“اليد السوداء” والبطل إبراهيم الورداني.. هكذا أرعبوا الإنجليز وأدواتهم في مصر..

By Published On: 16 يناير، 2023

شارك الموضوع:

وطن- كان البطل إبراهيم ناصف الورداني من أسرة ثرية، درس الصيدلة والكيمياء في سويسرا وبريطانيا، وحين عاد افتتح صيدليته في شارع عابدين بالقاهرة عام ١٩.٩، ثم انضمّ للحزب الوطني الذي تزعمه محمد فريد بعد وفاة مؤسّسه مصطفى كامل.

لم يكن هذا البطل الشاب المتعلم المتفوق والثري بغائب عن أوجاع وطنه مصر التي كانت ترزخ تحت الاحتلال البريطاني، ففي غربته وعند عودته تابع أخبار بعضها وشهد على بعضها، من نهب قناة السويس إلى مأساة دنشواي والظلم الإنجليزي فيها الذي فاق الحدود ثم احتلال السودان وارتكاب المجازر فيها ومن ثم نهبها.

وفوق ما أوجعه أن يرى بعض أبناء جلدته أدوات قهر وإجراء في يد الاحتلال البريطاني هذا.

انضمّ إبراهيم الورداني لجمعية تُدعى “اليد السوداء”، أقسمت يميناً على التخلص من رؤوس الخيانة في مصر، الذين أعانوا الإنجليز في احتلالهم مصر.

لا توجد معلومات مفصّلة عن الجمعية السوداء، نظراً لسريتها الشديدة، وحتى بعد اعتقال الورداني لم يبح بشيء عنها.

كان أول الخونة والذي وضع على رأس القائمة هو رئيس الوزراء بطرس غالي، قبطي قدّم للإنجليز كل ما أرادوه، وكان لهم ناصحاً أميناً وموجّهاً في بواطن الأمور التي يجهلونها.

فكان القاضي الظالم في مأساة قرية دنشواي التي حدثت عام ١٩٠٧، حيث حكم بإعدام ٤ مصريين لصالح الانجليز وسجن وجلد آخرين من أهالي القرية، وحين ضجّت العامة والصحافة على هذه الجريمة سارع بإعادة العمل بقانون المطبوعات لتشديد الرقابة على الصحافة، كما ورّط بطرس غالي مصر في احتلال السودان لصالح الإنجليز؛ بل وجعل مصر تدفع جميع تكاليف هذا الاحتلال، فأي خيانة بعد هذا.

كما وقّع بطرس غالي مع الإنجليز مشروع قانون تمديد امتياز قناة السويس لمدة ٤٠ عاماً سنة أخرى بعد انتهائه عام ١٩٦٨، وخيانات شتى لا تُعد.

لذا كتب اسمه بالدم، فأطلق عليه إبراهيم الورداني النار، وقتله في ٢١ فبراير ١٩١٠.

تقرير من استخبارات عباس حلمي الخاصة بالمقاهي تورد له ما تتناقله العامة عن الورداني (اوراق عباس حلمي الثاني، HIL 6/409 جامعة درهام)

تقرير من استخبارات عباس حلمي الخاصة بالمقاهي تورد له ما تتناقله العامة عن الورداني (اوراق عباس حلمي الثاني، HIL 6/409 جامعة درهام)

حاول الإنجليز أن يجعلوا منها فتنة طائفية ما بين المسلمين والأقباط، وكأن الورداني قتله لمسيحيته لا لخيانته، فوجّهوا بعض الجماهير التي تحت أيديهم لتهتف في الشوارع بأن الورداني قتل بطرس النصراني، فردّت جماهير الشعب المصري الحقيقية بأنّ الورداني قتل العميل البريطاني.

ولكن انظروا ماذا يقول القنصل البريطاني العام في مصر آنذاك، السير جون الدون قورست، في رسالة سرية وجّهها لوزير الخارجية البريطاني إدوارد قري بعد ستة أيام من اغتيال بطرس غالي: “هو الوحيد (بطرس غالي) في مصر الذي كنت أضع ثقتي الكاملة فيه”، لا يمكنني أن أشكّ ولو للحظة أنه ذهب ضحية بسبب إخلاصه لسياستنا”.

لم يمضِ ١٤ شهراً على استلام الأمير حسين كمال باشا لرئاسة مجلس النواب، استقال من منصبه وأسرّ للإنجليز أن الصحافة أحياناً تربطه ببطرس غالي، وخوفاً من مصيره، أراد ترك الحياة السياسية لأنه يريد أن يعيش بقية حياته في أمان.

جعل هذا العمل البطولي لفترة طويلة أن لا يوقع أي مسؤول أو وزير مصري على اتفاق يضرّ بمصير الشعب المصري.

بعد ١٠ سنوات فشلت لجنة وزير المستعمرات الإنجليزي ملنر التي شكّلتها الحكومة البريطانية للتحقيق في أسباب ثورة ١٩١٩، وذلك بسبب مقاطعتها من قبل الساسة المصريين خوفاً من مصير بطرس غالي، حتى أنّ رئيس الوزراء المصري آنذاك عدلي يكن باشا، اعتبر أنّ توقيعه كالتوقيع على شهادة موته.

حطي تحتها بالخط الخفيف: تقرير البعثة الخاصة إلى مصر بقيادة اللورد ميلنر (Mss Eur F112/260)

تقرير البعثة الخاصة إلى مصر بقيادة اللورد ميلنر (Mss Eur F112/260

أصرّ الإنجليز بعد فشل المحاكمة الأولى في إعدام إبراهيم الورداني على إعادة محاكمته، وأصرّ على أن يكون الإعدام حين “نسيان” الشعب المصري لقضيته، وأُعدم وما نسيه الشعب المصري ولا العرب، فظلّ على ألسنتهم حتى يومنا هذا؛ بل إن إحدى الأغاني الشهيرة التي غنتها شادية وهي: “قولو لعين الشمس ما تحماشي أحسن حبيب القلب صابح ماشي.. يا حمام طير قبله قوام يا حمام.. خلي له الشمس حرير يا حمام”، لم تكن إلا عن هذا البطل.

شارك هذا الموضوع

Leave A Comment