قوات الرعب في جيش بريطانيا على مدى قرنين: من هم “القوركا” التي نبشت الوثائق البريطانية قضيتهم من جديد
وطن- “القوركا” هم أشرس جنود العالم في الحروب، حتى قيل إنه بمجرد استلال سكين “القوركي” في المعركة، كان عليه تذوق الدم، وإذا لم يستطع فعليه جرح نفسه قبل إعادة سكينه إلى الغمد.
موطنهم جبال نيبال، وكان بدأ اول اتصال بينهم وبين الانجليز عام ١٨١٤ حين حاولت شركة الهند الشرقية دخول نيبال فكان اللقاء الذي دفع الجيش البريطاني (جيش الشركة) ثمنه باهضا حين تواجه مع هذه النخبة من المقاتلين، ومع خسائر الانجليز الفادحة الا أنه كان “الحب” من اول اشتباك.
فقد قرر الانجليز إشراك هذه النخبة النيبالية في جيشهم باي ثمن، وعبر حكام هذه المنطقة كان لهم ما أرادوا.
منذ ذلك الحين كانت “القوركا” العمود الفقري لجيوش شركة الهند الشرقية، والذين اشتركوا في كل المعارك التي خاضتها بريطانيا في حقبتها الاستعمارية المظلمة وما بعدها، حيث اشتركوا في كل معاركها وبهم استكملوا السيطرة على الهند، فقد كانوا خنجر الاستعمار البريطاني في ضرب حركات المقاومة والتمرد في الهند وغيرها من الدول الأخرى التي استعمرتها بريطانيا، وبهم حاربوا أفغانستان في ٣ حروب في نهايات القرن التاسع عشر.
وقد أشرك الجيش البريطاني هذه القوات في الثورة العربية الكبرى وفي احتلال فلسطين وفي الحرب العالمية الأولى والثانية.
ففي الحرب العالمية الثانية بلغ تعداد “القوركا” في الجيش البريطاني ٢٠٠ الف مقاتلا، قتل منهم ٤٣ الفا.
كانت كتبيتهم اول من دخلت اليابان بعد احتلالها.
ثم اشركتهم بريطانيا في حرب الفوكلاند ثم العراق وافغانستان.
وفي العراق أعطيت لهم مهام اقتحام البيوت في الفلوجة من اجل التفتيش عن السلاح لمخاطر هذه المهمة، وقتل العديد منهم اثناء تنفيذ هذه المهام.
حين سافر الأمير هاري الى أفغانستان عام ٢٠٠٧ كان من ضمن كتيبة بريطانية تابعة للقوركا، وقد قال عنهم “”حين تعلم أنك مع القوركا، فأنت في المكان الأكثر أمنا”.
أعجب بهم الانجليز غاية الإعجاب فما من مهمة استعصت على التاج البريطاني الا وقد استغلوا هؤلاء الجنود من اجل تنفيذها، فكانوا رأس الحربة في كل المهمات، وكانوا هم الدروع في مقدمة الجيش البريطاني اثناء المعارك.
يقول احد القادة العسكريين الانجليز :” ان الجندي الذي يقول انه لا يخاف الموت في الحرب فإنه اما كذاب او جندي قوركي!”
وقد بلغت من شهرتهم ان دولا عديدة بدأت تستخدمهم، بل الآن ضمت الأمم المتحدة لها العديد منهم كقوات حفظ سلام، ايضا الشركات الأمنية الدولية الخاصة كمجموعة “فاغنر” الروسية وشركة “بلاك ووتر”- اكاديمي حاليا، وشركة “جي فور اس” وشركة الحراسة الفرنسية “سيكوبيكس” تستخدم هؤلاء ضمن جنودها بالذات في المهام الخطرة.
ناهيك عن البحرية الأمريكية التي تستخدمهم في قاعدتها في البحرين، أيضا ملك بروناي اتخذ منهم كحراس له.
ولكن مع كل ما قدموه لبريطانيا على مدى قرنين من الزمان.. ماذا قدمت لهم بريطانيا؟
الوثائق البريطانية التي أفرج عنها الأسبوع الماضي، تتحدث عن حق “يتيم” نالوه من بين عدة حقوق مهضومة لهم على مدى عقود، فضمن ملف (بريم ٤٩- ١٩٩١) تجد موافقة من رئيس الوزراء البريطاني آنذاك توني بلير بعد تردد طويل على منح رواتب تقاعدية لمن تبقى من هؤلاء “القوركا” الذين سجنتهم اليابان اثناء الحرب العالمية الثانية حين كانوا يقاتلون ضمن الجيش البريطاني ،او أسرهم وهو مبلغ لم يتعد نصف مليون باوند، وتذكر احدى الوثائق ان التردد لم يكن بسبب المبلغ بل إن الحكومة البريطانية تخشى من ذكر السبب علنا، وهو ان جماعات أخرى ساعدت التاج البريطاني ستطالب بنفس هذه الحقوق.
في كل الأحوال تمت الموافقة بصمت على منح الرواتب التقاعدية ولكن تم رفض تجنيسهم مع ان منهم من أمضى عقودا في بريطانيا، فقط في عام ٢٠٠٧ منحوا هذا الحق بعد مظاهرات وتدخل من الحكومة النيبالية وجماعات حقوقية.
في عام ٢٠٢٠ حين فكرت بريطانيا إضافة العنصر النسائي لقوات “القوركا”، ترددت الحكومة النيبالية في الموافقة على الطلب بسبب تعسر الحكومة البريطانية في منحهم ممن سبقهم حقوقهم أسوة بغيرهم.