صحيفة تفضح “صفقة قذرة” منحت ملك السعودية المرتقب الحصانة
شارك الموضوع:
وطن- هاجمت صحيفة “سبكاتاتور” البريطانية، ما وصفتْه بصفقة الحصانة التي تحصّل عليها ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، من أمريكا مشيرةً إلى أن “هناك شيئاً قذراً وعديم الروح في منح ابن سلمان حصانة قانونية، وعدم فرض عقوبات عليه بسبب دوره في اغتيال خاشقجي”.
منح محمد بن سلمان الحصانة في مقتل خاشقجي
يُذكر أنّ وزارة الخارجية الأمريكية قد أعلنت، الخميسَ الماضي، أنّ ولي العهد السعودي يتمتع بـ”الحصانة السيادية” في محاكمته أمام القضاء الأميركي بقضية قتل الصحافي جمال خاشقجي في أكتوبر عام 2018، داخل قنصلية المملكة بإسطنبول.
وفي هذا السياق، تقول “سبكاتاتور“: إنه “بالنسبة للرئيس الأمريكي جو بايدن، فإن السعودية هي المشكلة التي لا تزول أبدًا”.
وتشير إلى أنّ مسار دفاع الإدارة الأمريكية عن ولي العهد، ومن معه في قضية مقتل “خاشقجي” تنقسم إلى مرحلتين.
خاشقجي يطارد محمد بن سلمان حيا وميتا.. تفعيل شكوى ضده في فرنسا ولا حصانة له
ففي مرحلة أولى، “جاء قرارها بالامتناع عن فرض عقوبات على الأمير (MBS) في أعقاب اختطاف وقتل كاتب العمود في صحيفة واشنطن بوست جمال خاشقجي، وهو الذي كان في فترة ما أحد المُقربين السابقين من آل سعود، العائلة المالكة، ولكنه أصبح بعد ذلك، من أشد منتقديها”.
وفي مرحلة ثانية، “جاء قرار بفرض قيود للسفر على 76 مسؤولاً سعودياً آخرين وفرضت عقوبات على نخبة المخابرات السعودية التي نفذت عملية قتل خاشقجي”.
وكشفت الصحفية عمّا يُشبه “ضريبة الحضانة”، التي دفعها ابن سلمان إلى الإدارة الأمريكية.
وتشير إلى أنّه “في نوفمبر 2021 أخطر البيت الأبيض الكونغرس، بأول صفقة أسلحة مع المملكة، وهي صفقة بيع صواريخ بقيمة 650 مليون دولار تسببت في موجة من الانتقادات لدى بعض أعضاء الحزب الديمقراطي، حزب الرئيس الحالي جو بايدن”.
وعقب ذلك، جاءت زيارة بايدن المثيرة للجدل إلى المملكة هذا الصيف، التي كانت تهدف لتهدئة الأجواء مع ولي العهد السعودي.
لكنها على العكس من ذلك، تسبّبت، بعد أقل من 3 أشهر في ضغط الرياض على منظمة “أوبك+”، من أجل خفض إنتاج النفط بمقدار مليوني برميل يوميًا.
مقتل جمال خاشقجي
والخميس الماضي، يأتي تطور آخر مرتبط مرة أخرى بقضية خاشقجي.
حيث إنه بعد أكثر من عامين من قيام خطيبة الصحفي، خديجة جنكيز، بمقاضاة ولي العهد السعودي في محكمة جزئية أمريكية، بسبب أضرار غير محددة، لم تُبدِ الولايات المتحدة أي اهتمام بقضيتها.
وقالت وزارة الخارجية الأميركية للمحكمة المتعهدة بالقضية، “إنه بسبب مبادئ حصانة رئيس الدولة، يحق لمحمد بن سلمان الحماية من الدعوى”، بحسب ماكشفت عنه صحيفة “نيو يورك تايمز“.
تقول “سبكاتاتور”: “رغم أن محمد بن سلمان لم يصبح ملكًا بعد، إلا أنه مع ذلك يدير الحكومة السعودية تحت وصاية والده الملك سلمان بن عبد العزيز، الذي قام بترقيته إلى منصب رئيس الوزراء في سبتمبر الماضي”.
وتشير إلى أنه “هناك احتمال قوي أن الملك سلمان، قد قام فعل ذلك على وجه التحديد لحماية ابنه المفضل من التداعيات المحتملة على قضية خاشقجي”.
في حين أن للقاضي الكلمة الأخيرة بشأن منح طلب الحصانة بالأساس، في الولايات المتحدة الأمريكية، فإن السلطة القضائية تحترم بشدة السلطة التنفيذية في مسائل السياسة الخارجية والأمن القومي.
وفي الواقع، هذه ليست المرة الأولى التي يُطلب فيها من قضاة المحكمة الجزئية الأمريكية الحكم على طلب حصانة لرئيس دولة أو حكومة أجنبية.
عندما تمت مقاضاة “جوزيف كابيلا”، رئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية، بتهمة ضرب مجموعة من النشطاء أمام فندق بواشنطن العاصمة خلال رحلة رسمية، رفض قاض آخر في محكمة محلية أمريكية القضية، مشيرًا إلى حجة وزارة الخارجية بأنّ كابيلا يستحق الحماية الدبلوماسية.
لم يَصدر الحكم الرسمي على محمد بن سلمان، لكن من المنطقي أنه -مثل كابيلا- لن يكون لدى ولي العهد أي شيء يدعو للقلق، فيما يتعلق بالملاحقات القضائية في الولايات المتحدة الأمريكية.
الخارجية الأمريكية تحمي محمد بن سلمان
إلى ذلك، أكدت الصحيفة البريطانية على أنّ إعلان وزارة الخارجية تقديم الحصانة إلى الحاكم الفعلي للسعودية، قد أثار ردود فعل سلبية شديدة، إن لم يكن اشمئزازًا، في مجتمعات الصحافة وحقوق الإنسان.
حيث كتب “ديفيد إغناتيوس”، كاتب عمود في صحيفة “واشنطن بوست” وزميل الراحل خاشقجي، أنه على الرغم من تعهده بأنه سيعامل المملكة العربية السعودية كدولة منبوذة، “للأسف، استسلم بايدن لما اعتبره ضرورة لإصلاح العلاقات مع الرجل [محمد بن سلمان] الذي قد يكون ملك المملكة العربية السعودية لعقود”.
بدورِها، علّقت “أغنيس كالامارد”، التي حقّقت في قضية خاشقجي خلال فترة عملها كمقررة خاصة للأمم المتحدة حول الإعدام خارج نطاق القضاء، وغردت بطريقة ساخرة على حضانة محمد بن سلمان.
وكتبت: “اسمعوا، اسمعوا، أيها المسؤولون الحكوميون الذين لُطخت أيديكم بالدماء، أنتم أيها الجنرالات الذي تقودون جرائم الحرب، وأنتم الوزراء الذين تأمرون بالاختطاف والتعذيب، والمديرين التنفيذيين الفاسدين، من اليوم فصاعدا ضعوا أنفسكظ فوق القانون، لكن فقط، يجب أن تعلنوا أنفسكم رؤساء للوزراء”.
Hear ye, hear ye, government officials with blood on your hands, generals commanding war crimes, ministers ordering abduction and torture, corrupt executives, let it be known, to put yourself above the law just declare yourself head of state. Hear ye hear ye. #JamalKhashoggi
— Agnes Callamard (@AgnesCallamard) November 18, 2022
تقول “سبكاتاتور”، إن ردود الفعل حول إعلان تقديم الحصانة إلى محمد بن سلمان أكثر من مفهومة.
وتؤكد، أن “هناك شيء قذر وعديم الروح في النظرية التي تمنح الرؤساء ورؤساء الوزراء والملوك حماية قانونية أكثر من بقيتنا”.
حماية بن سلمان من التتبعات القضائية في الولايات المتحدة
ومع ذلك، فإنّ هذه النظرية نفسها مقبولة عالميًا لسبب بسيط، وهو أن البلدان لا تريد أن يتمّ نقل قادتها إلى محاكم أجنبية، وتطلب في المقابل، الردّ على الجرائم المزعومة التي تم تنفيذها نيابة عنهم.
وتخشى الدول، لسببٍ وجيه، أنّ السماح لمثل هذه الدعاوى ضد قادة أجانب، من شأنه أن يخلق سابقة خطيرة، ويعرّض مسؤوليها لقضايا مماثلة بغض النظر عن الأسس الموضوعية.
كان “نيد باريس” المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية، في مأزق لتوضيح أنّ الدفاع عن محمد بن سلمان بغطاء الحصانة، لا ينبغي أن يُنظر إليه على أنه انعكاس لبراءة ولي العهد.
وقال برايس: “اقتراح الحصانة هذا لا يتعلق بسياسة أوسع أو العلاقات بين البلدين”.
تدهور العلاقات السعودية الأمريكية
تؤكد “سبكاتاتور”، أن العلاقات الحالية بين السعودية وأمريكا قائمة أساساً في مكان ما بين الضعف والازدراء.
وتشير إلى أنه، إذا “وضعنا لحظة المصافحة جانباً، فإن بايدن ومحمد بن سلمان ليس لهما علاقة شخصية ويظهران درجة مماثلة من الكراهية لبعضهما البعض”.
البيت الأبيض يعدل تصريح بايدن بشأن مسؤولية محمد بن سلمان عن مقتل خاشقجي
وتضيف، أن السعوديين يعتبرون الأمريكيين متعجرفين يبحثون دائماً عن مصالحهم، ناهيك عن اعتبارهم هُواة نفدَ صبرهم لا يفهمون سوق النفط”.
وفي المقابل، تقول الصحيفة: “ينظر الأمريكيون إلى السعوديين على أنهم انتهازيون لا يعتذرون، ويفترضون أنه عندما يحين يأتون بأموالهم، فإن مؤسسة الدفاع الأمريكية ستكون دائمًا تحت تصرفهم”.
وصلت واشنطن والرياض إلى نقطة في شراكتهما الممتدة لسبعة عقود، حيث يتم الآن التغلب على الترتيب الأساسي الذي يجمع كلَّ شيء معًا (أمن المملكة؛ إمدادات نفطية موثوقة للسوق العالمية)، من خلال سلسلة من العوامل الجيوسياسية الهيكلية والمصالح المتباينة.
إذا قررت المملكة التمسك بأهدافها الحالية لإنتاج النفط خلال اجتماع “أوبك +” الشهر المقبل، فإن الشراكة ستدخل في فلك المجهول أكثر فأكثر.