وطن– بعد التحرّك الأخير لمجلس الشورى العماني، الاثنين، بشأن تعديل قانوني مقترح لتوسيع مقاطعة إسرائيل وتجريم إقامة علاقات معها، قد يواجه العمانيون أو مزدوجو الجنسية المقيمون في عمان عقوبات جنائية، ليس فقط لمحاولة التعامل مع إسرائيل؛ ولكن حتى لتبادل الأحاديث الخاصة، فما هي الأسباب العميقة لهذه التحركات السياسية، تتساءلُ وسائل الإعلام الإسرائيلية.
عمان ترفض الضغوطات السعودية
أشارت صحيفة “جيروزاليم بوست”، الأربعاء، إلى مقترح القانون الجديد في سلطنة عمان الذي سيعمل على “تضييق الخناق” على كلّ ما له علاقة بالتطبيع مع إسرائيل، رغم أنّ السلطنة، رسمياً، دولة مُطبّعة.
وتقول الصحيفة الإسرائيلية، إنه بينما تتكهن وسائل الإعلام العبرية الموجهة للداخل، بأن مشروع القانون هذا، يتم دفعه عن قصد في عُمان، استجابةً للجهود الإسرائيلية لتأمين فتح سماء السلطنة أمام خطوط الطيران الإسرائيلية.
وتابعت زاعمة: “إلا أن الواقع أبعد وأشمل من تلك التكهنات، حيث أن سلطنة عمان في الواقع لاعب ثانوي في المنطقة. وهي من الدول المُنضوية تحت المظلة السعودية، التي بالمناسبة وافقت نظريًا على فتح أجوائها أمام الخطوط الجوية الإسرائيلية”.
وأضافت “جيروزاليم بوست”، أن مشروع القانون الجديد الذي يسعى لتوسيع مقاطعة إسرائيل في عمان، يعدّ إشارة واضحة على خسارة السعودية نفوذها داخل مجلس التعاون الخليجي على حساب لاعبين آخرين في المنطقة، أولهم إيران.
كما تشير إلى أنّ السلطان هيثم بن طارق، هو الشخص الذي يقف وراء هذه التحركات السياسية في السلطنة، من أجل توسيع مقاطعة إسرائيل في البلاد.
هل تتدارك سلطنة عمان سنوات التطبيع العلني؟
وتقول، إنه “على عكس توقعات المعلقين والخبراء في الشرق الأوسط في ذروة موجة “اتفاقيات إبراهيم“، من المحتمل أن عمان لم يكن لديها أي نية جادة للانضمام، بل كانت تتطلع إلى الحصول على أكبر قدر من العلاقات العامة والدعم الأمريكي من الاضطرابات الدبلوماسية. بأقل تكلفة ممكنة”.
إلى ذلك تطرّقت الصحيفة إلى الرفض الكبير في سلطنة عمان للتطبيع مع إسرائيل، وأنه لم تكن هناك أيّ علامة على الاستعداد لأيّ صفقات تجارية أو دفاعية كبرى بين البلدين.
وقد كانت اللقاءات بين الطرفين فقط من أجل الإعلام، وحتى ذلك لم يكن ليتحقّق لولا دعم الرياض، تقول الصحيفة.
هل تؤيد المملكة العربية السعودية حقًا توسيع الديناميكيات الإقليمية الموالية لإسرائيل؟
هذا يعتمد على عامل واحد فقط، هو إرادة الحاكم في المملكة العربية السعودية. كانت الإشارات الواردة من الرياض مختلطة في أحسن الأحوال.
من ناحية أخرى، من الواضح أن هناك مصلحة في الحفاظ على العلاقات الدفاعية مع إيران. ورجال الأعمال الإسرائيليون الذين يحملون جنسية مزدوجة يمارسون الأعمال التجارية في المملكة منذ بعض الوقت.
وعلى غرار سلطنة عمان، كان هناك أعضاء آخرون في مجلس التعاون الخليجي يحاولون علنًا تحدي أولوية السياسة الخارجية للرياض.
حيث لم يحضر الرئيس الإماراتي محمد بن زايد، ولا نائبه محمد بن راشد، قمة الصين ودول مجلس التعاون الخليجي، ويقال إنه يأمل في استضافة اجتماع منفصل للإمارات بدلاً من ذلك.
وكانت استضافة قطر لكأس العالم محاولةً لانتزاع الاهتمام وتأثير القوة الناعمة من جارتها. هذا التحدي العلني، على الرغم من اتفاق العلا المبرم لتطبيع العلاقات بين الدوحة والرياض، أصبح علنيًا بشكل متزايد.
أي دور لإيران في مشروع القانون العماني الجديد
كذلك، سلّطت الصحيفة الضوء على النفوذ الكبير لـ إيران في عمان.
إيران التي زعمت أنها واحدة من أكبر الشركاء التجاريين والمستثمرين في الاقتصاد العماني المتعثّر، وداعمة لدور عمان كموطن للإباضية، تقول الصحيفة.
وزعمت “جيروزاليم بوست”، أنّ عمان تستضيف قواعد استخباراتية وعسكرية إيرانية سرية، وتغضّ الطرف عن تهريب أسلحة الحوثيين إلى اليمن.
حتى أنّ مشروع قانون المقاطعة الأخير، قد يكون بمثابة رسالة إيران إلى المجتمع الدولي وإسرائيل، لا سيّما ردًّا على الإجراءات الدبلوماسية الأخيرة ضدها، والتي تشمل مجموعة واسعة من العقوبات وإخراجها من لجنة حقوق المرأة التابعة للأمم المتحدة.
واستطردت الصحيفة العبرية: “عُمان خيار رائع لإيران لأن استراتيجية الأمن البحري الأمريكية تعتمد بشكل كبير على تلك الشراكة – وإسرائيل عالقة في مرمى النيران. علاوة على ذلك، عمان ليست أول من اتخذ هذه الخطوة في سبيل التضييق على سياقات التطبيع في البلاد”.
في مايو 2022، أصدر العراق إجراءً مماثلاً يجرّم الاتصالات والتواصل مع إسرائيل تحت أي طائلة، وسيواجه المخالفون عقوبة السَّجن المؤبد أو الإعدام، وذلك إلى حدٍّ كبير ردّاً على مؤتمر في أربيل، اتهمته بغداد باستخدامه لدفع التطبيع.
كذلك، رفضت قطر رفضًا قاطعًا أيّ توسّع في العلاقات مع إسرائيل خارج الترتيبات قصيرة المدى خلال كأس العالم، وأظهرت عداءً صريحًا لإسرائيل بطرق مختلفة.
بما في ذلك رفض المشاركة في التدريبات العسكرية التي تقودها الولايات المتحدة والتي تشارك فيها إسرائيل، حتى بعد تصنيفها على أنها دولة غير حليف الناتو من قبل الولايات المتحدة.
وفي الواقع كانت الكويت أول من أقرّ مثل هذا القانون في عام 2021، الذي شدّد على معاقبة كل من يتعامل مع إسرائيل.