بيان ناري من الأزهر الشريف عن الديانة الإبراهيمية.. ماذا قال عن الإمارات؟
شارك الموضوع:
وطن– في هجومٍ صريح على مشروع بيت العائلة الإبراهيمية في الإمارات الذي أثار جدلاً عاصفاً في الفترة الماضية، أعلن الأزهر الشريف رفضَه القاطع دعاوى تكوين كيان عقدي يجمع الديانات السماوية الثلاثة في دينٍ واحد تحت مسمى “الديانة الإبراهيمية”.
وأصدر مجمع البحوث الإسلامية التابع للأزهر، بياناً مهماً، قال فيه إنه على الداعين لهذا التوجّه أن “يبحثوا عن طريق آخر يحققون به مصالحهم وينفذون به أجنداتهم”.
وأضاف أنّ رفض الأزهر القاطع لتلك الدعاوى لا يتعارض مع التعاون في المشتركات بين الأديان، موضحاً أنّ الأزهر يرى أنّ اختلاف الناس في معتقداتهم وتوجهاتهم سنة كونية وفطرة طبيعية، وأنّ الخالق لو شاء أن يخلقهم على شاكلة واحدة، أو لسان واحد أو عقيدة واحدة لخلقهم على هذا النحو.
وأشار البيان إلى أنّ حرية اختيار المعتقد، لا تمنع التواصل الإنساني مع أتباع الديانات الأخرى والتعاون معهم على البر والتقوى وليس على الإثم والعدوان، لأنهم أهل كتب سماوية، والتعامل معهم على أساس العدل والاحترام المتبادل، مما يدعو إليه الإسلام.
ووفق البيان، يرى الأزهر أنه “لا يجوز الخلط بين احترام عقائد الآخرين والإيمان بها، لأن ذلك الخلط سيؤدي إلى إفساد الأديان والتعدي على أثمن قيمة كفلها الله للإنسان، وهي حرية المعتقد”.
ونوّه بأنّ الدعوة لما يسمى بالدين الإبراهيمي، قد سبق وأن أثيرت من قبل، وحسم الأزهر أمرَها وبيَّن خطورتها، وأنها لا تتفق مع أصول أيّ دين من الأديان السماوية ولا مع فروعه.
وأكد البيان أنّه على هؤلاء الداعين لمثل هذا التوجه، أن يبحثوا عن طريق آخر يحققون به مصالحهم وينفّذون به أجنداتهم بعيدًا عن قدسية أديان السماء وحرية الاختيار المرتبطة بها.
وشدّد الأزهر على أنه منفتح على المؤسسات الدينية داخل مصر وخارجها، لكنه انفتاح غايته البحث عن المشتركات الإنسانية بين الأديان السماوية والتعلق بها لانتشال الإنسانية من أزماتها المعاصرة.
المجمع يخفف اللهجة
وبعدما أثار هذا البيان تفاعلاً واسعاً، أصدر المجمع التابع للأزهر الشريف بياناً آخر قال فيه: “يؤكد مجمع البحوث الإسلامية أن مبادرات الأخوة الانسانية، وبناء دور عبادة مستقلة لغير المسلمين لأداء شعائرهم مع الحفاظ علي هوية كل دين وخصوصيته واستقلاليته؛ لايعد دمجا للأديان، ولا هو من قبيل تلك الدعوات الباطلة المشبوهة التي استهدفت انصهار الأديان ومزجها في دين واحد، بل هو جائز شرعا نظرا لما يترتب عليه من مقاصد إنسانية يدعو إليها الدين الإسلامي بل وتدعو إليها كافة الشرائع السماوية”.
وأضاف: “مشروع بيت العائلة الذي يمثل أحد مبادرات الأخوة الإنسانية وهو عبارة عن مسجد مجاور لكنيسة وكنيس، يفصل بين دور العبادة لكل دين علي حدة في المبني والمعني، كما أن تجاور دور العبادة في مجتمعاتنا العربية والإسلامية قديم وموجود في كبري المدن والعواصم الإسلامية وليس أمرًا مبتدعًا”.
ووفق البيان الثاني، أنشأ الأزهر مع الكنائس المصرية من قبل ما يسمى بـ”بيت العائلة المصرية” بلجانه المشتركة بكلّ محافظات مصر، والذي يرأسه شيخ الأزهر وبابا الكنيسة الأرثوذكسية معًا، وله فروع في كل محافظات مصر وممثلون؛ نصفهم من القساوسة، ونصفهم من الشيوخ.
إنشاء البيت الإبراهيمي
وكانت دولة الإمارات قد افتتحت مؤخراً، بيت العائلة الإبراهيمية، وهو مشروع يضمّ مسجداً وكنيسة وكنيساً، كما يتضمّن مركزاً تعليمياً، ويقع في جزيرة السعديات في العاصمة أبو ظبي.
ويعود قرار إنشاء المكان إلى عام 2019، بعد قرار “ابن زايد”، تخليداً لذكرى زيارة شيخ الأزهر “أحمد الطيب”، وبابا الفاتيكان “فرانسيس الثاني” إلى أبو ظبي.
ورغم موجة حادّة من الانتقادات، قال حمد خليفة المبارك، رئيس بيت العائلة الإبراهيمية، إنّ تأسيس البيت الإبراهيمي يأتي ليشكّلَ امتداداً لرؤية السلام والاحترام المتبادل في الإمارات التي يعيش بها أكثر من جنسية من حول العالم.
فتوى سعودية
وفي الأيام الماضية، أعاد نشطاء تداول فتوًى صادرة عن الرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء في المملكة العربية السعودية، تتحدث عن مشروع البيت الإبراهيمي.
في تلك الفتوى، قالت الرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء، إنّ من أصول الاعتقاد في الإسلام، المعلومة من الدين بالضرورة، والتي أجمع عليها المسلمون، أنه لا يوجد على وجه الأرض دين حق سوى دين الإسلام، وأنه خاتمة الأديان، وناسخ لجميع ما قبله من الأديان والملل والشرائع، فلم يبقَ على وجه الأرض دين يُتعبّد الله به سوى الإسلام.
وأضافت أنه من أصول الاعتقاد في الإسلام، أنّ كتاب الله تعالى (القرآن الكريم) هو آخر كتب الله نزولاً وعهدًا برب العالمين، وأنه ناسخ لكل كتاب أنزل من قبل؛ من التوراة والزبور والإنجيل وغيرها، ومهيمن عليها، فلم يبقَ كتاب منزل يُتعبّد الله به سوى القرآن الكريم.
وأشارت إلى أنه يجب الإيمان بأنّ التوراة والإنجيل قد نُسخا بالقرآن الكريم، وأنه قد لحقهما التحريف والتبديل بالزيادة والنقصان، كما جاء بيان ذلك في آيات من كتاب الله الكريم، وأنّ ما كان منها صحيحًا فهو منسوخ بالإسلام، وما سوى ذلك فهو محرّف أو مبدّل.
وأشارت إلى أنه أمام هذه الأصول الاعتقادية، والحقائق الشرعية، فإنّ الدعوة إلى “وحدة الأديان” والتقارب بينها وصهرها في قالب واحد، دعوة خبيثة ماكرة، وأن الغرض منها خلط الحق بالباطل، وهدم الإسلام وتقويض دعائمه، وجرّ أهله إلى ردة شاملة.
وأوضحت أنّ الدعوة إلى “وحدة الأديان” إن صدرت من مسلم فهي تُعتبر ردة صريحة عن دين الإسلام، لأنّها تصطدم مع أصول الاعتقاد، فترضى بالكفر بالله عز وجل، وتبطل صدق القرآن ونسخه لجميع ما قبله من الشرائع والأديان، وبناءً على ذلك فهي فكرة مرفوضة شرعًا، محرّمة قطعًا بجميع أدلة التشريع في الإسلام من قرآن وسنة وإجماع.