CNN: الخليج يتوقف عن تقديم “الصدقات” لمصر والسيسي المسؤول الأول عن إضعاف بلاده!
شارك الموضوع:
وطن- نشرت شبكة “CNN” الأمريكية، تقريراً تحدثت فيه عن خيبة أمل دول الخليج من النتائج غير المرجوّة التي أعقبت تقديمها المليارات لمصر، مشيراً إلى أن هذه الدول تعمل حالياً على الحصول على عوائد من المساعدات التي كانت مجانية.
ووفقاً لتقرير الشبكة، فقد بعث الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الشهرَ الماضي، برسالة إلى حلفائه الخليجيين، وقال في القمة العالمية للحكومات (WGS) في دبي، حيث كان ضيف الشرف، “أهم نقطة هنا هي الدعم من إخواننا”.
وأوضح التقرير، أن السيسي كان يشير إلى عمليات الإنقاذ التي تبلغ عشرات المليارات من الدولارات التي تلقتها بلاده من دول الخليج الغنية على مدار العقد الماضي.
وقالت الشبكة، إن الدائنين الخليجيين يغيّرون الطريقة التي يقدّمون بها الدعم المالي لحليفهم في شمال إفريقيا، ويبتعدون عن الصدقات والمساعدات غير المشروطة وودائع البنك المركزي، ويتجهون نحو الحصول على حصص كبيرة في بعض أصول مصر التذكارية، حيث لطالما كان العديد من هذه الأصول تحت سيطرة الجيش المصري، وهو عملاق اقتصادي والعمود الفقري لسلطة السيسي.
وبحسب التقرير، ينظر جيران مصر إليها على أنها حيوية للاستقرار الإقليمي، وقد وجدت في كثير من الأحيان يد المساعدة من الدول العربية الأكثر ثراءً. لكن هذه المرة، يريد حلفاء دول الخليج العربي -وخاصة المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة- تحقيقَ عوائد.
السعودية تربط المساعدات بالإصلاحات
ولفت التقرير إلى أنه تم التعبير عن التحوّل الواضح في السياسة من قبل محمد الجدعان، وزير المالية السعودي، أحد أكبر المستفيدين من مصر، في المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس، سويسرا في يناير.
وقال إنهم اعتادوا على تقديم منح وإيداعات مباشرة “دون قيود”، دون تحديد المستفيدين، بحسب وسائل إعلام محلية. وأضاف: “نحن نغير ذلك لأننا نعمل مع مؤسسات متعددة الأطراف لنقول في الواقع إننا نريد رؤية الإصلاحات”.
ويأتي النهج الخليجي الجديد للمساعدات في الوقت الذي تستعدّ فيه مصر لإصلاحات اقتصادية صعبة بعد اتفاقية قرض بقيمة ثلاثة مليارات دولار مع صندوق النقد الدولي، والتي يقول محللون، إنها تأثرت بشدة بدول الخليج العربية.
وكانت مصر قد لجأت إلى صندوق النقد الدولي ثلاث مرات من أجل عمليات الإنقاذ في السنوات الستة الماضية قبل الجولة الأخيرة، وبحلول الربع الأول من السنة المالية الحالية، جمعت البلاد 155 مليار دولار من الديون الخارجية، وفقًا لوسائل الإعلام الحكومية. وهذا يعادل قرابة 86٪ من ناتجها الاقتصادي السنوي.
وبحسب التقرير، تعاني مصر التي يبلغ تعداد سكانها 106 ملايين نسمة، اليوم من أزمة عملة وتضخم شديد، مما يجعل ملايين المواطنين غير قادرين على تحمل تكاليف السلع الأساسية، حيث بلغ التضخم أعلى مستوًى له في خمس سنوات، وفقد الجنيه المصري ما يقرب من نصف قيمته في سلسلة من التخفيضات منذ مارس 2022.
ولفت إلى أنه في العام الماضي وحده، تعهدت دول الخليج بتقديم 22 مليار دولار لمصر في الوقت الذي واجهت فيه أزمة اقتصادية ناجمة جزئيًا عن تداعيات الحرب الأوكرانية، حسبما ذكرت وكالة رويترز.
اختبار صبر لأبو ظبي
ونقلت الشبكة عن جمال سيف الجروان، الأمين العام لمجلس الإمارات للمستثمرين الدوليين (UAEIIC)، وهو تجمع لأكبر المستثمرين الدوليين في الإمارات، قوله: إن مصر مهمة جدًا إلى درجة أنه لا يمكن تركها تفشل كدولة وستحظى دائمًا بدعم الإمارات، لكنه قال إن الطلبات المتكررة للمساعدة يمكن أن تختبر صبر أبو ظبي.
وقال: “بالعودة مرارًا وتكرارًا (للحصول على قروض)، قد تفقد ماء الوجه لشيء واحد، وثانيًا قد تفقد المصداقية”.
وفي اتفاقها الأخير مع صندوق النقد الدولي، وافقت مصر على عدد من الإصلاحات غير المسبوقة، بما في ذلك تقليص بصمة الدولة والجيش في الاقتصاد وإخضاع المؤسسات المملوكة للدولة والجيش للإفصاحات المالية الإلزامية، كما وعدت بتبني سعر صرف مرن وطرح حصص في عدة مؤسسات حكومية رئيسية للبيع.
التزام مصر بالإصلاحات بطيء في ظل وجود صراع داخل النظام
ومع ذلك -بحسب التقرير- كان التقدم في الوفاء بهذه الشروط بطيئًا، ويقول المحللون إن تراجع الجيش -المؤسسة التي قد تظهر باعتبارها الخاسر الأكبر في اتفاقية صندوق النقد الدولي- قد يكون الجاني.
وفي هذا السياق، قال تيموثي كالداس، نائب مدير معهد التحرير لسياسة الشرق الأوسط في واشنطن العاصمة: “داخل مصر، هناك صراع واضح بين النظام”.
وأضاف كالداس لشبكة سي إن إن: “من الواضح أن الجيش هو الذي حقق أكبر مكاسب، وبالتالي لديه كثير ليخسره من صفقة كهذه”. “ولكن أيضًا، يحتاج السيسي في نهاية المطاف إلى الحفاظ على العمود الفقري لنظامه موحدًا وراءه”.
وقال: “أتصور أن هذا هو ما يتفاوضون عليه الآن، من سيتخلى عن ماذا، وأين يقع العبء”.
وفي الشهر الماضي، قال مجلس الوزراء المصري، إنه سيبيع حصصًا في 32 شركة مملوكة للدولة والجيش خلال العام المقبل، بما في ذلك بنوك بارزة وشركتين مملوكتين للجيش على الأقل.
وقال الجروان الإماراتي: “مصر بحاجة إلى إجراء إصلاحات … وفي بعض الأحيان قد لا تحظى الإصلاحات بشعبية كبيرة”، مضيفًا أن مقاومة الجيش أمر طبيعي، لكنه سيشرع في الخصخصة لإنقاذ الاقتصاد. وقال إن التغييرات ستجعل البلاد “أقوى بكثير وأكثر انضباطاً وأكثر إصلاحاً”.
وأضاف أن الإمارات تراقب جهود الخصخصة في مصر “عن كثب”، لأنها تريد زيادة استثماراتها في البلاد إلى 35 مليار دولار من 20 مليار دولار حاليًا على مدى السنوات الخمسة المقبلة، وتأمل في تجاوز هذا الرقم في النهاية.
ويقول محللون إن دول الخليج دفعت مصر للقبول بشروط صندوق النقد الدولي، خاصة تلك المتعلقة بالخصخصة.
وقال الجروان إن الإمارات لا تتدخل في مفاوضات مصر مع صندوق النقد الدولي، لكنه أضاف أن المصريين “يستمعون إلينا من كثب”.
وقال إن الجيش المصري، “تصرف كقطاع خاص” لسنوات لدعم الاقتصاد، وقد حان الوقت الآن لإفساح المجال للخصخصة مع دخول مصر “الموجة التالية من الرأسمالية”.
الخيار الوحيد لمصر
وفقاً للتقرير، لا يتوق الجميع لرؤية زيادة الاستثمار الأجنبي من الخليج، حيث كان هناك قلق بين المصريين غير الراضين عن بيع أصول الدولة للجيران.
وقال كالداس: “هناك قلق بالفعل في مصر بشأن المدى الذي يتم فيه بيع الدولة (قطعة) قطعة قطعة إلى الخليج”.
وفي هذا السياق، قال عبد الخالق عبد الله، أستاذ العلوم السياسية في الإمارات العربية المتحدة، إن مخاوف المصريين لا أساس لها من الصحة.
وقال لشبكة “CNN“: “بين الحين والآخر، هناك من يحمي الشركات المصرية”. وقال، إن “النقاد يتجاهلون الفوائد التي ستأتي”.
وأضاف: “أعتقد أنهم (النقاد) لا يفهمون أن الاستثمارات لا تجلب الأموال فحسب؛ ولكن (أيضًا) التكنولوجيا والخبرة و(هم) يفتحون البلاد”، مضيفًا أن الإمارات حليف ملتزم لمصر.
ويقول محللون، إن بيع أصول الدولة هو السبيل الوحيد للخروج من أزمتها الاقتصادية، ومن المتوقع أن يكون المشترون الأكثر احتمالاً من المستثمرين الأجانب، وخاصة من الخليج.
وعن آلية الإنقاذ لمصر بدون أموال خليجية، قال كالداس: “إنهم (مصر) عالقون حقًا، ومن الناحية الوظيفية، قد يكون هذا النظام تحت حكم السيسي مسؤولاً عن إضعاف مصر بشدة من الناحية الجيوسياسية، بسبب ضعفها المالي”.