وطن- كشفت مجلة “ذي إيكونوميست” المختصة في الشؤون الاقتصادية، في تقريرها، الأربعاء، عن تطلعات وآمال البنك الفدرالي الأمريكي بنجاح خطة أعدّها، ستساهم في تخطّي موجة التضخم الكبيرة التي شهدتها معظم الاقتصادات حول العالم.
هل ينخفض التضخم بحلول 2023؟
وبينما شدّدت المجلة البريطانية الأسبوعية، على أن السر في نجاح خطة الفدرالي الأمريكي في الحد من التضخم هي تشديد السياسة النقدية، إلا أنها -في المقابل- حذّرت من اختلاف تطلعات صانعي السياسات والمستثمرين للمرحلة المقبلة، الأمر الذي قد يُدخل الاقتصاد الأمريكي والعالمي في سنة جديدة من عدم اليقين.
تقول “الايكونوميست“، إن صدمة أسعار الفائدة، كانت العنوان الأبرز في أوساط الأسواق المالية خلال العام 2022، وهو بالفعل ما يُنذر بإصلاحات مالية قادمة، سيقودها بشكل خاص المستثمرون.
وتشير في سياق حديثها إلى ضرورة كبح النسب المتسارعة للتضخم، بقولها: إنه “في الوقت الذي تبدو فيه آمال المستثمرين في النمو والأرباح وردية للغاية؛ فإن آثار ارتفاع أسعار الفائدة لم تنتشر بعد في جميع أركان النظام المالي، وهو أيضاً ما يمكن أن يستمر حتى في السنة المالية القادمة 2023”.
صدمة التضخم تضرب الأسواق حول العالم
أكدت مجلة “الإيكونوميست” في تقريرها، على تراجع مؤشرات أسواق الأسهم، بشكل متوتر طيلة هذه السنة.
وتسلّط الضوء، على آخر عملية لتراجع أسواق الأسهم، وكان آخرها بداية منتصف أكتوبر الماضي، حيث انخفض مؤشر ستاندرد أند بورز 500، بنسبة 5% حتى 14 ديسمبر.
يأتي ذلك التراجع أساساً، بالتوازي مع رفع مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي أسعار الفائدة بمقدار نصف نقطة مئوية، وأيضاً تصريح رئيس مجلس إدارته “جيروم باول” الذي أكد في تصريحات صحفية، أنه “لا يوجد خطط للبدء في خفض أسعار الفائدة إلى حين التأكد من أن التضخم انخفض دون الـ2 في %”.
تشير المجلة البريطانية، إلى أنّ ارتفاع أسعار الفائدة، وتوقف حصول المقترضين على الأموال الرخيصة من معدلات الفائدة المتدنية، قد أدى إلى حدوث “خضة” في الأسواق خلال العام 2022.
وليست المرة الأولى التي تهتزّ فيها الأسواق بعد اجتماعات بنك الاحتياطي الفدرالي هذا العام.
ففي الأسابيع الخمسة الأسوأ للأسهم الأميركية خلال العام 2022، تراجعت الأسهم بنحو 5%. وحدثت جميعها مباشرةً قبل أو بعد اجتماع بنك الاحتياطي الفدرالي.
على مشارف 2023..كيف يبدو الاقتصاد العالمي؟
هل من تطلعات إيجابية للسنة المالية 2023؟
ويشير تقرير “ذي إيكونوميست“، إلى أن أسعار الفائدة باتت أعلى في معظم أنحاء العالم، وأكثر مما كانت عليه منذ أكثر من 15 عاماً، وأن -على ما يبدو- التضخم آخذ في الانحسار، أقله في الولايات المتحدة الأميركية.
رغم أن العديد من البلدان في أوروبا لا تزال تعاني من ارتفاع تكاليف الطاقة، ويبدو أن الزيادات في الأسعار قد تباطأت في أوروبا.
وتقول عن ذلك، إنه “قد يكون التعديل المطلوب في الأسواق قد حصل، رغم أنه كان مؤلما كثيرا”.
إلا أنّه قد يكون هذا التحليل خاطئاً، أيضاً بحسب “ذي إيكونوميست”، إذ لا يزال هناك فجوة بين ما يقول بنك الاحتياطي الفدرالي إنه سيفعله، وما يتوقعه المستثمرون منه.
ويقول البنك المركزي، إنه قد يتعين عليه رفع أسعار الفائدة فوق 5 في المئة خلال العام 2023، وتركها عند هذا المستوى.
وهذه الخطة لا تتوافق مع توقعات المستثمرين، الذين يراهنون -رغم تحذيرات “باول”- على أنّ الخفض الأول لسعر الفائدة قد يحصل في وقت قريب من الصيف المقبل.
وتقول المجلة، إن المصدر الآخر لعدم اليقين هو ما إذا كانت الولايات المتحدة الأميركية ستدخل في حالة ركود. ويعتقد بنك الاحتياطي الفدرالي أن الاقتصاد الأميركي قد يُنقذ من هذه الحالة، ويتوقع نموّاً بطيئاً بنسبة 0,4 إلى 1% خلال العام 2023، وتضخّماً بنحو 2,9 إلى 3,5%. لذلك، إذا حدث الركود، لن يكون المستثمرون مستعدين لذلك.
رئيس الفيدرالي الأمريكي يبشر الأمريكيين بأيام أليمة قادمة مع استمرار معركة “التضخم”
وتُواصل صدمة أسعار الفائدة مفعولها في الأسواق على أسعار الأصول من الأسهم والسندات والعملات المشفرة. ولا تزال المؤسسات المالية تستوعب وتدرس التقلبات التي تشهدها الأسواق.
ووقعت الشركات في مجال العملات المشفرة بخطر حقيقي، مع إفلاس بعض منصات الإقراض والتبادلات وصناديق التحوط.
وكانت اقتصادات كثيرة حول العالم قد تضرّرت من صدمة التضخم التي شهدتها السنة المالية الحالية، لأسباب كثيرة؛ لعل أولها الحرب الروسية الأوكرانية.
عربياً، شهدت كلٌّ من مصر وتونس معدلات كبيرة من التضخم، تُرجمت سريعاً على نسق الحياة الاجتماعية لشعوب الدولتين.