وطن- سلّط موقع “ميدل إيست آي middleeasteye” البريطاني، الضوء على جهود عدد من العواصم العربية لإعادة تأهيل رئيس النظام السوري بشار الأسد، من بوابة الزلزال والتعاطف الإنساني، وسط ترقب حذر من هذه الدول، خاصة وأن النظام السوري ما زال إلى اليوم محلّ رفض واسع لدى عواصم صنع القرار في الغرب وخاصة واشنطن.
التطبيع العربي مع بشار الأسد عنوان المرحلة القادمة
تطرّق تقرير الموقع البريطاني إلى التعازي التي تلقاها رئيس النظام السوري بشار الأسد، من بعض زملائه من الحكام العرب، ناهيك عن المساعدات المُرسلة إليه من دول الخليج الغنية، حتى أنه حصل على تعهّد من تونس بتعزيز العلاقات مع حكومته.
ونقل التقرير عن دارين خليفة، كبيرة المحللين السُّوريين في مجموعة الأزمات الدولية قولها: إن “الدول التي كانت تميل إلى دعم الأسد وجدت في الزلزال الفُرصة”، لكنها استدركت أن ذلك لا يضع دمشق بالضرورة على مسار سريع للتطبيع.
واعتبر تقرير “ميدل إيست آي” أن زلزال سوريا (وتركيا) مثَّل ‘نقطة انعطاف’ على مسار تطبيع العلاقات العربية مع بشار الأسد، من الأردن إلى الإمارات وصولاً إلى تونس، حيث تتسارع جهود إقامة علاقات مع سوريا بعد أكثر من عقد على القطيعة المباشرة.
وأكد أن هذا التقارب العربي قد “يُعمق الهوة بين عواصم المنطقة التي تريد إخراج دمشق -بشار الأسد- من عُزلتها وعدد من العواصم الغربية المعارضة لهذا التطبيع”.
الأردن تتحرك بسرعة نحو سوريا
جاءت الزيارة الدبلوماسية الأبرز في الأسبوعين الماضيين من الأردن، أحد أقوى حلفاء واشنطن في المنطقة. حيث التقى وزير الخارجية أيمن الصفدي مع الأسد في دمشق يوم، الأربعاء الماضي، في أول زيارة من نوعها منذ اندلاع الحرب السورية قبل عقد من الزمن.
ورغم أن الأردن يعتمد بشكل كبير على الولايات المتحدة في المساعدة، فإن عمان عارضت توجّه الحزبين في واشنطن حول مواصلة المطالبة بمعاملة الأسد على أنه منبوذ. حتى أنه في أكتوبر 2021، أجرى الملك عبد الله الثاني مكالمة هاتفية مع الأسد.
ونقل الموقع ما قالته ناتاشا هول، الزميلة البارزة في مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية ومقرّه الولايات المتحدة، بأننا اليوم “نشهد لقاء دبلوماسيين رفيعي المستوى بالأسد ودعمًا ماديًا حقيقيًا للنظام”.
فرصة نادرة للإمارات
يوم الأربعاء، أعلنت الإمارات عن مساعدات إضافية بقيمة 50 مليون دولار لسوريا، وبذلك يصل إجمالي المساعدات التي تعهد بها الإماراتيون إلى 100 مليون دولار.
كما غادرت 38 رحلة طيران الإمارات بالفعل على متنها 1243 طناً من المواد الغذائية والأدوية، وفقاً لوسائل الإعلام الحكومية الإماراتية.
كانت الإمارات في طليعة الدول الساعية لإعادة الأسد إلى فلك العلاقات الإقليمية. وفي السياق، قال مسؤول استخباراتي كبير من دولة عربية مجاورة لسوريا لـ”ميدل إيست آي”، إن الأسد والرئيس الإماراتي محمد بن زايد “يتمتعان بعلاقات ممتازة”.
أعادت الإمارات فتح سفارتها في سوريا عام 2018. وفي العام الماضي، زار الأسد أبو ظبي ودبي خلال أول رحلة له إلى دولة عربية منذ اندلاع الحرب السورية.
ترقّب حَذِر في السعودية
وقال أندرو تابلر، الزميل البارز في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى والمدير السابق لسوريا في مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض، في تصريح للموقع البريطاني: “بينما تقود الإمارات الاستجابة الدبلوماسية للزلزال، تراقب المملكة العربية السعودية ما يحدث”.
السعودية على نقيض الرياض، لم تُسرع من وتيرة عملية التطبيع مع سوريا بشار الأسد، ففي عام 2021، زار رئيس المخابرات السعودية خالد الحميدان دمشق. ويوم، الثلاثاء، الماضي حطت طائرة سعودية محملة بالمساعدات في مدينة حلب الخاضعة لسيطرة النظام، في أول زيارة من نوعها منذ قطع العلاقات بين البلدين في عام 2012.
وفي الصدد، قالت دارين خليفة: إن “الدول التي كانت تميل إلى دعم الأسد سارعت إلى استغلال الفرصة التي أتاحها حدوث الزلازل”، لكنها حذّرت من أن ذلك لا يضع دمشق بالضرورة على مسار سريع للتطبيع.
وتابعت خليفة لموقع “ميدل إيست آي”: “إرسال المساعدة في هذه الحالة لا يساوي التطبيع”.
مصر في انتظار موقف واشنطن
بعد يوم من الزلزال، تلقى الأسد اتصالاً هاتفياً من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، هو الأول بين الزعيمين. وقبله، تعهدت مصر بالمساعدة في “استعادة مكانة سوريا في العالم العربي” بعد اجتماع 2021 في نيويورك بين وزيري خارجية البلدين، لكن القاهرة كانت فاترة بشأن المرور إلى ما بعد التصريحات.
فعلى سبيل المثال، قال مسؤول استخباراتي أوروبي رفيع المستوى مؤخرًا، إن مصر مترددة في تزويد لبنان بالغاز عبر سوريا بسبب العقوبات الأمريكية.
وتابع في حديثه للموقع البريطاني: “مصر قلقة بشأن موقف أمريكا من الأسد”. “إنهم لا يتحركون بهذه السرعة”.