الانهيار الثالث.. كل ما تريد معرفته عن كهرمان مرعش التي سواها زلزال تركيا بالأرض
وطن – كان مشهد مأساويا وقاسيا ذلك الذي خلفه زلزال تركيا المدمر في كهرمان مرعش، تلك المدينة التاريخية التي سواها الزلزال المدمر بالأرض.
الصور التي التقطتها وسائل الإعلام وتلك التي رصدتها المسيرات أو التي وُثقت بالأقمار الاصطناعية، لتكشف كم كان الزلزال مدمرا على المدينة التاريخية التي أصبح نصف مبانيها ركاما، وحتى ذلك الذي لم يسقط تعرض للتصدع وبات خطر انهياره قريبا جدا.
معلومة لافتة تخص تاريخ تلك الولاية، وهو تعرضها لزلزال كبير عام 1114، وعلى إثر هذا الزلزال قتل 40 ألف شخص ودمرت المدينة بالكامل، كما دمرت مرة أخرى عام 1308 بسبب زلزال ضربها وقتها.
https://twitter.com/RD_turk/status/1624724475261378560?s=20&t=4SPaVEnSjoGFNNk_rBKPaw
أين تقع كهرمان مرعش؟
كهرمان مرعش تقع شرقي البحر المتوسط، على جوانب جبال طوروس جنوبي تركيا، والولاية لها أهمية تاريخية واقتصادية كبيرة في تركيا.
تسميات كهرمان مرعش
اسم كهرمان مرعش لم يأتِ فمن فراغ، فهي تعني البطلة مرعش، فقد كان اسمها مرعش لكن تم منحها لقب البطولة، من قبل الجمعية الوطنية الكبرى بتركيا في 7 شباط/فبراير 1973، ذلك بسبب المقاومة والقتال التي خاضها شعب مرعش خلال الحرب ضد دول الحلفاء بعد الحرب العالمية الأولى.
وطوال تاريخ المدينة الممتد، أطلقت عليها أسماء عدة، فهي ماركاس عند الحيثيين (شعب أناضولي)، و “مركاجي” عند الآشوريين.
بينما أطلق عليها الرومان “جرمانيا” والبيزنطيون “ماراسيون” وأصبحت تسمى “مرعش” في عهد العثمانيين، حتى انتهى الأمر بتسميتها “كهرمان مرعش” في عهد الجمهورية التركية الحديثة.
تبلغ مساحة كهرمان مرعش 14327 كيلو مترا مربعا، وترتفع عن مستوى سطح البحر 568 مترا، والتضاريس الشمالية لها جبلية تمامًا، وهي امتداد لجبال طوروس في الجنوب الشرقي ومناطق الوادي المتصدع.
كما تضم الولاية سهولا كبيرة، هي سهل جافر، ومرعش، وككسن وأشاي جوسكن وأفشن والبيستان وأندرن وميزملي ونارلي وإنكلي.
يبلغ عدد سكان كهرمان مرعش وفقًا لتعداد عام 2009 هو 1.1 مليون نسمة، يعيش منهم 606 آلاف منهم في المناطق الحضرية و961 ألفا في الأقاليم والقرى، ما يعني أن نسبة سكان الحضر 58٪، ونسبة من يعيشون في القرى 42٪.
https://twitter.com/arabic_post/status/1622981006939549698?s=20&t=4SPaVEnSjoGFNNk_rBKPaw
يبلغ عدد المدن في كهرمان مرعش، 10 مدن، وعدد البلديات 64 بلدية، وعدد القرى 476 قرية.
يعود تاريخ المدينة والمناطق المحيطة بها إلى عصور ما قبل الميلاد، ويقدر عمرها بين 14 إلى 16 ألف سنة.
ومع انهيار الإمبراطورية الحيثية، تكونت ممالك حيثية متأخرة منها مملكة جورجوم، وسميت المنطقة في تلك الحقبة باسم “ماركاس” بين عامي 1200 ق.م و700 ق.م، وكانت المدينة تمثل مركز المملكة وعاصمتها.
بعد ذلك، خضعت لحكم مملكة آشور وغُيّر اسمها إلى “ماركجي” بين عامي 720 ق.م و612 ق.م، وأصبحت تمثل مركزا تجاريا مهما للآشوريين، حيث تقع على الطريق التجاري الذي يربط الأناضول ببلاد الرافدين.
واستولى الميديون على كامل مملكة آشور، واستطاعوا منذ عام 612 ق.م فرض سيطرتهم على منطقة مرعش التي بقيت خاضعة لهم حتى عام 550 ق.م، حين توسعت الإمبراطورية الفارسية في منطقة الأناضول، واحتلت المدينة التي كانت حينئذ ضمن إقليم كبادوكيا، واستمرت تحت سيطرتها طوال 300 عام.
وخلال فتح الإسكندر الأكبر للشرق دخل المقدونيون المدينة عام 333 ق.م، وأصبحت أحد المراكز البارزة لدولتهم، ولكن حين استقلت مملكة كبادوكيا عن الحكم المقدوني استقلت معها مرعش لاعتبارها ضمن حدودها.
ومنذ منتصف القرن الأول الميلادي بدأت سيطرة الإمبراطورية الرومانية على المدينة، وأصبح يطلق عليها اسم “جيرمينكيا” تكريما للإمبراطور جايوس قيصر جيرمانيكو، وكانت المنطقة مركزا إستراتيجيا في تلك الحقبة.
وتشير الاكتشافات الحديثة في الولاية إلى أن الاستيطان البشري بدأ في المنطقة منذ العصر الحجري القديم، وكانت الحضارة الحيثية أولى الحضارات القديمة التي استوطنت المنطقة بين عامي 2000 ق.م و1200 ق.م.
خالد بن الوليد افتتحها
فتح القائد خالد بن الوليد المدينة عام 637، فأصبحت قاعدة للجيش الإسلامي، وكانت الهيمنة حتى القرن العاشر في الغالب للمسلمين رغم استمرار الصراع العنيف مع البيزنطيين، وقد تعرضت خلاله المدينة للعديد من الهجمات البيزنطية وحوادث الحرق والنهب والتخريب وتهجير السكان.
ازدهرت المدينة منذ بداية العهد الإسلامي، فقد أمر الخليفة معاوية بن أبي سفيان بإعادة بنائها، كما أعاد المسلمون إعمارها بعد الحملات العسكرية الخارجية التي كانت مدمرة.
وفي عهد الخليفة الوليد بن عبد الملك أشرف ابنه العباس على ترميم المدينة وتحصينها وبناء مسجد كبير فيها، فأعاد ذلك لها حيويتها وزاد من عدد سكانها.
وبعد تدمير المدينة وتهجير سكانها على يد الإمبراطور البيزنطي قسطنطين الخامس عام 747م، أعاد الخليفة مروان بن محمد فتحها وبناءها من جديد، وكذلك شهدت المدينة حملات تحصين وترميم في العصر العباسي.
في عام 1086م خضعت المنطقة للدولة السلجوقية، ولكن الصراع بين السلاجقة والبيزنطيين والصليبيين والدانشمانديين بقي مستمرا حتى نهاية القرن الـ12، وبقيت المنطقة تتعرض للاستيلاء من أحد الأطراف المتنازعة باستمرار.
في عام 1097، دخل الجيش الصليبي مدينة مرعش واستخدمها قاعدة ينطلق منها في عملياته العسكرية، واحتفظ بالحاكم الأرمني على المدينة.
بعد انسحاب البيزنطيين عام 1149م، تعاقب على حكم المدينة العديد من القوى كالإمارات السلجوقية التي تكونت بعد انهيار الدولة السلجوقية الكبرى، وكذلك بعض الإمارات الأرمنية والأيوبية والمماليك والمغول، ومرت المنطقة بفترة غير مستقرة مملوءة بالنزاعات.
بعدها دخلت المدينة تحت حكم إمارة “ذو القادر أوغلو” عام 1339م التي كانت واحدة من الإمارات القوية في الأناضول، وفي هذه المرحلة اكتسبت المدينة أهمية اجتماعية وفنية وعمرانية بالإضافة إلى الهيمنة السياسية.
وفي عام 1522م ضم السلطان ياوز سليم المدينة إلى الإمبراطورية العثمانية، وأصبحت ولاية مستقلة تابعة للعثمانيين، وكانت إحدى المراكز المهمة في الدولة، وغيّر اسم المقاطعة إلى مرعش عام 1831م، ثم أصبحت تابعة لمحافظة أضنة عام 1853م، وفي عام 1865م أصبحت وحدة إدارية تابعة لمحافظة حلب.
الاحتلال الإنجليزي للولاية
احتل الإنجليز المدينة في 22 فبراير 1919م، ولكن سرعان ما انسحبوا من الجزء الجنوبي من الأناضول بما فيه مدينة مرعش مقابل مدينة الموصل وفق اتفاق أبرم مع الفرنسيين.
وفي 30 أكتوبر من العام نفسه، دخلت القوات الفرنسية مرعش، فقام الشعب بتنظيم مقاومة مسلحة ضد القوات الغازية والأرمن المتعاونين معها، وبعد مقاومة باسلة تقهقر الفرنسيون واضطروا إلى إخلاء المدينة، وحصلت مرعش على استقلالها يوم 12 فبراير/شباط 1920، وكانت أول مدينة تتحرر من الاستعمار.
بسبب هذا الموقف المشرف للمدينة في حرب التحرير منحتها الجمعية الوطنية التركية الكبرى “وسام الاستقلال” في 5 أبريل/نيسان 1925 وتم تغيير اسمها إلى “كهرمان مرعش” أي “مرعش البطلة” في 7 فبراير/شباط 1973.
أماكن تاريخية في الولاية
تحوي كهرمان مرعش، العديد من الأماكن التاريخية والأثرية، أبرزها متحف كهرمان مرعش، وكاراهويك، وياسا تومولوس (قرية تانر) ، وتضاريس قرية كيشنل، وأطلال بازارجيك (قرية تورونجلو)، وأطلال قرية أوفاشكلن.
متحف كهرمان مرعشوتضم عدداً من القلاع، أبرزها قلعة كهرمان مرعش، وقلعه هرمن، وقلعة ماريامتشل (جابين)، وقلعة أزجت (ينيكوي)، وقلعة بابكلي، وقلعة هاسترن، وقلعة أناجيك، وقلعة كيز.
وتضم أيضاً عدداً من المساجد، مثل مسجد هازنادرال (دوراقل)، وهاتون، وقبر هيميت بابا، ومجمع أصحاب الكهف، ومسجد أكليم هاتون.