجري سلمان وأبناءه في بعض الأحيان من استخدام الطائرة الملكية، وعندما دعا سلمان لترتيب اجتماع أخبره رئيس الديوان أن الملك عبد الله مشغول للغاية.

بعد أشهر من ذلك، أدرك سلمان ما كان يحدث عندما رأى عبد الله في مناسبة عائلية، فسأله الملك عبد الله: “لماذا لا تأتي لرؤيتي منذ فترة.. أنت أحد إخوتي المفضلين”.

سلمان يقرأ اللعبة

فهم سلمان أن التويجري كان يحاول تهميشه، لا سيّما أن الأخير أنشأ شبكة شائعات لنشر فكرة أن سلمان يعاني من الخرف، في محاولة لتسريع خط الخلافة، وسعى للحصول على موافقة من أفراد العائلة المالكة المؤثرين الآخرين لتنفيذ ما يمكن أن يكون آخر إصلاح عظيم للملك عبد الله، وهو تمرير التاج إلى الجيل التالي، وربما يمكن وضع أحد أبناء عبد الله (متعب أو تركي) في خط الخلافة كنائب لولي العهد حتى يصبح ملكا ذات يوم، أو ربما يساعد منح محمد بن نايف (رئيس الأمن الداخلي آنذاك) الذي تمتع بعلاقات وطيدة مع وكالات المخابرات المركزية ووزارة الخارجية الأمريكية، مكانا في خط الخلافة.

سيطر محمد بن نايف على وزارة الداخلية السعودية القوية، ومع سيطرة أبناء الملك عبد الله على الحرس الوطني – القوة البدوية التقليدية التي كانت تحمي العائلة المالكة، فإن الاتحاد بين الفرعين ستكون له سيطرة واضحة على الجيش.

ولكي تنجح الخطة، كان على التويجري إنهاء الترتيبات بين العائلة قبل أن يتدخل “سلمان”، وأفضل طريقة للقيام بذلك هي التأكد من وفاة الملك عبد الله في الصحراء دون وجود بقية أفراد الأسرة، ومن شأن ذلك أن يمنح التويجري وقتا (لعدة ساعات وربما أيام) للاصطفاف لدعم الخطة والتأكد من أن سلمان لن يضع أحد أبنائه في منصب رفيع.

إخفاء الحقيقة عن سلمان

ومع تزايد صعوبة تنفس الملك عبد الله، أصدر التويجري أمرا بعدم إبلاغ الملك سلمان بتفاصيل حالة الملك عبد الله، وكان أبناء الأخير متوترين لكنهم أيدوا المخطط، لأنهم اعتقدوا أنهم لائقون للحكم.

قبل المرض الأخير للملك عبد الله، أبلغ نجله متعب السفير الأمريكي أنه يتوقع أن يرشح نفسه للفوز بالمنصب، وسرعان ما علم التويجري أن المشكلة في مؤامرته هي أن فريقه تسبب في تسريب الخطة، فجمع محمد بن سلمان مجموعة من الموظفين المخلصين والفاعلين الذين يمكنهم جمع المعلومات من داخل العائلة المالكة وخارجها، ونبهوا محمد بن سلمان بشأن حالة الملك وتأكد هو بدوره، من كبار آل سعود الآخرين.

صُدمت الأسرة الأوسع، من تدهور صحة الملك دون معرفتها، حتى أولئك الذين عرفوا بتفاصيل إصابته بالسرطان لم يُدركوا مدى اقترابه من الموت، وضغطوا على التويجري لنقل الملك عبد الله من معتكف الصحراء إلى مستشفى في الرياض، يديره الحرس الوطني.

تمت هذه الخطوة تحت جنح الليل، وطرد المستشفى أي شخص قد يسرب أنباء وفاة الملك الوشيكة، وقال أحد الأطباء المندهشون لأصدقائه أنه تسلق السياج وتسلل من الباب الخلفي للاطمئنان على المرضى.

وجرت العادة أن تحظى السرية بأهمية بالغة والتزام من الجميع عند انتقال السلطة في السعودية لإعطاء السكان انطباعا خاطئا عن انتقال سلس وحتمي، لكن تسريب الأمر من قبل محمد بن سلمان أنهى محاولة جماعة الملك عبد الله والتويجري الذين تخلوا عن الاحتفاظ بالتاج، وأفضل ما يمكن أن يأملوه هو التأكد من أنه إذا تولى سلمان السلطة فإن التالي في ترتيب السلطة هو شخص ليس لديه عداء تجاه أبناء عبد الله.

محمد بن سلمان.. عديم الخبرة وجشع ومتوحش

ربما كان الأهم من أي شيء آخر هو التأكد من أن سلمان لن يضع ابنه محمد في خط الخلافة، ونشروا قصصا عن افتقار الأمير الشاب للخبرة والطريقة الوحشية لإنجازه الأمور والجشع الذي عُرف به.

ظل الوضع غير مستقر لعدة أيام، ونصب الديوان الملكي خيمة خارج المستشفى لاستضافة الأصدقاء والأقارب الذين يزورون الملك المحتضر، وتجمع الآلاف أغلبهم من الفقراء، يصلون طوال الليل، وظل المسؤولون في السفارة الأمريكية يسمعون أن مجلس الأمراء لتحديد خليفة الملك عبد الله، لكنهم لا يستطيعون تحديد التوقيت بدقة.

توقف معظم الزوار في الخيمة للجلوس مع متعب أو تركي أو أحد أبناء الملك عبد الله آخرين، وسُمح فقط للمقربين من الملك بالدخول، حيث كان عبد الله في غرفة بالطابق الأول.

سار الزوار في ممر تبلغ مساحته 100 ياردة مرورا بغرف المرضى الآخرين إلى نافذة زجاجية على ارتفاع 7 أقدام، وخلفها كانت الغرفة التي كان الملك يحتضر فيها.

الكذب على محمد بن سلمان

بعد أيام عدة من إقامة عبد الله في المستشفى، اتصل محمد بعمه، فرد التويجري قائلا “لا تقلق حالته مستقرة”، بدا الأمر غير معقول، فقبل يومين فقط وصلت إحدى بنات الملك الأكبر سنا لرؤية والدها من خلال النافذة وشاهدته وقد وُضعت قطعة قماش خضراء على جبهته ولا توجد علامات واضحة على التنفس.

بدا الملك صغيرا جدا بالنسبة لها، وبدا بشكل كبير ميتا، وبعد فترة وجيزة تلقى محمد بن سلمان مكالمة تفيد بأن الملك عبد الله توفي، فسارع مع والده في قافلة سيارات وأسرع إلى مستشفى الحرس الوطني، ووجدوا التويجري منتظرا هناك.

صفعة اخترقت الجدران

أخذ سلمان كفايته من الرجل، فضربه على وجهه بصفعة ترددت عبر ممر المستشفى بصوت عال، بما يكفي لسماعها عبر الحائط في غرفة الانتظار، وعرف التويجري حينها أنه راهن بشدة على محاولة تهميش سلمان وخسر كل شيء.

بصفعة على الوجه، أعلن الملك الجديد وابنه الصغير بجانبه، عن بداية عهد جديد لا مثيل له، لان المملكة كانت عبارة عن خليط من الإقطاعيات تداهم بعضها البعض للحصول على الجمال والطعام والذهب.

استغرق انتشار نبأ وفاة الملك عبد الله بضعة أيام، ويرجع الفضل في ذلك جزئيا إلى احترام الصحفيين المحليين لطلبات الديوان الملكي، وبعيدا عن أنظار الجمهور قام سلمان على الفور بإبعاد التويجري عن منصبه كسكرتير لهيئة البيعة وطرده من الديوان الملكي رغم أنه احتفظ بالعديد من المسؤولين الآخرين في وظائفهم.

وكرئيس لديوان والده، توغل محمد بن سلمان في المداولات والتخطيط عندما كان والده متعبا أو احتاج إلى الاستراحة كان محمد يعمل طوال الليل وعقد اجتماعات وأجرى مكالمات، ولم يكن هناك شكٌ في أن هذه كانت لحظة محمد بقدر ما كانت لحظة والده المسن.

عندما جاء الإعلان، عين سلمان أخيه غير الشقيق “مقرن” وليا للعهد، وابن أخيه محمد بن نايف نائب لولي العهد، وبدت هذه خيارات مدروسة تهدف إلى طمأنة الأسرة الأوسع وزعماء القبائل الذين كانوا يملكون السلطة على مناطق سيطرة صغيرة في جميع أنحاء البلاد، بأن الأمور تسير كالمعتاد.

خلال المراسم، فإن محمد بن سلمان الذي عين وزيرا للدفاع، لكنه ظل خارج خط الخلافة المباشر، رجع أمام أقاربه الأكبر سنا احتراما لهم حتى عندما كان يبدأ سلسلة من الخطط الطموحة.

شعر الأفراد الأكثر ليبرالية بالقلق من أن حقبة أخرى من المستنقع في السعودية كانت وشيكة، فالكلمة التي احتفظ بها الدبلوماسيون لوصف وتيرة التغيير في المملكة لمدة نصف قرن كانت بسرعة العصور الجليدية، ولم يعلموا أن البلاد كانت على وشك الشروع في ثورة.

قد يهمك أيضاً

تعليقات

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

تابعنا

الأحدث