وطن- تداول ناشطون عبر مواقع التواصل الاجتماعي في المغرب، مقطع فيديو لامرأة أنجبت مولودها على الأرض فوق العشب، داخل حديقة مستشفى بمدينة اليوسفية، كانت قد توجّهت له قصدَ الإنجاب.
لكن بعض الظروف حالت دون ذلك، لتأخذ الحادثة منحًى آخر مع تفاعل كثيرين ومطالبتهم إدارة المستشفى والسلطات المعنية بتوضيح ما حدث، وإطلاع الرأي العام على التفاصيل.
مغربية تلد في حديقة مستشفى “للا حسناء”
وحسب التفاصيل الأولية للحادثة، نقلاً عن منشورات ومقاطع فيديو رائجة، يبدو أن الأم المغربية، توجّهت إلى مستشفى “للا حسناء- جبورات” بمدينة اليُوسُفية (وسط المغرب)، بغرض الإنجاب.
مغربية تلد في حديقة مستشفى للا حسناءلكنّ الطاقم الطبّي رفض إيواءها وطلب منها العودة في وقت لاحق، بحجة أنّ موعد ولادتها لم يحن بعد، وهو بالفعل ما حال دون تمكّنها من الدخول إلى إحدى قاعات التوليد والاستلقاء لتولي العناية اللازمة.
وحسب ما ذكرت صفحات إخبارية محلية، فإن رفض الطاقم الطبي إيواء المرأة الحامل، جاء بعد محاجّتهم بنقص المعدات داخل المستشفى، وكذلك ظروف عملهم السيئة.
وبحكم أثقال الحمل التي يبدو أنها أرهقت كاهل المرأة الحامل، قررت ومَن رافقها مِن أقاربها (زوجها وعائلتها) افتراش الأرض في حديقة قريبة من المستشفى، إلا أنّ آلام المخاض باغتتها في مكانها وقررت على الفور ولادة صغيرها.
وأثار انتشار مقطع الفيديو عبر وسائل التواصل الاجتماعي في المغرب، موجة غضب واسعة بين النشطاء الذين انتقدوا “التعامل غير المهني”، الذي قوبلت به المرأة الحامل من قبل الإطار الطبي في مستشفى اليوسُفية، على حد تعبير كثيرين.
حيث كتب صانع المحتوى “محمد عادل الطاتو” عبر فيسبوك: “في سنة 2023 ولا تزال النساء تضعن مواليدهن أمام أبواب المستشفيات.. محزن ومؤلم وعار ما وقع في حديقة مستشفى “الأميرة لالة حسناء” بمدينة اليوسفية، وللمفارقة، قبل يومين فقط من اليوم العالمي للمرأة“.
وتابع: “لا أعرف لماذا حين تتوجه سيدة حامل في وضعية مخاض شديد، إلى مستشفى عمومي، يتم إرجاعها بداعي أن وقت الولادة لم يحن بعد.. في حين أنها تكون في أمس الحاجة إلى الرعاية الصحية في تلك اللحظة بالذات”.
وأضاف محمد: “جميل ما قامت به وزارة الصحة من فتح تحقيق وإرسال لجنة إلى مستشفى اليوسفية، وقرار الوزير بتعيين مدير جديد للمشفى بعد 4 سنوات من تسييرها من طرف مدير بالنيابة”.
موضحاً: “لكن الأصل هو أن الوزارة ملزمة بتوفير ظروف جيدة للنساء الحوامل في المستشفيات العمومية، قبل وقوع المآسي وليس بعدها، لأن الولادة هي واحدة من أصعب المراحل التي تمر في حياة المرأة، ووجب أن تجد أفضل رعاية في تلك الفترة”.
وختم قائلاً: “الأصل أن أقسام الولادة في المستشفيات العمومية يجب أن تكون من أرقى الأقسام وأفضلها على مستوى الخدمات والرعاية الصحية والتجهيزات الطبية، حتى لا تجد العائلات الفقيرة والضعيفة نفسها بين خيار الاقتراض من أجل الولادة في المصحات الخاصة، أو الولادة أمام أبواب المستشفيات العمومية”.
بدوره، اعتبر الناشط “حسان لقيبي“، أن صورة المرأة الحامل وهي تلك على الأرض “مبكية”، خاصة وأن مدينة اليُوسفية هي المناطق الأكثر ثراءً بمادة الفوسفات التي تعتبر المغرب من أكبر المصدّرين لها عالمياً.
وقال حسان: “حامل تضع مولودها في الشارع العام بعد رفض المستشفى الإقليمي لالة حسناء باليوسفية استقبالها”.
وتجدر الإشارة إلى أن هذا المستشفى المطلّ على منجم استخراج الفوسفات لا يتوفر على طبيبة اختصاص النساء والتوليد.
وفي سياق حالة الأسى والغضب، علّق الناشط “شاكر العزيز” على الحادثة قائلاً: “قطاع الصحة باقليم اليوسفية صُرفت عليه الملايير من المال العام عن طريق وزارة الصحة تارة، وعن دعم كبير من المجالس المنتخبة تارة أخرى، وعن تأسيس جمعية خرجت من الخيمة مائلة من أجل ما سمي بتجويد العرض الصحي”.
وتابع: “لكن كانت الحصيلة صفر رغم الاجتماعات العديدة والمبادرات الكثيرة، وذلك بعد فشل مستشفى الجبورات في تقديم المساعدة اللازمة لامرأة حامل وفي القرن 21 لتلد هذه الأخيرة في الشارع العام قرب أسواره معرضة نفسها للخطر رفقة مولودها، فمن يتحمل مسؤولية هذا الوضع المؤسف”.
إقالة مدير المستشفى ووزارة الصحة تتحرك
في أول تحرّك رسمي، قام وزير الصحة المغربي بإقالة المسؤول عن إدارة المستشفى الذي وقعت به الحادثة.
ونقل موقع “هسبريس” المحلي عن مسؤول بوزارة الصحة والحماية الاجتماعية قولَه، إن “خالد آيت الطالب”، وزير الصحة والحماية الاجتماعية، قد أرسل، اليوم الثلاثاء، لجنة تفتيش مركزية إلى مستشفى “للا حسناء-جبورات” للقيام بتحقيق ميداني وبحث إداري لمعرفة ظروف وملابسات هذه الواقعة المؤلمة، على حد قوله.
كما أعطى الوزير “تعليمات صارمة للجنة التفتيش لإجراء تحقيق ميداني معمق، ورفع تقرير مفصل حول ظروف وملابسات وضع السيدة مولودها بحديقة المستشفى. وذلك بغية اتخاذ الإجراءات والقرارات اللازمة، وأمر بتعيين مسؤول جديد لإدارة المستشفى”.
وتجدر الإشارة، نقلاً عن مصادر محلية، إلى أن مستشفى “لالة حسناء-جبورات” باليوسيفة، لا يتوفر على مدير منذ ما يقرب من أربع سنوات، حيث يتولى رئيس قسم الشؤون الاقتصادية مهمة المدير بالنيابة، في الوقت الذي لا يزال فيه إقليم اليوسفية بدون مندوب بعد تنقيل المندوب السابق منتصف شهر فبراير المنصرم إلى إقليم تزنيت.