انهيار بنك وادي السيليكون.. خيار وحيد لإنقاذ العملاق الأمريكي
وطن– اهتز الاقتصاد العالمي، في أعقاب إغلاق بنك سيليكون فالي أو كما يعرف اختصاراً بـSVB. وذلك بعد انهيار البنك وفشله في تعويض الخسائر المالية وعجزه عن تلبية عمليات سحب الأموال المفاجئة التي قام بها عملاؤه، ما أدى إلى إعلان إفلاسه رسمياً.
ونشرت مجلة “إيكونوميست” البريطانية، تقريراً عن انهيار بنك وادي السيليكون، واستعرضت أسباب الانهيار وتأثيره على النظام المالي في الولايات المتحدة، وتحدثت عن إمكانية تدخل الدولة لإنقاذ البنك.
المجلة قالت إنه البنكُ الـ16 من حيث الحجمُ في أميركا، بأصول تبلغ 200 مليار دولار، وإنه مقرِضٌ كبير للشركات الناشئة الكبيرة في قطاع التكنولوجيا بوادي السيليكون في ولاية كاليفورنيا.
وأضافت أنّ سعر سهم البنك انخفض بنسبة 60% يوم الأربعاء الماضي، ثم 70%، وفشلت كل مناشدات إدارته للعملاء بدعمه، وأخيراً تم الإعلان عن وقف التداول في أسهمه وحجز ودائع عملائه، مما يعني الإعلان عن انهياره.
وسبب الأزمة التي تعرّض لها البنك، وهي أكبر عملية انهيار لبنك أميركي منذ الأزمة المالية في 2008، هو أنّ ودائعه تضاعفت أكثر من 4 مرات خلال 4 سنوات (من 44 مليار دولار في 2017 إلى 189 ملياراً في نهاية 2021)، فيما نمت قروضه التي يقدمها للشركات الناشئة من 23 مليار دولار إلى 66 ملياراً.
ونظراً لأنّ البنوك تجني الأرباح من الفارق بين سعر الفائدة الذي تدفعه على الودائع والسعر الذي يدفعه المقترضون، فإن وجود قاعدة ودائع أكبر بكثير من دفتر القروض يمثّل مشكلة يقتضي حلُّها حصولَ البنك على أصول أخرى تحمل فائدة، لذلك استثمر البنك في نهاية 2021 مبلغ 128 مليار دولار، معظمها في سندات الرهن العقاري وسندات الخزانة بأسعار مرتفعة (أسعار الذروة).
وأشار التقرير إلى ارتفاع أسعار الفائدة مع ترسخ التضخم وانخفاض أسعار السندات، مما ترك بنك “إس في بي” مكشوفاً بشكل فريد، وخفض العملاء ودائعهم من 189 مليار دولار في نهاية عام 2021 إلى 173 ملياراً في نهاية عام 2022.
واضطرّ البنك إلى بيع محفظته من السندات السائلة بالكامل بأسعار أقلّ مما كانت عليه، متكبّداً خسائر بلغت نحو 1.8 مليار دولار تركت فجوة حاول سدها بزيادة رأس المال، لكنه لم يُفلح.
المجلة تساءلت عما إذا كانت أزمة هذا البنك استثناءً، وقالت إنه رغم أنه كان عرضة بشكل استثنائي لسحب أموال المودعين منه، فإن جميع البنوك تقريباً تتعرض لخسائر في محافظ سنداتها.
من جانبها، قالت وزيرة الخزانة الأميركية، جانيت يلين، إنها تراقب حالياً عدة بنوك في ضوء ما حدث لـ”إس في بي”، ولحسن الحظ لا يوجد خطر على تلك البنوك في الوقت الراهن.
وعن إمكانية إنقاذ “إس في بي”، يقول رو خانا، عضو الكونغرس من الدائرة الـ17 في كاليفورنيا -والتي تضمّ جزءاً من وادي السيليكون- إنّ هذا البنك هو “شريان الحياة للنظام البيئي للتكنولوجيا”، ولا يمكنهم تركه يفشل.
وبرأي المجلة، فإن التدخل الحكومي لا يحظى بشعبية، لكنه قد يكون الخيار الوحيد.
وقال وزير الخزانة السابق لاري سمرز، إنه إذا تدخلت الدولة فلا داعيَ للقلق من أن انهيار “إس في بي” سيضرّ أجزاءً أخرى من النظام المالي.
كيف انهار بنك وادي السيليكون؟
يُشار إلى بنك وادي السيليكون تأسس عام 1983، وتخصّص في الأعمال المصرفية للشركات التقنية الناشئة، وقدّم التمويل لما يقرب من نصف شركات التقنية والرعاية الصحية المدعومة من رأس مال المخاطرة الأمريكي.
وهذا البنك يعتبر من بين أكبر 20 بنكًا تجاريًا أمريكيًا، حيث بلغ إجمالي أصوله 209 مليارات دولار أمريكي بحلول نهاية العام الماضي. وذلك بحسب مؤسسة التأمين الفيدرالية.
وكان البنك قد أعلن يوم الأربعاء الماضي، أنه قد باع مجموعة من الأوراق المالية بخسارة، وأنه سيبيع أيضًا 2.25 مليار دولار من الأسهم الجديدة لدعم ميزانيته العمومية.
هذا الأمر أثار حالة من الذعر بين شركات رأس المال الاستثماري الرئيسية، التي ورد أنّها نصحت شركة التقنية الناشئة بسحب أموالها من البنك.
وبدأ سهم البنك في الانخفاض صباح يوم الخميس، وبحلول فترة ما بعد الظهر كان يسحب أسهم البنوك الأخرى معه، حيث بدأ المستثمرون يخشَونَ تَكرار الأزمة المالية التي جرت عامي 2007 و2008.
وبحلول صباح يوم الجمعة، توقف التداول في أسهم بنك وادي السيليكون، وتخلّى عن الجهود المبذولة لزيادة رأس المال بسرعة أو العثور على مشترٍ، فتدخّل المنظمون في ولاية كاليفورنيا، فأغلقوا البنك ووضعوه في الحراسة القضائية تحت مؤسسة التأمين على الودائع الفيدرالية.