هل البكاء مفيد لصحتك؟
شارك الموضوع:
وطن-يبك المرء عندما يواجه فيض من العواطف، لا يستطيع التعبير عنها إلا بهذه الطريقة. لكن هل هي صحيّة؟ فيما يلي تحدث موقع “ميو فيفر سانتي” الفرنسي، عن فوائد البكاء وكيف يمكن أن يساعدنا في التحسن في ظل ظروف معينة.
عندما يشعر الإنسان بالحزن، تغمره في بعض الأحيان نوبة دموع يستطيع من خلالها أن يشعر بتحسن كبير. ووفقًا لدراسات مختلفة حول هذا الموضوع، نقلتها بشكل خاص صحيفة The Independent البريطانية، فإن البكاء سيساعد تسعة من كل عشرة أشخاص على الشعور بالتحسن من خلال تقليل التوتر ومساعدة الجسم على التخلص من التوتر البدني.
ووفقًا لما ترجمته “وطن“، فإن الدموع ستكون فعالة إلى درجة أن البعض يحاول أن يجعله مجالاً علميًا، حيث تخصص اليابان، المدرس الثانوي السابق Hidefumi Yoshida، للعلاج من خلال البكاء. وفي السنوات الأخيرة، نُظّمت العديد من ورش العمل في جميع أنحاء البلاد، من خلال حلقات روي كاتسو؛ وهي كلمة يابانية تعني السعي وراء الدموع، وهي خدمة توفر مكانا آمنا للناس لكي يبكون. يعتقد ممارسوها أنها تخفف التوتر وتساعد من يصعب عليهم التعبير عن مشاعرهم بسبب الضغوط الاجتماعية.
ومن من خلال عرض مقاطع فيديو للحيوانات أو العائلات أو حتى مشاهد من الطبيعة، من المحتمل أن تحيّر مشاعرهم الحزينة، ثم سرعان ما يبدأ المشاركين في ذرف الدموع. فضلاً عن أن الكثير من المدارس والشركات اليابانية لا تتردد في اتباع نفس المسار.
الدموع محملة بهرمونات التوتر
يقول فلوريان كوفا، الأستاذ المساعد المختص في الفلسفة وعلم النفس في مركز العلوم العاطفية في جامعة جنيف (سويسرا): “لا أحد يستبعد أن البكاء يمكن أن يكون مفيدًا في مواقف معينة. عندما تكون حزينًا بالفعل وعلى وشك البكاء، فإن الترويح عن نفسك من خلال البكاء يخلق راحة فورية، كما أن حبس البكاء وعدم التنفيس أمر مؤلم للغاية. ولا شكّ في أن التحكم في عواطفنا يتطلذب قدرًا كبيرًا من الجهد. ناهيك عن أن البكاء يزيل الرغبة في البكاء أحيانًا، ما من شأنه أن يفيد أننا بحالة نفسية أفضل”.
لذا، ضع في اعتبارك أن البكاء، حتى لو كان يعني إجبار نفسك عندما لا ترغب في ذلك، سيكون له فوائد نفسية على المدى الطويل.
لماذا لا استطيع البكاء؟! .. 10 أسباب لا تسمح لك بالتخلص من مشاعرك
من أين تأتي هذه الفكرة من أن البكاء يخفف التوتر؟ يوضح فلوريان كوفا أن “الثقافة الغربية متأثرة جدًا بالتحليل الفرويدي، الذي يعتبر قدر الضغط نموذجًا له؛ فالعواطف هي طاقات تتراكم ويجب إطلاقها من وقت لآخر لتجنب الانفجار”، مستحضرًا الفكرة “الشائعة جدًا” المتمثلة في “التنفيس”.
وبناءً على هذه الفرضية، أثبت عالم الكيمياء الحيوية الأمريكي ويليام فراي في الثمانينيات أن الدموع ليست متساوية: فدموع التزليق التي تُنعّم القرنية، لا تشبه الدموع الانعكاسية، والتي تتدفق عند وجود غبار في العين. أو عند تقطيع البصل على سبيل المثال، ولا الدموع العاطفية الناتجة عن الحزن أو الفرح (والتي لا يقدر على ذرفها سوى البشر).
من خلال تحليل تركيبها الكيميائي، أظهر العالم أن الدموع العاطفية تحتوي على عدد من الهرمونات المرتبطة بالتوتر، مثل الكورتيزول أو الأدرينالين أو البرولاكتين. وهذا، وفقًا لتفسيره، دليل على أن البكاء ميكانيكيًا يزيل سموم الجسم عن طريق إفراغ الهرمونات المذكورة وبالتالي الشر الذي يعتلينا. حتى أن دراسة أمريكية أخرى أُجريت عام 1986، ذهبت إلى حد الادعاء بأن البكاء يمكن أن يرتبط بانخفاض الاكتئاب.
إلا أن الأمر ليس بهذه البساطة، كما يحذر فلوريان كوفا: “في لحظات الحزن، يحتوي العرق واللعاب أيضًا على هرمونات التوتر هذه! ما يثبت فقط أننا قلقون عندما نبكي، وهذا أمر منطقي تمامًا. بالإضافة إلى ذلك، فإن تركيز هرمونات التوتر في الدموع لا يكفي أبدًا لإعادة التوازن إلى الجسم. وبحسب المختص في العواطف، فإن القول بأن وظيفة البكاء هي إفراغ السموم والعودة إلى حالة الرفاهية هو؛ طريق مختصر، فلا يوجد دليل علمي يدعم هذا”.
وقد يكون الأمر كذلك، وفقًا لبعض الدراسات التي استشهد بها مدرس علم النفس، حيث أضاف”عندما أخضع العلماء المتطوعين لمشاهدة فيلمًا دراميًا أو عرضوا عليهم ذكريات الحياة الحزينة، ثم قيّموا ردود أفعالهم الجسدية، لاحظوا أن أولئك الذين بكوا في النهاية يشعرون بقوة المشاعر السلبية مقارنة بأولئك الذين لم يذرفوا الدموع. إذًا، فإن البكاء قد يجعل الناس أكثر تعاسة من ذي قبل”.
لماذا نشعر أحيانا برغبة في البكاء على متن الطائرة؟.. الإجابة ستدهشك
الراحة بعد البكاء
لم يكتسب البحث العلمي حول الفوائد المفترضة للبكاء زخمًا جديدًا حتى عام 2000. بدلاً من محاولة معرفة ما إذا كان البكاء جيدًا في حد ذاته، حاول عالم النفس الهولندي Ad Vingerhoets، مؤلف كتاب لماذا يبكي الإنسان فقط، تحديد الظروف التي يمكن أن يشعر فيها الإنسان بالراحة بعد البكاء. من خلال جمع بيانات البكاء من حوالي 5000 شخص في 35 دولة (المدة، الأسباب، الموقع، وجود أو عدم وجود أشخاص من حولك، ردود فعل الآخرين ) وتوصل الباحث إلى استنتاجين.
من ناحية، وفقًا لفلوريان كوفا، “لا يَتْبع الدموع إلا تحسنًا في الحالة المزاجية، لاسيما عندما ينطوي الموقف الذي جعلك تبكي، على سبيل المثال على مشاجرة مع زوجتك. ولكن إذا انفجرنا في البكاء في سياق خارج عن إرادتنا ولا يمكن حله، مثل الموت، فلن يكون للبكاء أي تأثير إيجابي.
وأورد: “من ناحية أخرى، الدموع لا تريح المرء، لكن لها فوائد غير مباشرة لأنها تساعد على حل المواقف، لإيجاد حلول خارجية تريحنا في ذلك الوقت. بعبارة أخرى ليس البكاء أمر جيد، ولكن عواقبه الاجتماعية جيّدة، مثل الدعم العاطفي الذي يمكن أن نتلقاه من أحد الأحباء الذي قد يرانا نبكي في أثناء الجنازة. ونحن نبكي قبل كل شيء لنظهر أننا لسنا بخير، بهدف أن يساعدنا الآخرون على التحسن”.