خطة الابتزاز نجحت.. بدء خطة مصر لبيع الأصول والشركات يغير لهجة المسؤولين السعوديين
شارك الموضوع:
وطن- أظهر المسؤولون السعوديون، تغيّراً واضحاً في لهجة التعاطي مع واقع مصر الاقتصادي، كما ورد في تقرير نشرته وكالة بلومبيرغ، أعقبَ بَدء السلطات المصرية طرحَ عدد من الأصول والشركات للبيع، في خطوةٍ كانت تنتظرها الرياض، بعد إرهاصات بين البلدين في ظل رغبة سعودية مكتومة لخروج الجيش المصري من المشروعات.
يتضح من تصريحات المسؤولين السعوديين، أنّ هناك تغيّراً واضحاً في اللهجة الموجّهة لمصر، بعد سلسلة من التوتر في الفترة الماضية، وعلى الأرجح يعود ذلك إلى بَدء السلطات طرحَ شركات ومؤسسات حكومية عملاقة للبيع، وبالتالي تحاول الرياض خطف أكبر حصص ممكنة، وسط منافسة حامية مع الإمارات.
وكان وزير المالية السعودي محمد الجدعان، قد كشف في 18 يناير/كانون الثاني الماضي، خلال مشاركته في منتدى دافوس الاقتصادي العالمي، عن تغيّر إستراتيجية بلاده في تقديم المساعدات لحلفائها والخاصة بتقديم منح مباشرة وودائع دون شروط.
ورغم أن التصريح جاء في صيغته العمومية، ولم يتحدث بشكل مباشر عن دولة بعينها، فإن كلّ التكهنات أشارت إلى أنّ المستهدف الرئيسي هو مصر بصفتها أحد أكبر زبائن المملكة في خريطة الدعم خلال السنوات الأخيرة.
بالتزامن مع ذلك، دفعت المملكة بعدد من الكتاب والمفكرين المعروفين بقربهم من دوائر صنع القرار، مثل تركي الحمد وغيره، وهم يتحدثون عن فشل الدول وغرقها بالفساد إذا ما تُركت مفاصل الأمور للمؤسسة العسكرية.
لكنّ التغير السعودي، راجع إلى أنّ المملكة ترغب في توسيع نفوذها الاستثماري داخل السوق المصري، الأول الاستثمار المباشر والاستحواذ على أصول وممتلكات الدولة، لكن وفق شروط خاصة بها، سواء في حجم التغلغل الرأسي وقاعدته التوسعية.
تقرير بلومبيرغ قال إن الأيام الماضية، شهدت ارتفاعات قوية في سوق الذهب في مصر، في حين لم يشهد الجنيه المصري أي تحركات هبوطية منذ نهاية الأسبوع الماضي.
في الوقت نفسه، قالت المملكة العربية السعودية إنها تتابع التعهدات المالية المقدمة لمصر، دون الخوض في تفاصيل التقدم، وسط مخاوف من أن المملكة تتراجع عن المساعدة جزئيًا بسبب انخفاض الجنيه.
وأودعت السعودية 5 مليارات دولار في البنك المركزي المصري العام الماضي، إلى جانب قطر، وكانت المملكة قد خصصت أكثر من 10 مليارات دولار لمصر منذ فترة طويلة.
لكن حتى الآن، لم يتمّ الوفاء بهذا الرقم سوى بـ1.3 مليار دولار منها فقط. وذلك عندما استحوذت وحدة من صندوق الاستثمار العام السعودي على حصص مملوكة للدولة في أربع شركات مصرية.
وقال وزير المالية السعودي محمد الجدعان، في مؤتمر بالرياض: “لقد وضعنا أموالاً بالفعل” في مصر، مضيفاً أنّ سجل البلاد يتحدث عن نفسه.
ولدعم مواردها المالية، حصلت مصر على صفقة بقيمة 3 مليارات دولار مع صندوق النقد الدولي، ووافقت على إجراء سلسلة من الإصلاحات الاقتصادية تشمل طرح عدد من الشركات الحكومية وتخفيض قيمة الجنيه المصري.
وتنتظر دول الخليج، المزيد من اليقين بشأن العملة المصرية وإثبات أنها تجري هذه الإصلاحات، وتوقفت المحادثات مع صندوق الاستثمارات العامة السعودي بشأن شراء المصرف المتّحد التابع للبنك المركزي المصري، بسبب خلاف حول كيفية تقييم الصفقة.
وأضاف الجدعان: “مصر لديها إمكانات كبيرة، قد يواجهون بعض الصعوبات لكن لديهم ما يلزم ليكونوا أمة عظيمة، دولة عظيمة، اقتصاداً عظيماً”.
ويُنظر إلى تأمين التمويل الخليجي على أنه “حاسم” بالنسبة لمصر، لسَدّ فجوة تمويل تبلغ قرابة 17 مليار دولار في السنوات القليلة المقبلة، وفقًا لصندوق النقد الدولي.
فيما قال أيمن سليمان، الرئيس التنفيذي لصندوق مصر السيادي، إنه لن تكون هناك حدود قصوى فيما يتعلق بطرح الشركة الوطنية لبيع وتوزيع المنتجات البترولية “وطنية”، والشركة الوطنية لتعبئة المياه الطبيعية “صافي”.
وكانت صفقة فودافون قد تعثرت في وقت سابق، بسبب اعتزام الحكومة الحفاظ على نسبة تتخطى الـ50% بالشركات المزمع طرحها، وهو ما يمثل عائقًا أمام بعض المستثمرين الذي يرغبون في امتلاك المزيد من الأسهم بالشركات المطروحة.
وتمثّل تصريحات رئيس صندوق مصر السادي تحوّلاً في سياسة الحكومة بشأن نسبة الملكية في الشركات المطروحة.
وتابع أيمن سليمان، رئيس الصندوق السيادي المصري: أنّ “الطرح شهد إقبالاً كثيفًا من قبل مستثمرين محليين وإقليميين وخليجيين؛ بل من شركات عالمية”.
وأوضح رئيس صندوق مصر السيادي، أنّ نقل ملكية 100% من أسهم شركة مصر القابضة للتأمين إلى الصندوق يهدف لدعم الصندوق بكيان ذي ربحية عالية، بما يعزّز أصوله، فضلاً عن التخطيط لطرحٍ مستقبلي لشركتين تابعتين لشركة مصر القابضة للتأمين في وقت قريب.
وقالت الحكومة المصرية الشهرَ الماضي، إنها ستعرض حصصاً في 32 شركة على مدى عام، لكن وزير المالية المصري محمد معيط رفع هذا الرقم على هامش مؤتمر القطاع المالي في الرياض، قائلاً: “إن هذا الرقم قد يرتفع إلى 40”.
بيع الأصول المصرية يواجه عقبات مع استمرار سيطرة الدولةوقال معيط: “لقد بدأنا بالفعل في طرح الشركات، وبعض هذه الأصول ستطرح في السوق الشهر المقبل”.
وستكون المبيعات -إما في شكل طروحات عامة، أو مبيعات لمستثمرين إستراتيجيين، أو مزيج من الاثنين- حيث يعدّ طرح هذه الشركات جزءًا أساسيًا من برنامج أطلقته الحكومة للمساعدة في دعم الاقتصاد المتضرر من تداعيات الغزو الروسي لأوكرانيا.
وخفض المسؤولون قيمة العملة ثلاث مرات في العام الماضي، وهي تحركات ساعدت في تأمين قرض من صندوق النقد الدولي بقيمة 3 مليارات دولار.
وتأمل البلاد في استثمارات إضافية من حلفاء مصر في الخليج العربي، على الرغم من أنّ القليل من الأموال التي تمّ التعهد بها من تلك الدول قد تحققت.
وقال معيط إنه يمكن عرض ما مجموعه خمسة بنوك، بما في ذلك بنك الإسكندرية، وتبحث السلطات أيضًا في تقديم حصة في شركة مصرية للاتصالات التي تديرها الدولة.