ولي العهد محبط من أمريكا.. ماذا سيحدث لو امتلك محمد بن سلمان النووي؟
وطن- قالت صحيفة “نيويورك تايمز nytimes” الأمريكية، إنه على مدى سنوات ضغطت المملكة العربية السعودية على الولايات المتحدة لمساعدتها في تطوير برنامج للطاقة النووية، حيث يتطلع القادة السعوديون إلى بدائل غير نفطية لتزويد بلادهم بالطاقة.
لكن المحادثات حول الشراكة النووية طال أمدها، ويرجع ذلك إلى حدّ كبير إلى أن الحكومة السعودية ترفض الموافقة على شروط تهدف إلى منعها من تطوير أسلحة نووية أو مساعدة دول أخرى على القيام بذلك، وفقًا لمسؤولين على دراية بالمناقشات نقلت عنهم الصحيفة.
ويتابع التقرير: “يستكشف المسؤولون السعوديون المحبطون الآن خيارات للعمل مع دول أخرى، بما في ذلك الصين أو روسيا أو حليف للولايات المتحدة”.
محمد بن سلمان والأسلحة النووية
في الوقت نفسه، تجدّد السعودية محاولاتها في هذا الشأن مع الولايات المتحدة -شريكها المفضل- من خلال عرض تطبيع العلاقات مع إسرائيل، مقابل تعاون الولايات المتحدة في بناء مفاعلات نووية في المملكة وضمانات أخرى.
وتوفّر التفاصيل الجديدة للجهود السعودية -بحسب تقرير نيويورك تايمز- نظرة على الصعوبات الأخيرة وانعدام الثقة بين واشنطن والرياض، وعلى السياسة الخارجية التي ينتهجها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، والساعية إلى استقلال أكبر عن الولايات المتحدة، من خلال توسيع شراكته مع القوى العالمية الأخرى، بما في ذلك الصين.
ويقول بعض المحللين، إنّ ذلك جزءٌ من إستراتيجية للضغط على واشنطن للعمل مع الحكومة السعودية بشروطها الخاصة. ويقول آخرون إن الأمير ابن سلمان يرى عالماً ناشئاً متعدد الأقطاب تؤدي فيه الولايات المتحدة دوراً أقل سيطرة.
ووافقت السعودية في، مارس الماضي، على تقارب دبلوماسي مع إيران بعد أن قامت الصين بدور الوسيط.
وتثير الجهود النووية السعودية قلق بعض المسؤولين الأمريكيين، الذين استندوا إلى تصريحات سابقة للأمير محمد، الحاكم الفعلي للمملكة، والتي قال فيها إن السعودية ستطور أسلحة نووية إذا قامت إيران بذلك.
ويحتوي أي برنامج نووي مدني على عناصر ذات استخدام مزدوج، يمكن أن تساعد دولة في إنتاج موادّ صالحة لصنع الأسلحة.
لكن الأمير محمد يعتقد أيضًا أن بلاده لها الحق في استغلال رواسب اليورانيوم الهائلة المحتمل تواجدها في المملكة من أجل إنتاج الطاقة أو تصديرها. وهو أمر من شأنه أن يخلق مصدر دخل جديد للمملكة، ويمكن أن يمنح السعودية ثقلًا جيوسياسيًا أكبر. وتعمل الصين بالفعل مع المملكة العربية السعودية على التنقيب عن اليورانيوم.
وقال الأمير عبد العزيز بن سلمان، وزير الطاقة السعودي، في مؤتمر بالرياض في كانون الثاني (يناير)، إن خطط تخصيب اليورانيوم وإنتاج الوقود النووي -بما في ذلك للتصدير- كانت “أكثر أهمية” من المفاعلات المقترحة في المملكة العربية السعودية.
وقالت وزارة الطاقة في بيان، إنّ عملية تقديم العطاءات لمفاعلين تشمل “العديد من صناع التكنولوجيا”، وإنها تتوقع تلقي العروض قريبًا.
“اتفاقية 123” للطاقة الذرية
وتطالب أمريكا الدول بالوفاء بالمعايير العالية لعدم الانتشار قبل التعاون في برنامج نووي، بما في ذلك في بعض الحالات حظر تخصيب اليورانيوم وإعادة معالجة الوقود في أراضيها.
تقول الصحيفة، إنّ وزارة الخارجية الأميركية، وبمشورة من وزارة الطاقة، تتفاوض مع السعودية وفقاً للمواد الواردة في “اتفاقية 123“.
و”اتفاقية 123” من قانون الولايات المتحدة للطاقة الذرية تتضمن شروطاً للتعاون مع الدول الأخرى في الصفقات النووية مع الدولة الأخرى.
تؤكد الصحيفة أنّ المسؤولين السعوديين يرفضون الالتزام بالقيود التي من شأنها تقويض هدفهم في تخصيب اليورانيوم وبيعه.
وتضيف أنه حتى في حال أعرب المسؤولون السعوديون عن استعدادهم للموافقة على شروط الاتفاقية، فإن أيّ صفقة ستواجه عقبات سياسية كبيرة في واشنطن.
فالرئيس الأميركي جو بايدن لا يثق بالأمير محمد بن سلمان، وكان هناك توتر مؤخراً في العلاقات بشأن سياسة السعودية النفطية.
كذلك يعتقد كثير من المشرّعين الديمقراطيين وبعض الجمهوريين أن المملكة العربية السعودية كانت قوة مزعزعة للاستقرار، وفقاً للصحيفة.
وتابعت أنّ البيت الأبيض ووزارة الخارجية الأميركية رفضتا طلبات إجراء مقابلات رسمية، وقالت الوزارة إنها لن تردّ إلا على الأسئلة المكتوبة.
كذلك أشارت الصحيفة، إلى أنّ المسؤولين الأميركيين والسعوديين تحدثوا بشرط عدم الكشف عن هويتهم.
وقالت وزارة الخارجية الأميركية، إنّ الولايات المتحدة كانت تتفاوض على اتفاق مع السعودية منذ 2012، لكنها امتنعت عن الإدلاء بتفاصيل.
السعودية تبحث عن بدائل
وأضافت أنّ إدارة بايدن “ملتزمة بدعم انتقال الطاقة النظيفة في المملكة العربية السعودية، بما في ذلك جهودها لتطوير برنامج للطاقة النووية السلمية”.
وتابعت أنّ الولايات المتحدة تطلب “أعلى المعايير الدولية”، بشأن “السلامة ومنع الانتشار وضوابط التصدير”.
بينما قالت وزارة الطاقة السعودية، إنّ “برنامج الطاقة النووية السلمية” للمملكة سوف يستند إلى “الشفافية وأفضل الممارسات الدولية”، وأنها ستعمل عن كثب مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية والدول التي وقعت اتفاقيات عامة مع السعوديين للمساعدة في الطاقة النووية، ويشمل ذلك الصين وروسيا وكوريا الجنوبية وفرنسا.
وتؤكد الصحيفة أنه وبينما تصرّ إدارة بايدن على ضمانات معينة، واصل المسؤولون السعوديون البحث عن بدائل.
ومن بين البدائل شركة “كيبكو” الكورية الجنوبية للطاقة الكهربائية، التي أكدت للصحيفة أنها تتحدث مع المسؤولين الأميركيين بشأن البرنامج النووي، وهي مهتمة بالعمل مع المملكة العربية السعودية؛ لكنّها رفضت الخوض في التفاصيل.
وتقول الصحيفة إن من المرجّح ألا تسمح حكومة كوريا الجنوبية للشركة بتنفيذ المشروع، إلا في حال دخلت السعودية في اتفاقية صارمة لمنع انتشار الأسلحة النووية.
وتابعت الصحيفة، أنّ الفرنسيين سيكون لهم موقف مماثل، بينما سيكون العمل مع روسيا صعباً بسبب العقوبات.