4 خيارات قاسية تنتظر السوريين في تركيا بعد زلزال فبراير المدمر
شارك الموضوع:
وطن– حدّد الأكاديمي التركي البارز علي ظافر أوغلو، أربعة خيارات صعبة تنتظر اللاجئين السوريين في تركيا، في أعقاب الزلزال المدمر الذي ضرب البلاد في السادس من فبراير الماضي.
وقال أوغلو في مقالٍ عنونه بـ”سوريون بعد الزلازل“، إنه على الرغم من أنّ أبعاد الهجرة الداخلية للزلزال للمواطنين الأتراك تتمّ مناقشتها باستمرار، فإنّ هناك بُعدًا آخر لم يتمّ الحديث عنه بعدُ، وغالبًا ما يُترك في الخلفية، وهو المهاجرون الدوليون الذين يعيشون في المنطقة.
ومن المعروف أنّ أكثر من 1.7 مليون سوري تحت الحماية المؤقتة، إضافة إلى 33 ألفاً منهم من جنسيات مختلفة، يعيشون في المنطقة التي وقع فيها الزلزال، وعلى الرغم من عدم ذكر أسمائهم في الخطب والمناقشات حول الزلزال، فإنه لا ينبغي تجاهل مشاكل السكان بهذا الحجم.
وأضاف أنّ الكوارث مثل الزلازل تجبر السكان على الهجرة من ديارهم وتجعل الفئات المحرومة في المجتمع أكثر عرضة للخطر. بعد الكارثة، تواجه النساء والأطفال وكبار السن والمعوقون والمهاجرون تحديات مختلفة، ويزيد الأمر صعوبة بشأن المهاجرين القسريين.
بعد الزلزال، انتشرت تقارير كثيرة لا أساس لها وغير واقعية، عن نهب وسرقة عن الأجانب في المنطقة، وخاصة السوريين، وعلى الرغم من عدم إمكانية تأكيد أي منها، يبدو أن الأخبار أثارت الغضب خاصة ضد السوريين.
في الأوقات الصعبة، يمكن أن تتحول الفئات الضعيفة في المجتمع إلى “كبش فداء” بسرعة كبيرة. مثلما تكسر القشرة الأرضية ضغوطها المتراكمة من نقطة ضعف، يمكن للمجتمعات أن توجّه التوترات التي تواجهها على الفئات الضعيفة.
على الرغم من أنّ الأضرار التي سبّبها الزلزال لم يتمّ توضيحها بعد، فمن المحتمل أن يكون السوريون قد عانوا أكثر من السكان المحليين.
ولأنّ المباني التي يقيم فيها السوريون بشكل عام تقع في أقدم وأهم أجزاء المدن، يمكن تقدير أنّ التأثير المدمّر للزلزال أصاب مخزون المباني في هذه المناطق بشكل أكثر شدة، وهناك حقيقة أخرى مفادها أنّ السوريين في وضع غير مُواتٍ أكثر بكثير من السكان المحليين في الحطام وأعمال الإنقاذ.
في الساعات الأولى من وقوع الزلزال، فقدَ قرابةُ 6500 سوري أرواحَهم، وعبَرَ أكثر من 35 ألف سوري من تركيا إلى الجانب السوري.
وفي اليوم الثاني من الزلزال، رفعت مديرية الهجرة القيودَ المفروضة على مغادرة المدينة للسوريين في المنطقة المتضررة من الزلزال. كما سُمح لها بالعبور إلى سوريا مع إمكانية العودة في غضون 6 أشهر.
بصرف النظر عن ذلك، يُعتقد أن جزءًا كبيرًا من السوريين، مثل غيرهم من الأشخاص في المنطقة، ربما تحرّكوا نحو أقاربهم في المناطق الغربية من تركيا.
بالنسبة للاجئين السوريين، يمثّل هذا النزوح صدمة ثانية بعد الصراع داخل سوريا. تم تهجير الأشخاص الذين فرّوا من النزاعات لأسباب سياسية ونزحوا من وطنهم مرة أخرى، بسبب الزلزال الذي تعرضوا له هذه المرة.
بالإضافة إلى الصعوبات التي يواجهونها، فإن المعاناة التي يعاني منها اللاجئون الذين بقوا في “النقاط العمياء” يمكن أن تصبح أكثرَ حدّة مع ردود الفعل الاجتماعية غير العادلة التي يواجهونها بين الحين والآخر، وقد يكون ردّ الفعل الذي قد يتصاعد في المجتمع بعد الكارثة قد زاد من مخاوف السوريين.
خيارات التسوية للسوريين
هناك عدة خيارات للنازحين السوريين في هذه العملية. أولاً؛ يمكنهم مواصلة حياتهم في بيئة هشّة من خلال البقاء في المنطقة. في هذه الحالة، يمكن أن تكون المنازل المهجورة والمدمرة بالفعل خيارًا خطيرًا؛ ولكن لا مفرّ منه بالنسبة للسوريين، وليس من الصعب التكهّن بأن السوريين سيستفيدون من فرص الإقامة الآمنة المتضائلة بالفعل في الاحتمال الأخير.
قد يكون الخيار الثاني للسوريين في المنطقة هو الهجرة بشكل مؤقت أو دائم إلى المحافظات المحيطة خارج المنطقة. يميل عدد السكان السوريين إلى التناقص والتشتت في جميع المحافظات، باستثناء غازي عنتاب حيث وقع الزلزال.
في هذه الحالة، يمكن تقييم أنّ المناطق التي كان للزلزال فيها تأثير مدمر قد تؤدي إلى ميل السوريين إلى الهجرة أكثر، وتأتي هاتاي وشانلي أورفا في المرتبة الأولى بين هذه المقاطعات.
وعند فحص إحصاءات مديرية إدارة الهجرة لشهر يناير 2022، يتبيّن أنّ 433683 سوريًا مسجلين في هاتاي، بينما كان هذا الرقم 354648 في فبراير 2023.
أما العدد في شانلي أورفا، الذي كان 427818 في يناير 2022، ققد انخفض إلى 368223، وفي المحافظات الأخرى في المنطقة، لا يوجد تغيير كبير. في هذه الحالة من المرجّح أن تجتذب المقاطعات مثل أضنة، السوريين من المقاطعات المتضررة بشدة مثل هاتاي وكهرمان مرعش وأديامان في دائرة أخرى، يمكن توقّع أنّ المدن التي توفّر فرصة للعمل في القطاع الصناعي مثل قونية وقيصري وأنقرة وبورصة ستجذب السوريين إلى جانب المواطنين الأتراك الآخرين.
وعلى الرغم من أنّ إسطنبول من بين الخيارات، منذ أن أغلقت مديرية إدارة الهجرة إسطنبول أمام تسجيل السوريين، فقد تمّ تقييم أنه لا يمكن ملاحظة سوى الزيادة في التحركات غير النظامية للسوريين في إسطنبول.
ورغم أنّ الخيار الثالث يبدو أنّه عودة السوريين إلى المناطق الآمنة في سوريا، فإنه يمكن توقّع أنّ هذا الخيار لن يكون شائعًا جدًا. يبدو أن الزلزال تسبّب في دمار كبير في شمال سوريا أيضًا. يبدو من المعقول أكثر اعتبار أنّ السكان المتجهين حاليًا إلى سوريا من بين السوريين ذهبوا إلى المنطقة مؤقتًا لزيارة أقاربهم.
يمكن تقييم عدد الذين غادروا بشكل دائم بشكل أكثر دقة بعد الإحصائيات التي من المحتمل الإعلان عنها في الأيام المقبلة، على العكس من ذلك، يمكن الاعتقاد بأنّ الزلزال الذي كان مدمّرًا تمامًا في شمال سوريا، قد يؤدي إلى حركة هجرة بين أكثر من 5 ملايين نسمة في المنطقة. ومع ذلك، لم تُلاحظ أيّ علامات على ذلك في الأسبوعين الأولين بعد الزلزال.
الخيار الرابع هو الهجرة وإعادة توطين السوريين في دول ثالثة. ومنذ عام 2011، بلغ عدد السوريين الذين أُعيد توطينهم في بلدان ثالثة في إطار “برامج إعادة التوطين” قرابة 50 ألفًا.
قد يكون تقديرًا مفرطًا في التفاؤل للاعتقاد بأنّ آليات إعادة التوطين، التي كانت تعمل بأعداد محدودة للغاية لأكثر من 10 سنوات، يمكن تشغيلها أكثر في فترة ما بعد الزلزال.
ومع ذلك، قد تدعو تركيا المجتمع الدولي لتقاسم المزيد من الأعباء بشأن هذه القضية، وقد تدعو إلى زيادة قدرات البرامج. من ناحية أخرى، لا يخفى على أحد أنّ عمليات الانتقال إلى دول ثالثة تتمّ ليس فقط من خلال طرق منتظمة، ولكن أيضًا عبر طرق غير منتظمة.
من بين كل هذه الخيارات، لن يكون مفاجئاً أن تزداد الضغوط الاجتماعية المتزايدة على السوريين بعد الزلزال الذي حدث عشيةَ الانتخابات في تركيا. وهذا يعني أن الأشخاص الذين يفرّون من مخاوف “جديدة”، يسعَون إلى مستقبل واعد في ركن من أركان تركيا والعالم.