بعد أنباء بيع قناة السويس.. تقرير صادم كشف خبايا الاستحواذ الخليجي على أصول مصر
شارك الموضوع:
وطن– وسط أنباء عن موجات تضخم صادمة للاقتصادات العالمية الكبرى، قادت صناديق الثروة السيادية الخليجية منذ أشهر، موجة شرائية في السوق المصرية -مدفوعة بالأزمة الاقتصادية- مما أدى لتعزيز الدور المحوري لدول الخليج في الاقتصاد المصري.
دول الخليج تستحوذ على أصول الدولة المصرية
وبينما سجّلت “القيمة الإجمالية للصفقات” الاستحواذية حول العالم عام 2022، ما قيمته 3.66 تريليون دولار، بانخفاض 37% عن عام 2021، ظهرت في المقابل، موجة استحواذات خليجية، غير مسبوقة على السوق في مصر للأصول والشركات، كما ذكرت وكالة “رويترز“.
حيث أكدت النشرة اليومية لـ صحيفة “إنتربرايز enterprise” الاقتصادية المصرىة، أنّ صناديق الثروة السيادية الخليجية، قادت موجة شرائية في السوق، ما أدى إلى تعزيز الدور المحوري للخليج في اقتصاد مصر.
وأشارت إلى أنّ عدد صفقات الدمج والاستحواذ، زادت بأكثر من الضعف في عام 2022، وارتفع عدد الصفقات المكتملة في مصر إلى 66 في عام 2022، ارتفاعاً من 31 في العام السابق.
مضيفة أنّ الغالبية العظمى من صفقات الدمج والاستحواذ وافدة إلى البلاد، مع إبرام عدد محدود فقط من الشركات المصرية صفقات في الخارج.
في حين سيطرَ الخليج على الصفقات الوافدة، وشاركت الشركات والمؤسسات من السعودية والإمارات، في 40 صفقة بينهما في عام 2022، بينما شاركت الكويت وقطر في عدد قليل من هذه الصفقات.
القطاع المالي في مصر.. أمام أعين الصناديق السيادية الخليجية
إلى ذلك فقد كانت الخدمات المصرفية والمالية هي القطاع الأكثر رواجاً، تليها الصناعة والطاقة، واكتملت 16 صفقة دمج واستحواذ في القطاع المصرفي، و9 صفقات، في القطاع الصناعي، و4 منها في الطاقة، واثنتان في مصادر الطاقة المتجددة.
وتعدّ صفقة استحواذ “فوادكوم” على 55% هي حصة فودافون في “فودافون مصر”، هي الأكبر لهذا العام، وبلغت 2.5 مليار دولار.
وتم في بداية ديسمبر الجاري نقلُ ملكية 55% من “شركة فودافون” مصر إلى مجموعة “فوداكوم” الجنوب أفريقية، في صفقة بلغت قيمتها نحو 59.6 مليار جنيه، وقامت المجموعة المالية “هيرميس” بدور سمسار طرفي الصفقة، فيما لعب “مكتب الدريني” وشركاؤه دورَ المستشار القانوني لـ”فوداكوم الجنوب”، كما أكدت الصحيفة.
هذا وتطرّقت الصحيفة المصرية إلى باقي الاستحواذات التي قادتها دول الخليج في مصر، حيث أشارت إلى أن “بنك أبو ظبي” الأول كاد ينجح بتحقيق أهم صفقة استحواذ في القطاع المالي بمصر.
وذلك حين عرض الاستحواذ على حصة أغلبية في المجموعة المالية هيرميس، وكانت الصفقة تقدّر بـ 1.2 مليار دولار، قبل سحبه العرض منتصف العام الجاري، على وقع تقلبات الأسواق العالمية، بسبب الغزو الروسي لأوكرانيا.
وعلى صعيد صناديق الثروة السيادية الخليجية، كان 2022 عامها، وسمحت الأزمة لصناديق السعودية والإمارات تحديداً، بتوسيع النفوذ بشكل كبير في الاقتصاد المصري، مع المساعدة في دعم المعروض المتضائل من النقد الأجنبي في البلاد.
وبالإضافة إلى إيداع 10 مليارات دولار في البنك المركزي المصري، ضخّ صندوق الثروة السيادية في أبو ظبي (الشركة القابضة إيه دي كيو) وصندوق الاستثمارات العامة السعودي، نحو 3.1 مليار دولار للاستحواذ على حصص أقلية كبيرة في بعض أقوى الشركات المدرجة في البورصة المصرية من الحكومة.
ويمتلك الصندوقان معاً ما يقرب من نصف أكبر شركتين للأسمدة في مصر، وتمتلك “القابضة ايه دي كيو” وصندوق الاستثمارات العامة السعودي الآن 41.5% من شركة أبو قير للأسمدة، و45% من شركة مصر لإنتاج الأسمدة “موبكو“.
وأصبحت “القابضة ايه دي كيو” أكبر مساهم مستقل في البنك التجاري الدولي، أكبر بنوك القطاع الخاص في البلاد، وشركة فوري الرائدة في مجال التكنولوجيا المالية. اشترى الصندوق حصة 17.2% في البنك التجاري الدولي مقابل 911.5 مليون دولار و11.8% من فوري مقابل 55 مليون دولار تقريباً.
كما استحوذ صندوق الاستثمارات العامة السعودي، في الوقت نفسه، على حصة 25% في “إي فاينانس” الحكومية، وتفيد تقارير أنّه يجري حالياً محادثات مع البنك المركزي للاستحواذ الكامل على المصرف المتحد.
السعودية تضع يديها على “دواء” المصريين
زاد صندوق الاستثمارات العامة السعودي، من وجوده في قطاع الأدوية في مصر من خلال الاستحواذ على 4.7% من شركة المصرية الدولية للصناعات الدوائية (إيبيكو)، وزيادة حصته من شركة العاشر من رمضان للصناعات الدوائية والمستحضرات التشخيصية (راميدا)، ليصبح ثاني أكبر مساهم في الشركة.
كما استحوذت على 34% من شركة “بي تك”، المتخصصة في تجارة التجزئة وتوزيع الأجهزة المنزلية والإلكترونية مقابل مبلغ لم يكشف عنه.
بينما أكملت القابضة ايه دي كيو، الاستحواذ على حصة حاكمة في مجموعة عوف للأغذية الصحية المالكة لعلامة “أبو عوف” التجارية الغذائية الشهيرة.
ودخل صندوق الاستثمارات العامة، إلى جانب صناديق أخرى لم يكشف عنها، إلى قطاع التعليم من خلال الاستحواذ على حصة 15% في سيرا للتعليم.
الإمارات تحاول احتكار سوق العقارات المصري
واستحوذت “القابضة ايه دي كيو”، جنباً إلى جنب مع شركة العقارات الإماراتية العملاقة “الدار العقارية” على شركة السادس من أكتوبر للتنمية والاستثمار (سوديك)، في أواخر عام 2021.
وتحرّكت “سوديك” وهي بالفعل واحدة من المطورين الرائدين في مصر، لتوسيع بصمتها هذا العام، في ظل مساهميها الجدد.
وبعد فشلها في محاولة للاستحواذ على شركة مدينة نصر للإسكان والتعمير في الصيف، قدّمت “سوديك” مؤخراً عرضاً مبدئياً للاستحواذ على 100% من “أوراسكوم” العقارية، ويجري حالياً “الفحص النافي للجهالة” على الشركة.
هل تُسيطر مصر على موانيها؟
وأصبحت “الإسكندرية لتداول الحاويات والبضائع”، مملوكةً حالياً لأغلبية من صناديق الثروة الخليجية، بعد موافقة مؤسسات الدولة على بيع حصصها لتوفير سيولة من العملة الصعبة للبلاد.
واستحوذت القابضة “ايه دي كيو” على ثلث الشركة المدرجة في البورصة المصرية مقابل 186.1 مليون دولار في أبريل، وحذا صندوق الاستثمارات العامة السعودي حذوَها بعد أربعة أشهر باقتناص حصة 20% مقابل نحو 156.3 مليون دولار.
كما باتت إحدى شركات الشحن الرائدة في القطاع الخاص في البلاد، مملوكة الآن لشركة موانئ أبو ظبي التابعة للقابضة أيه دي كيو.
ودفعت شركة موانئ أبو ظبي، التي تمتلك “القابضة إيه دي كيو” حصة الأغلبية فيها، 140 مليون دولار لشراء حصة 70% من شركة الشحن والخدمات اللوجستية المصرية “إنترناشونال أسوسييتيد كارجو كارير “أي أيه سي سي”، وهي شركة استثمار مصرية تمتلك شركتين محليتين للخدمات اللوجستية البحرية: شركة ترانسمار، وهي خط شحن مقره مصر، ومشغل المحطات ترانسكارجو الدولية “تي سي آي”.
ولا يقتصر التعطش للسيطرة على الأصول المصرية، حكراً على صناديق الثروات الخليجية، وباتت كل من الشركة المصرية البلجيكية للاستثمارات الصناعية المصنعة لمنتجات المخبوزات والكرواسون التي تحمل العلامة التجارية “أوليه”، “وجيزة سيستمز” في أيدي السعودية.
ومن القطاع الخاص الإماراتي، تحاول شركة الأصباغ الوطنية القابضة الإماراتية الاستحواذ على شركة البويات والصناعات الكيماوية (باكين) المدرجة في البورصة المصرية، والتي تمتلك مؤسسات وبنوك حكومية أكثر من نصفها، بينما اشترت شركة “ريمكو” للاستثمارات 3% من شركة “إيديتا” الرائدة في صناعة الوجبات الخفيفة.
كما عرضت ذراع التوزيع لشركة بترول أبو ظبي الوطنية (أدنوك)، الاستحواذ على نصف شركة توتال إنرجيز مصر، وهي واحدة من أكبر مشغلي محطات بيع الوقود في البلاد.
ونشطت إحدى المجموعات الاستثمارية الإماراتية غير الحكومية، بشكل خاص في مصر هذا العام، واستحوذت شيميرا للاستثمارات على 56% من بلتون المالية القابضة مقابل 20.3 مليون دولار في تموز/يوليو، وتبعها شراء حصة 22% في “إم إن تي إنفستمنتس الهولندية” المملوكة بحصة أغلبية من قبل شركة جي بي كابيتال للاستثمارات المالية.
كما وافقت شركة “جي بي أوتو” التابعة هذا الشهر على بيع حصة 45% في جي بي للتأجير التمويلي لشركة الاستثمار الإماراتية، وهي صفقة قد تكتمل قبل نهاية العام إذا وافق عليها مجلس إدارة جي بي أوتو.
قطر لاعب جديد في السوق المصرية بعد سنوات من القطيعة
وكان أحد العوامل الرئيسية التي حفزت مصر على التقارب مع خصمها الإقليمي السابق هو البحث عن استثمارات أجنبية مباشرة جديدة، وكانت الدوحة سعيدة للغاية للدخول في محادثات للحصول على حصص في الشركات المصرية.
وقاد المناقشات على الجانب القطري جهاز قطر للاستثمار، صندوق الثروة السيادية في البلاد، الذي ورد أنه يدرس إنفاق ما يصل إلى 2.5 مليار دولار لشراء حصص مملوكة للحكومة في عدد من الشركات بما في ذلك “فودافون مصر”.
وتواصلت المحادثات مع صندوق الثروة السيادية القطري طوال العام مع القليل من الإفصاح من الأطراف المعنية، على الرغم من إيداع جهاز قطر للاستثمار مليار دولار لدى البنك المركزي المصري كوديعة مؤقتة حتى يتم الانتهاء من الاتفاقات.
رفع هذا المبلغ قيمة الودائع القطرية لدى المركزي المصري في عام 2022 إلى 4 مليارات دولار، بعد تحويل أولي بقيمة 3 مليارات دولار في أعقاب الأزمة الاقتصادية التي سببتها الحرب في أوكرانيا.
وتعهدت الدوحة في مارس باستثمار 5 مليارات دولار في مصر استجابة للأزمة، ومع ذلك لا يقتصر الأمر على صندوق الثروة السيادية فحسب، فقد صارت شركة “بلدنا” القطرية لصناعة الألبان ثالث أكبر مساهم في “جهينة” بسلسلة من صفقات شراء الأسهم خلال العام الذي شهد استحواذها على أكثر من 10% من الشركة.
إضافة إلى ذلك بدأت منصة “فاليو” للشراء الآن والدفع لاحقاً، التابعة لمجموعة هيرميس المالية، التوسع في السعودية، بالإعلان عن شراكة مع عائلة الحكير.
جرائم السيسي في حق المصريين
وقالت المجموعة، إن “فاليو” وافقت على شراء 35% من شركة الخدمات المالية غير المصرفية السعودية الجديدة “فاس”، للتمويل من “فاس لابس” المملوكة جزئياً لعائلة الحكير السعودية، بينما سيشتري أبناء عبد العزيز الحكير الثلاثة حصة 5% في فاليو.
ثم مضت “فاليو” قدماً بالاستحواذ بالكامل على منصة الرواتب الرقمية “باي ناس” في أغسطس، واقتناص حصة أقلية في تطبيق التكنولوجيا المالية كيوي لحلول الدفع الاجتماعي في أكتوبر، بالإضافة إلى الاستثمار في منصة التجارة الإلكترونية في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا هودز.
يبدو أن عام 2023 لن يختلف كثيراً بالنسبة للشركة بعد أن أعلنت هذا الشهر، أنها ستنفق 25 مليون دولار في صفقات استحواذ جديدة وطرح منتجات جديدة.
ووسط قمع متواصل لأي صوت معارض لقرارته -التي ستجعل من مصر دولة من ورق عن قريب- لا يجد النظام العسكري المصري بقيادة عبد الفتاح السيسي أيّ حرج في بيع أصول الدولة المصرية إلى كل مُشترٍ في جريمة تاريخية -لم يسبقها له أي حاكم مصري قبله- سيدفع ثمنها أجيال من المصريين لعقود لاحقة.