مقالان وعرائض منعتها بريطانيا من النشر في الصحافة عن يوم الوهيلة وما بعدها منذ ٨٣ عاماً: هكذا قلع حكام دبي عيون معارضيهم!
شارك الموضوع:
وطن- أيها المواطن العربي، اعرف حاكمك العربي.. هذا يوم من أيامهم في العصر الحديث، إنه يوم الوهيلة، أو عرس الدم، وهو اليوم الذي قرر فيه حكام دبي، الحاكم سعيد بن مكتوم وشقيقه جمعة بن مكتوم، وابن الحاكم راشد بن سعيد (والد الحاكم الحالي محمد بن راشد)، التخلص من المجلس الاستشاري الذي كان ضمن صلاحياته مراقبة الحاكم ومحاسبته وتوزيع الأنشطة التجارية توزيعاً عادلاً ما بين الحاكم والرعية بعد أن كانت كلها في يد الحاكم سعيد وأسرته.
وقد تمت الموافقة على هذا المجلس الاستشاري من قبل حكام دبي بعد ثورة شعبية عارمة في دبي ضد حكامها، انتهت باحتلال جزء منها وقلاع فيها، وكانت الموافقة هذه هي التي أعادت الهدوء الى وضعه الطبيعي.
وكان على رأس هذا المجلس الاستشاري الشيخ مانع بن راشد آل مكتوم، من أبناء عمومة حاكم دبي سعيد، والشيخ مانع هو ابن حاكم دبي راشد بن مكتوم الذي حكم دبي من عام ١٨٨٦ وحتى ١٨٩٤.
وكان يعينه مجموعة من أفراد أسرة الحاكم وتجار ووجهاء وأعيان دبي، وكان مانعاً من الشخصيات المثقفة والواعية، ويعدّ من أوائل الشخصيات الخليجية التي ارتبطت بعلاقات واسعة مع زعامات وشخصيات عربية خارج المحيط الخليجي، كما كان أول من وضع أسس نهضة دبي الحديثة، وكان من أوائل أبناء الخليج الذين حاربوا دكتاتورية الحكم في الخليج واستحواذ الحاكم وأسرته على كل مقدرات البلد الذي يحكمه، كما يسجّل له أنه اول من حارب تجارة الدعارة في دبي، وحاول تطهير دبي منها في وقت مبكر.
ورغم عمالة الشيخ سعيد بن مكتوم غير المحدودة لحماته الإنجليز، فإنهم وصفوه بأوصاف منحطّة في تقاريرهم مع أخيه جمعة وابنه راشد وزوجته “الشريرة” الشيخة حصة بنت المر الفلاسي، (حين التقاها في دبي الوكيل السياسي الإنجليزي في البحرين طلبت منه سمّاً إنجليزياً).
في أحد التقارير الإنجليزية، وصف سعيد بن مكتوم بالطمّاع المتثاقل الكسول، وصاحب الأنف المدمن على الشم، وحبه لجمع الأموال على حساب بقية أسرته وسكان دبي، وأنه حين تأتي له المظالم من أحدهم كان يعدِهم بإعادة حقوقهم في الغد، “ولكن الغد لا يأتي أبداً”، كما أنه حين يحكم في قضية ما لا يلتفت أحد لأحكامه، ولا تجد من يثبت هذه الأحكام على مستحقيها.
في عام ١٩٢٩، استطاع أعيان ووجهاء دبي إجبار الشيخ سعيد بترك الحكم ووضع الشيخ مانع حاكماً بدلاً منه، وقد حكم مانع لمدة يوم واحد، حيث تدخلت السلطات البريطانية وأعادت سعيد للحكم.
كما وصف الوكيل البريطاني في البحرين هيو وايتمان، حاكم دبي سعيد بن مكتوم، بأنه ضعيف غبي، وشقيقه جمعة، بأنه مهرج جبان، كما وصف راشد بن سعيد بأنه شبه متخلف عقلياً.
كما شكاه سكان دبي بأنه منشغل في الإسراف دون أن يستثمر في حماية دبي من أي اعتداء قد يطولها، كما شكَوه بـ”أنهم من فقر إلى فقر منذ أن حكم دبي”.
كل هذه الأمور وغيرها أدت إلى جريمة الوهيلة وما جاء بعدها، من قبل حكام دبي آنذاك الذين أرادوا أن يستحوذوا على كل شيء في دبي.
ففي مارس من عام ١٩٣٩، قام الحاكم سعيد بن مكتوم بدعوة المجلس الاستشاري ومن يدعمونه لحفل عرس ابنه راشد، ثم قام مع أخيه جمعة وابنه راشد وقوات من قبائل حليفة معه، سبق وأن احضرها وسلّحها لهذه اللحظة الحاسمة، وانقضوا على الضيوف الذين صاروا هم الوليمة!.
قتل شقيق مانع، حشر بن راشد آل مكتوم وابنه على يد العريس راشد، ووقتل عدد آخر من المجلس وأنصارهم، وقام الحاكم سعيد وشقيقه جمعة وابنه راشد بحرق عيون بعض أبناء عمه بالنار ووضعهم عراة في قوارب وأرسلهم للبحرين، ثم قام بإلغاء المجلس الاستشاري، وهو ما يعرف بيوم الوهيلة، أما رئيس المجلس الشيخ مانع فقد كتبت له النجاة مع بعض صحبه؛ حيث استطاعوا النجاة والهروب للشارقة، ثم لرأس الخيمة، وإلى أبو ظبي وإلى البريمي، فقد لاحق حكام دبي حتى من يستضيفهم أو يقدّم لهم الدعم والحماية بالوعيد والتهديد وعبر الشكاوى للإنجليز أولياء نعمتهم، ثم قام الشيخ سعيد وابنه راشد بالاستيلاء على ممتلكات أعضاء المجلس الاستشاري وكلّ من ناصرهم في دبي، حتى أن ابنة مانع بن راشد، صنعاء، لم تسلم منهم، والتي أجبرها سعيد على الزواج من أحد أولاده. وتم لهم الاستيلاء على دبي دون أن يحاسبهم أحد.
بعد ٧ أشهر وفي أول أيام رمضان من عام ١٩٣٩، اعتقل ستة من سكان دبي من أحد المساجد، وتم اقتيادهم لبيت الحاكم سعيد بن مكتوم؛ حيث حقّق معهم مع أخيه جمعة وابنه راشد، ودون أي دليل على شكوككهم في الضحايا قاموا بقلع عيونهم بأسلوب في غاية الوحشية والهمجية، ننقل هنا ما سجّلوه من عرائض بعد استطاعتهم مغادرة دبي إلى بومبي-الهند في محاولة للعلاج:
العريضة الاولى: بومبي – ٢٧ نوفمبر ١٩٣٩- انا جمعة بن محمد البدور – عربي من دبي عمري٦٥ عاما وكنت تاجر لؤلؤ ولدي ممتلكات واسعة في دبي؛ قبل ستة أشهر جاءني الشيخ مانع بن راشد (ابن عم حاكم دبي انذاك سعيد بن مكتوم) وطلب مني ان اقوم بالتعاون اجتماعيا من اجل رفعة سكان دبي من بناء مدارس ومساجد الى آخره..
بعد الخلاف ما بين الشيخ مانع وابن عمه الحاكم سعيد بن مكتوم (والذي انتهى بيوم الوهيلة حيث دعا الحاكم سعيد بن مكتوم اولاد عمومته ومن بينهم مانع بن راشد لعرس ابنه راشد – والد الحاكم الحالي محمد بن راشد- وقاما بقتل ابناء عمومتهم ومن ناصرهم في طلب الإصلاحات، فكان عرس الدم). فيما بعد وكواحد من وجهاء دبي؛ استدعاني (الحديث لجمعة بن محمد البدور) الحاكم سعيد بن مكتوم، وسالني كيف أشارك ابن عمه في نشاط ضده، فانكرت ان قمت باي نشاط ضده وطلبت منه دليلا على اتهامه لي، وما قدم اي دليل.
وفي اول يوم من رمضان استدعاني مع اربعة من العرب (كانوا يعدون طعام الافطار في احد مساجد دبي).
ومن ثم طلب من رجاله ربط ايدينا وارجلنا ثم قام بإحضار مخرز وقام باحماءه على النار حتى احمر ثم ثقب عيني الاثنتين. (عرض على الحاكم سعيد بن مكتوم ٥٠ الف روبية كي يترك له عينا واحدة فرفض).
استطعت مع العرب الأربعة السفر عبر سفينة بنكارا الى بومبي في محاولة لمعالجة عيوننا في مستشفى “بناجي” للعيون في بومبي.
انا لا اعرف عما ان كان ممنوعا على الطيران البحري البريطاني ان يهبط في مياه دبي .. لكن كلنا نعلم عن هبوط الطيران البريطاني في بر دبي دون اعتراض من العرب ومن حكام دبي، ولا اعرف عن اي سفن المانية في الخليج.. لا اريد الإقامة في بومبي اريد المغادرة مع الاربعة وهم قرابة لي الى البحرين.. اعرف معظم التجار العرب هنا في بومبي. (يبدو ان من اخذ العريضة ايضا كان يحقق معه لصالح السلطات البريطانيه).
العريضة الثانية: انا محمد بن عبدالله؛ عربي من دبي عمري قريب من ٢٥ عاما اشهد بانه تم ثقب عيوني بمخرز احمي على النار تماما كما تم ثقب عيون جمعة بن محمد على يد سعيد بن مكتوم.
العريضة الثالثة: انا عبيد بن محمد البدور ؛ عربي من دبي عمري قريب من ٢١ عاما اشهد بانه تم ثقب عيوني بمخرز احمي على النار تماما كما تم ثقب عيون جمعة بن محمد على يد سعيد بن مكتوم.
العريضة الرابعة: انا محمد بن جمعة البدور ؛ عربي من دبي عمري قريب من ٣٥ عاما اشهد بانه تم ثقب عيوني بمخرز احمي على النار تماما كما تم ثقب عيون جمعة بن محمد على يد سعيد بن مكتوم.
العريضة الخامسة: انا احمد بن محمد ؛ عربي من دبي عمري قريب من ٢٩ عاما اشهد بانه تم ثقب عيوني بمخرز احمي على النار تماما كما تم ثقب عيون جمعة بن محمد على يد سعيد بن مكتوم.
في حادثة مستقلة اخرى استطاع طفل من دبي عمره ١٣ سنة ان يقنع راشد بن سعيد ال مكتوم ان يفتدي احد عينيه مقابل ٥٠٠٠ روبية فوافق راشد.
حاول الانجليز الكتمان على تفاصيل هذه الجريمة خاصة وان لهم يد فيها بطريقة او بأخرى، الا ان منهم من استبشعها حتى ان منهم من رفض مصافحة سعيد وابنه لفترة طويلة من الزمن لشعورهم بوحشية الجريمة التي ارتكبت على ايديهم، كما ان منهم من ناله الرضى حين علم ان أهالي دبي بدأت تجأر لله في المساجد ان يحكمهم الكفار الانجليز ولا هذه الوحوش.ولعلم هذا ما صبوا اليه في مواقف عديدة في تعاملهم مع قضايانا بشكل عام.