وطن– نعيشُ اليوم في مجتمع يسوده قانون العمل والإنتاجية، بحيث نُهمل مدى حاجتنا للراحة ووقت الفراغ وبعض الكسل. علمًا بأنّه ثبتَ أنّ تخصيص الوقت للحياة الشخصيّة هو أحد مفاتيح السعادة. لكن، دون أن تدوم أوقات الفراغ لساعات طويلة، لأنّ هذا يمكن أن يُضرّ برفاهيتنا أيضًا. إذن، كم ساعة يجب أن نخصّصها لممارسة هواياتنا لنكون أكثر سعادة؟
بحسب ما نشرته مجلة “ماري كلار” الفرنسية، نقلاً عما كشفه مرصد عدم المساواة (التفاوتات) في عام 2016، فإنه في فرنسا، تكرّس النساء ما معدّله في المتوسط ساعتان و45 دقيقة في اليوم لأنشطتهن الترفيهية في أوقات الفراغ، مثل: (القراءة، والمشي، والتلفاز، والرياضة)، مقارنة بـ3:20 ساعة لدى الرجال.
ووفقًا لما ترجمته “وطن“، فإنّ النساء يتحمّلن عبئًا ثقيلاً؛ نفسيًا ومعنويًا، ولهذا فإن كثيرًا من النساء لا يستمتعن بـ”وقت الفراغ”، على الرغم من أنه من الضروري التمتع بفترات من الراحة، حتى لا يغمرهنّ التعب والاكتئاب.
ومع ذلك، شدّد بعض الباحثين على أنّ قضاء كثير من الوقت في الترفيه، يعدّ أمرًا سيئًا أيضًا لنفسيتنا. لذلك من الضروري تحديد وقت الراحة والاسترخاء الذي نحتاجه كل يوم.
قضاء أقل من ساعتين في وقت الفراغ اليومي يجعلنا غير سعداء..
في الحقيقة، إن التمتع بوقت فراغ لمدة قصيرة يوميًا ليست فكرة جيّدة أو مناسبة لرفاهيتنا، علمًا بأنّ العلم أثبت هذه الحقيقة. فقد أشارت دراسة نُشرت في سبتمبر 2021 في الجمعية الأمريكية لعلم النفس، إلى أنّ ساعات وقت الفراغ تؤثّر على مستوى سعادة الأفراد.
ومن جهته، قال ماكس ألبيرهاسكي، الباحث في جامعة أوستن: “وجدت الأبحاث الحديثة أنّ المشاركين الذين يمضون أقلّ من ساعتين في وقت الفراغ يوميًا أبلغوا عن زيادة التوتر، ما يعني أنهم كانوا ببساطة مشغولين جدًا بالعمل أو التسوق أو حضانة أطفالهم أو أي أمور أخرى، مُعتقدين أنهم بذلك، سيتمتّعون بأقصى قدر ممكن من السعادة”.
فيما يلي العادات التي يجب اتباعها لتكون أكثر إنتاجية وفقًا لجامعة هارفارد
وفي المقابل، فإن قضاء بعض الوقت كلّ يوم في الاسترخاء أو التفكير في نفسك أو ممارسة الهوايات يرتبط بالرضا الشديد عنها، مع مراعاة أن تكون فترة الفراغ معتدلة، لأنها إذا كانت لساعات مطوّلة، فستُؤدي إلى نقص حقيقي في الإنتاجية وفقدان طعم الحياة.
قضاء ساعات طويلة في وقت الفراغ اليومي يضرّ برفاهيتنا..
هل حلمت لسنوات بترك عملك لقضاء كلّ وقتك على الشاطئ واحتساء المشروبات المفضلّة لديك وقراءة الكتب؟ في هذا السياق، أوضح ماكس ألبيرهاسكي: “على الرغم من أن هذه الرغبة طبيعية بقدر انتشارها بين السكان، فإن الحصول على وقت فراغ غير محدود ليس أمرًا صحيًا”.
وفي الواقع، مثلما يرى بعض المتقاعدين، فقد يكون قضاء كثير من الوقت في الاسترخاء والراحة أمرًا محبطًا. ويضيف الخبير ماكس البرهاسكي، أنّ وجود أكثر من خمس ساعات من وقت الفراغ تحت تصرف الفرد كلّ يوم سيؤدي إلى إرهاق شديد لدى الأفراد: “وجود كثير من أوقات الفراغ يضرّ بالسعادة ويسبّب الملل”.
وبالتالي، قالت ماريسا شريف، أستاذة مدرسة وارتون ومؤلفة الدراسة: “تشير نتائجنا إلى أن وجود أيام تكون فيها أوقات الفراغ طويلة، يمكن أن يجعل الشخص غير سعيد بنفس القدر. وبدلاً من ذلك، يجب أن يسعى الأشخاص جاهدين للحصول على قدر معتدل من وقت الفراغ لقضائه كما يحلو لهم”.
دراسة تكشف عن روتين يومي يجعلك شخصًا سعيدًا
كيفيّة قضاء وقت الفراغ لا يقلّ أهميةً عن وقت الفراغ في حدّ ذاته..
أورد ماكس ألبيرهاسكي: “أخيرًا، سيكون هناك مقدار مثالي من وقت الفراغ كل يوم للشعور بالسعادة. هذا هو ما نحتاجه بالضبط، فضلاً عن أنّ الطريقة التي تقضي بها وقت الفراغ لا تقل أهمية عنه”.
كما أضاف: “عندما يتمّ استخدام وقت الفراغ بطرق أكثر إنتاجية، مثل: ممارسة رياضة جماعية أو التطوع، يمكن لخمس ساعات أو أكثر يوميًا الحفاظ على قدر جيّد من السعادة أو حتى تعزيزها. وبالمثل، فإن وقت الفراغ الذي يقضيه في التواصل مع الآخرين له تأثير إيجابي مماثل، في حين أنّ قضاء خمس ساعات في اليوم أو أكثر من وقت الفراغ بمفردنا يمكن أن تجعلنا غير سعداء وبمعزلٍ عن الآخرين”.
ومن جهتها، قالت مؤلفة الدراسة المشاركة كاسي موغيلنر هولمزن: “على الرغم من أنه لا يمكن للجميع توفير ما لا يقلّ عن ساعتين من وقت الفراغ كل يوم، فإن المفتاح هو أن تقضي على الأقلّ لحظات خالية من التوتر. والشيء المهم هو أن تأخذ بضع ساعات من يومك وتقضيها بالطريقة التي تريدها، ولكن، ليس لأداء مهام أو القيام ببعض الالتزامات”.