وطن- كشفت صحيفة “نيويورك تايمز New York Times” الأمريكية، ما قالت إنّها فضيحة جديدة لنظام ولي العهد السعودي والحاكم الفعلي للمملكة الأمير محمد بن سلمان.
وتمثّلت هذه الفضيحة في دفع 125 ألف دولار شهريًا (منذ 2020) إلى “LS2group”، وهو لوبي ضغط في ولاية أيوا الأمريكية، لتلميع صورة نظام ابن سلمان، من خلال برامج الراديو المحلية، والمقالات الأكاديمية، والغسيل الرياضي، وفقًا لملفات وزارة العدل.
واحدة من أكبر الدول التي تنفق على الضغط الأمريكي
وقالت الصحيفة في تقرير كتبته “هيروكو تابوتشي”، إن المصالح السعودية أنفقت ما يقرب من 140 مليون دولار منذ عام 2016، على جماعات الضغط وآخرين للتأثير على السياسة الأمريكية والرأي العام. مما يجعلها واحدة من أكبر الدول التي تنفق على الضغط الأمريكي، وفقًا لما كشف عنه مركز السياسة المستجيبة لوزارة العدل.
حركات محمد بن سلمان اللاإرادية تحرجه في الدوحة أمام تبون (شاهد)
وجاء ذلك بهدف تعزيز الصورة العامة للمملكة، لا سيما بعد مقتل الصحفي جمال خاشقجي في عام 2018 على يد عملاء سعوديين. لكنّ الجهود السعودية امتدت أيضًا إلى بناء تحالفات في دول حزام الذرة الأمريكية، التي تنتج الإيثانول، (وهو منتج تهدده السيارات الكهربائية أيضًا).
وأشار التقرير إلى أنّ السعوديين عملوا -خلفَ الأبواب المغلقة في محادثات المناخ العالمية- على عرقلة العمل والبحوث المناخية، ولا سيما الاعتراض على الدعوات إلى التخلّص التدريجي السريع من الوقود الأحفوري في مارس.
وفي اجتماع للأمم المتحدة مع علماء المناخ، ضغطت المملكة العربية السعودية، بجانب روسيا من أجل حذف إشارة إلى “تغير المناخ بفعل الإنسان” من وثيقة رسمية، في دحضٍ للحقيقة المثبتة علميًا، بأنّ حرق الوقود الأحفوري من قبل البشر هو المحرك الرئيسي لأزمة المناخ.
فوضى في أسواق النفط
وعلّق “أمين ناصر” الرئيس التنفيذي لشركة أرامكو السعودية، على الرغبة في التخلي عن الاستثمار في الهيدروكربونات، بأنّ مثل هذه الخطوة لن تؤديَ إلا إلى إحداث فوضى في أسواق النفط. وقال إن التهديد الأكبر كان “نقص الاستثمار في النفط والغاز”.
وقالت وزارة الطاقة السعودية في بيان، إنها تتوقع أن تظل الهيدروكربونات، مثل: النفط، والغاز، والفحم، “جزءًا أساسيًا من مزيج الطاقة العالمي لعقود”، ولكن في الوقت نفسه، قامت المملكة “باستثمارات كبيرة في تدابير لمكافحة تغير المناخ”.
وأضاف البيان: “بعيدًا عن عرقلة التقدم في محادثات تغير المناخ، لعبت المملكة العربية السعودية منذ فترة طويلة دورًا رئيسيًا” في المفاوضات، وكذلك في مجموعات صناعة النفط والغاز التي تعمل على خفض الانبعاثات.
اتفاقية باريس للمناخ
ومضى التقرير مشيراً إلى ما قالته السعودية، من أنها تدعم اتفاقية باريس للمناخ، والتي تهدف إلى منع ارتفاع درجات الحرارة العالمية بمقدار 1.5 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الصناعة، وتعتزم توليد نصف الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة بحلول عام 2030.
وتخطّط المملكة أيضًا لزراعة 10 مليارات شجرة في المستقبل. عقودًا، وتقوم ببناء نيوم، وهي مدينة مستقبلية خالية من الكربون، تتميز بالنقل العام السريع، والمزارع العمودية، ومنتجع التزلج.
ولفت التقرير إلى أنّ السعودية تتحوّط في رهاناتها. إذ استثمرت الحكومة في Lucid، (شركة السيارات الكهربائية الأمريكية)، وقالت مؤخرًا، إنها ستشكل شركتها الخاصة للسيارات الكهربائية، Ceer. تستثمر في الهيدروجين، وهو بديل أنظف للنفط والغاز.
ومع ذلك، كان التحوّل الأخضر في المنزل بطيئًا. لا تزال المملكة تولّد أقلَّ من 1٪ من طاقتها الكهربائية من مصادر الطاقة المتجددة، وليس من الواضح كيف تخطّط لزراعة مليارات الأشجار في واحدة من أكثر مناطق العالم جفافاً.
طوال الوقت، أصبح من الصعب تجاهل تهديد المناخ. وقال باحثون العامَ الماضي، بالمعدلات الحالية، إن بقاء الإنسان في المنطقة سيكون مستحيلًا دون الوصول المستمر إلى مكيفات الهواء.
ومن بين الباحثين في مركز الملك عبد الله للدراسات والبحوث البترولية، وهو مجمع يشبه محطة فضائية مدعوم بـ 20.000 لوحة شمسية، حيث تركز المناقشة على مشاريع الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، أو تقنيات مثل التقاط الكربون، فإن المقايضة الفورية أكثر وضوحًا.
وكالة ضغط في ولاية أيوا
وكشف التقرير، أنه في أوائل عام 2020، تلقّى “روب بورت”، الذي يستضيف بودكاست “حديثاً عاديّاً”، مكالمة من أشخاص يمثلون السفارة السعودية، سألوه إن كان مهتماً بمقابلة متحدث سعودي عن أسواق النفط.
وجاءت المكالمة -بحسب المصدر- من “دان ليدرمان” التابعة لمجموعة (LS2)، وهي وكالة ضغط في ولاية أيوا عملت أيضًا مع مجموعات الزراعة والإيثانول، وهي أيضاً واحدة من شركات الضغط القليلة التي تمسّكت بالسعوديين، بينما قطع آخرون العلاقات بعد مقتل خاشقجي.
وفي مايو من ذلك العام، ظهر المتحدث باسم السفارة السعودية “فهد ناظر” في البودكاست الخاص بالسيد بورت، يقول إن المصالح مشتركة، ولا سيما الاهتمام “بسوق نفط عالمي مزدهر”.
محمد بن سلمان يسجد شكرا لله بعد فوز السعودية على الأرجنتين (شاهد)
وكان هذا التواصل جزءًا من جهد كبير قامت به (LS2group)، نيابةً عن المملكة، والتي وصلت إلى ولايات بما في ذلك (داكوتا وتكساس وأيوا وأوهايو)، مقابلَ أكثر من 125000 دولار شهريًا.
جهد استمر لسنوات
واستهدفت (LS2group) مضيفي الراديو المحليين والأكاديميين ومخططي الأحداث ومسؤولي الصناعة الرياضية، ولاعب كرة قدم سابقاً ومالك نادي التزلج والتزحلق على الجليد، وفقًا لملفات وزارة العدل.
كان التدخل السعودي هو أحدث مثال على ما وصفه المفاوضون الآخرون، بأنه جهد استمرّ سنواتٍ لإبطاء التقدّم من خلال التركيز على الشكوك العلمية، والتقليل من العواقب، والتأكيد على تكاليف العمل المناخي، وتأخير المفاوضات بشأن النقاط الإجرائية فيما يتعلق بموضوع الطاقة البديلة، والاستغناء التدريجي عن النفط، وهو ما لا يروق لابن سلمان.