وطن-وفقًا للفيلسوف البريطاني فاربود أكلاجي، فإن توجيه وإرشاد الأحبّاء في اختياراتهم يمنعهم من أن يكونوا مستقلين ومن أن يجدوا هويتهم الخاصة، بحسب ما نقلته صحيفة “مادام لو فيغارو” الفرنسية.
في الحقيقة، نسعى جميعًا للحصول على رأي أحد الأحباء لرؤية الأشياء بشكل أكثر وضوحًا أو للحصول في النهاية على إجابة لا يمكننا (أو لم نعد) أن نجدها بمفردنا.
لكن، وفقًا لفاربود أكلاجي، الفيلسوف والباحث في كلية المسيح في كامبريدج، كان من الأفضل لأصدقائنا الامتناع عن تقديم أي نصيحة لنا، حيث يؤكد لنا الفيلسوف في مقال نُشر بتاريخ 31 ديسمبر على موقع مجلة الفلسفة Analysis، أن التدخل في قرارات الحياة قد يحرم الصديق من استقلاليته وبحثه عن هويته.
انتهاك حق تقرير المصير
ووفقًا لما ترجمته “وطن“، يركز موضوع الفيلسوف فاربود أكلاجي على هذه الاختيارات التي تؤدي إلى تجارب من شأنها أن تغيّره وتدفعه للبحث عن هويته، وبتعبير أدق هي تجربة توفر المعرفة أو الفهم للذات، والتي لا يمكن الحصول عليها إلا بعد خوض التجربة بكل تفاصيلها أو أي تجربة تعدّل القيم الأساسية ورغبات من يعيشها.
كما يتساءل الفيلسوف: “تحت أي ظروف يجوز التدخل لمحاولة منع شخص ما من الحصول على تجربة من شأنها أن تغيّره وتدفعه للبحث عن هويته؟”. كيف يمكن حرمان شخص ما من التعلم من تجاربه واختياراته؟”. فوفقاً له، فإن التدخل في اتخاذ القرار بدلاً من الشخص العزيز علينا والقريب منا وإبداء الرأي، من شأنه أن يرقى إلى انتهاك “الاستقلالية” و”الحق في تقرير المصير” للشخص، حتى لو كانت النصيحة مبنيّة على حسن النية.
لذلك، يجب أن يتم اتخاذ القرار بشكل مستقل، كما يقول فاربود أكلاجي: إنها الطريقة الوحيدة لبناء الهوية ومعرفة ما نرغب فيه وما يناسبنا وقيمنا. والفائدة من ذلك حسب الفيلسوف؟ سندرك لا محالة أن شخصيتنا التي نحن عليها حاليًا؛ هي نتيجة اتخاذ وتطبيق قراراتنا وخوض تجاربنا بأنفسنا.
قرار جيد أم سيء؟
تغيير الوظائف وإنجاب طفل ثالث، واختيار مسار دراسي معين؛ كلها عوامل تمنعنا من إبداء رأينا، لأنه ببساطة من المستحيل معرفة عواقب الاختيار الذي تم اتخاذه طالما أن الشخص لم يخض التجربة، لذلك، لا يمكن اتخاذ قرار عوضًا عن الشخص المعني بالأمر. ويخلص فاربود أكلاجي إلى أنه من واجبنا الأخلاقي أن نتدخل لمحاولة منع قرارات خطيرة فحسب، لأنه من شأنها أن تعرض صاحبها للخطر.