أسلحة ومخدرات وخمور.. كيف فرضت أسماء الأسد سطوتها على الاقتصاد السوري؟

By Published On: 3 أبريل، 2023

شارك الموضوع:

وطن– تحت عنوان: “الاستيلاء على الدولة السورية: النفوذ المتزايد للسيدة أسماء الأسد”، نشرت صحيفة “فايننشال تايمز” البريطانية، تقريراً عن النفوذ المتزايد لأسماء الأسد (الأخرس)، زوجة بشار، على مؤسسات النظام.

وتناول التقرير المنشور في صحيفة “فايننشال تايمز“، كيفيةَ صعود أسماء الأسد على الساحة بشكل كبير إبّانَ الحرب في سوريا، خاصةً بعد وفاة أنيسة مخلوف والدة بشار قبل أعوام، مستغلّةً شبكةً من العلاقات المتنفّذة.

وتطرقت الصحيفة، إلى أنّ أسماء كانت مهمَّشة في البداية، وكانت مجرد امرأة متأثرة بالمثل الغربية، لكنها سرعان ما أصبحت واحدة من أقوى الشخصيات في البلاد، وتعلو رأس الأسرة الحاكمة التي لا تعرف الرحمة، وفق التقرير.

حاولت أسماء الأسد الظهور بشكل قريب من الناس، حيث تصنف نفسها على أنها “أم الوطن”، عبر تقديم الدعم الإنساني إلى أسر العسكريين في ميليشيات النظام والأطفال المصابين بالسرطان والناجين من زلزال 6 فبراير المدمر.

نفوذ أسماء الأسد

أسماء الأسد وزوجها بشار

وفي السر، حوّلت أسماء نفسها إلى موقع قوة ملحوظة، وفقاً لمقابلات مع 18 شخصاً على دراية بعمليات النظام، بما في ذلك رؤساء الشركات وعمال الإغاثة والمسؤولون الحكوميون السابقون.

الآن، تتحكم أسماء في بعض العوامل الرئيسية في الاقتصاد السوري المنهك، سواء من الناحية السياسية أو المرابح الاقتصادية، ما ساعد على توطيد قبضة عائلة زوجها على سوريا المغرقة بالدماء والدمار.

سيطرة قمعية على الاقتصاد السوري

الصحيفة أشارت إلى أنّ أسماء تمارس دوراً قمعياً للقوة الاقتصادية في سوريا، حيث يمكن الكشف عن بصماتها عبر قطاعات متعددة من الاقتصاد السوري، بما في ذلك العقارات والمصارف والاتصالات السلكية واللاسلكية عبر شركاء مقربين.

وعملت أسماء ومعها ماهر الأسد، بحسب رجال أعمال ومحللين سوريين، على تفكيك طبقة التجار التقليديين في سوريا، وخلق طرق جديدة للاستفادة من الحرب، ويصف أحد رجال الأعمال السوريين الوضعَ قائلاً: “كل سوريا الآن هي أسماء الأسد”.

مبيعات الأسلحة وتهريب النفط والمخدرات

وساهمت أسماء عبر شبكة من العلاقات المتنفذة في إحكام سيطرتها على اقتصاد سوريا بشكل كبير، وسعت للبحث عن مصادر دخل جديدة غير مشروعة للنظام، ما ساعد على إبقائه واقفاً على قدميه، ومن الأمثلة على ذلك الأسلحة، وتهريب النفط، والكحول، ومبيعات الكبتاغون والأمفيتامين غير القانوني.

لكن ذلك لم يكن كافياً؛ لذلك في عام 2019، نفّذ نظام الأسد ما أطلق عليه رجال الأعمال وخبراء سوريون حملة “شبيهة بالمافيا” لزعزعة نخبة رجال الأعمال، بمن فيهم أولئك الذين دعموا الأسد طوال الحرب.

في سبيل ذلك، تم استدعاء العشرات من رجال الأعمال إلى فندق شيراتون في دمشق عام 2019، وطُلب منهم إيداع ملايين الدولارات الأمريكية في البنك المركزي للمساعدة في استقرار الليرة السورية، وإلا لن يتم الإفراج عنهم.

نفوذ أسماء الأسد

ساهمت أسماء عبر شبكة من العلاقات المتنفذة في إحكام سيطرتها على اقتصاد سوريا

وتحدث أحد رجال الأعمال السوريين البارزين عن كيفية إيقافه من قوات الأمن في شوارع دمشق في صيف العام الماضي، وطلبوا منه مرافقتهم إلى مكتب قريب، ثم تمّ وضعه في الحبس الانفرادي لمدة 14 يوماً، وبعد ذلك تمّ منحه خيارين؛ إما تسوية فاتورة كبيرة بناءً على ثروته المقدرة، أو البقاء في السجن إلى أجل غير مسمى.

وأشار التقرير إلى أنه عادةً ما تتجاوز الأموال التي يتم جمعها بهذه الطريقة حسابات تحصيل الضرائب، ويتم إرسالها بدلاً من ذلك إلى الصناديق الخيرية أو الحسابات المصرفية التي يسيطر عليها القصر الرئاسي مباشرة، والتي يقول الأشخاص الذين لديهم نظرة ثاقبة في تفكير النظام إنها تستخدم إلى حد كبير لرعاية الأسد وإثرائه الشخصي.

وهذه المصادرة الممنهجة للأصول تمّ التفكير فيها خلال اجتماعات المجلس الاقتصادي السري للقصر الرئاسي الذي ترأسه أسماء، كما يقول خبراء سوريون ومصادر لديها رؤًى ثاقبة في تفكير النظام.

وعلى عكس اللجنة الاقتصادية الرسمية التابعة للحكومة، فإن هذه اللجنة غير معروفة خارج بوابات القصر وتنفذ عمليات مصادرة الأصول الأكثر سرية للنظام.

ووفق الصحيفة، فإنه من غير الواضح مدى مشاركة بشار مع المجلس، إذ يعتقد بعض الناس أن الزوجين يتصرفان بشكل تشاركيّ بما يخصّ الاقتصاد، لكنّ آخرين يقولون إن أسماء تتصرف كمديرة مشروع للحيوانات الأليفة، نظراً لخلفيتها في التمويل، بينما يقول رجل أعمال سوري مخضرم يعرف عائلة الأخرس: “إنها مؤثرة للغاية على بشار”.

ضحية عمليات الابتزاز

ويقول التقرير إنّ الضحية الأكثر شهرةً لعمليات الابتزاز حتى الآن هو رامي مخلوف، ابن خال بشار، وكان يُعتقد أنه كان يسيطر على أكثر من نصف الاقتصاد السوري قبل الحرب، بثروة تتقدر بالمليارات حتى عام 2019، حيث نهبت السلطات إمبراطوريته المترامية الأطراف، وأجبرته على تسليم أصوله الرئيسية داخل البلاد.

وشمل ذلك أكبر شركة سورية، شام القابضة، وجوهرة تاج مخلوف، سيريتل، أكبر شبكة للهاتف المحمول في البلاد. وبذلك، أخضع الأسد أحد منافسيه الاقتصاديين الرئيسيين تحت سيطرته، أما أسماء فإنها تسيطر الآن على مؤسسة مخلوف الخيرية وشبكة المحسوبية العلوية الواسعة، ما يوسع نفوذها على قطاع المساعدات.

أُجبر رامي مخلوف على تسليم أصوله الرئيسية داخل البلاد

وبحسب خبراء ورجال أعمال سوريين، فإن الإطاحة به كانت توجيهاً واضحاً من أسماء، إذ إنه لم يجلس جيداً بين أعضاء النخبة العلوية، فيما يقول أحد العلويين الذي يشعر بالمرارة: “لم نمر بكل هذا، لنضع سوريا في أيدي امرأة سنية”.

في المقابل، فإن المنتسبين المقربين لعائلة الأسد موجودون في كل مكان، بما في ذلك أبناء عمومة أسماء وأحد أشقائها على الأقل، حيث يديرون العديد من الشركات المرتبطة بها ارتباطًا وثيقًا، إذ يمتلك ابن خالتها مهند الدباغ حصة 30% في نظام البطاقة الذكية في سوريا، ويقول أحد المصادر: “لكي يتم إنجاز أي عمل جديد اليوم، تأخذ أسماء (وطاقمها) جزءاً”.

وبدأت أسماء بالفعل، الاعتماد على شبكة من المصالح والنفوذ، ومن أولئك لينا الكناية، التي كانت ترأس سابقاً مكتب أسماء، ولكنها الآن مستشارة وزارية.

وأفادت ثلاثة مصادر مطلعة، بأنها إحدى مسؤولي العلاقات مع القطاع الخاص في القصر، وعند معاقبتها في عام 2020، أشارت وزارة الخزانة الأمريكية إلى أنها “أجرت مجموعة من الأنشطة التجارية والشخصية نيابة عن أسماء”.

ومن بين الشركات الأخرى المقربة لأسماء خضر علي طاهر، صاحب أكبر شركة لبيع الهواتف بالتجزئة وتكنولوجيا المعلومات في سوريا، وعضو المجلس الاقتصادي للقصر، ويعتقد كثيرون أنه يدير الشركة التي تم إطلاقها في عام 2019 نيابة عنها.

أشار التقرير إلى أن قاعدة القوة الرئيسية لأسماء، والمصدر الرئيسي للرعاية، هي الأمانة السورية للتنمية التي يديرها زميلها المقرب فارس كلاس، وهو كبير مساعديها سابقاً، أما الآن فيعتبر أحد أعمدة المجلس الاقتصادي للقصر.

المقرب من أسماء الأسد زميلها فارس كلاس مدير الأمانة السورية للتنمية

ويقول محللون وخبراء إغاثة، إنّ تجرِبتها في إدارة المنظمة غير الحكومية قبل الحرب سمحت لها بصياغة نظام مساعدة إنسانية فاسد بشكل منهجي في البلاد، مع وجود شبكتها في جوهرها.

وقالت مصادر سورية وعمال إغاثة، إن العلاقة كانت سافرة لدرجة أن أسماء تستضيف اجتماعات في مكتبها بالقصر الرئاسي للتفاوض بشأن عقود المنظمات غير الحكومية الدولية، فيما استجابت مجموعات المساعدة على مر السنين بشكل روتيني لمطالب نظام الأسد، خوفاً من فقدان الوصول وتحت الضغط للحفاظ على تدفق المساعدات الإنسانية.

بدورها، تقول الأمم المتحدة إن شراكاتها مع الأمانة السورية أصبحت “محدودة للغاية”، وغالباً ما تكون ضرورية بسبب “دورها المؤسسي”.

وفي جميع الحالات، تتمّ مراقبة أدائهم بانتظام، إذ إنّ “الشراكة لا تعني إعطاء تفويض مطلق”، كما يقول فرانشيسكو غاليتيري، الذي كان حتى مارس الماضي، مسؤولًا كبيراً في الأمم المتحدة في دمشق.

وتقول الصحيفة إنه حتى مع تراكم العقوبات ضد عائلتها وشركائها، بدت أسماء غير منزعجة، إذ ظهرت في أكتوبر الماضي، وهي ترتدي فستان فالنتينو بقيمة 4500 دولار، وهو ما يساوي على الأقل 200 ضعف ما يستحقه متوسط الراتب السوري اليوم.

نفوذ أسماء الأسد

فستان فالنتينو الذي ارتدته اسماء الأسد بقيمة 4500 دولار

واحتفظت “أسماء” بجواز سفرها البريطاني، وفي حين ذكرت التقارير في عام 2021، أنّ المملكة المتحدة كانت تتطلع إلى تجريدها من جنسيتها بسبب انتهاكات حقوق الإنسان، لكن هذا لم يحدث بعد.

كما أنّها عوقبت هي نفسها في عام 2020 مع والديها وشقيقيها وابنها الأكبر بتهمة تكديس “ثروات سيئة على حساب الشعب السوري”، أما والداها، فلا يزالان يعيشان في لندن، بينما يعيش شقيقاها الآن في دمشق.

ومع طرد معظم منافسيهم الاقتصاديين، يقول بعضهم إن بشار وأسماء يجمعان الآن الأصول لمجرد إظهار القوة، ويقول أحد رجال الأعمال السوريين: “إنهم بالتأكيد لا يحتاجون إلى كل الأموال التي جمعوها لأنفسهم فقط.. أعتقد أنهم يشترون العقارات والمعالم فقط من أجل الهيبة والهيمنة، للتأكد من أن الجميع يعرف من المسؤول”.

شارك هذا الموضوع

Leave A Comment