الاقتصاد المصري ينهار.. الحكومة ترفع شماعة رمضان وتخشى انفجار الشارع (تقرير)

By Published On: 9 أبريل، 2023

شارك الموضوع:

وطن- أثار رفع البنك المركزي المصري الأخير لسعر الفائدة، الآمالَ في كبح جماح التضخم الجامح في مصر ودعم الجنيه المصري الذي يفقد قيمته بشكل مطّرد أمام العملات الأجنبية.

ومع ذلك، فإنّ فشل الزيادات المتكررة في أسعار الفائدة خلال العام الماضي يغذّي الشكوك بين بعض الاقتصاديين حول قدرة رفع المعدل الجديد على النجاح بينما فشلت الارتفاعات السابقة، وفق تقرير لموقع المونيتور.

وتقول علياء المهدي، العميدة السابقة لكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة: “لا يمكن أن تنجح الزيادة الأخيرة في المعدل حيث فشلت سابقاتها لأن حكومتنا تتبع سياسة توسعية بدلاً من الانكماشية التي يجب أن تتبعها”.

ورفعت لجنة السياسة النقدية، هيئة صنع القرار في البنك المركزي، أسعار الفائدة الرئيسية في 30 مارس بنسبة 2٪، للمرة الأولى في عام 2023، وللمرة الخامسة منذ مارس من العام الماضي.

ورفعت سعر الفائدة على الإيداع لليلة واحدة وسعر الإقراض لليلة واحدة وسعر الفائدة التشغيلية الرئيسية إلى 18.25٪ و19.25٪ و18.75٪ على التوالي.

وأشار البنك المركزي إلى اضطرابات سلسلة التوريد محليًا وانخفاض قيمة الجنيه المصري وضغوط جانب الطلب لتبرير معدلات التضخم، ولفت كذلك إلى الأثر الموسمي لشهر رمضان، وهو ما أثّر على أسعار الموادّ الغذائية.

وبلغ معدل التضخم السنوي الرئيسي في مصر 31.9٪ في فبراير، وهو أعلى معدل في خمس سنوات ونصف، في حين قفز التضخم الأساسي إلى مستوًى قياسي بلغ 40.26٪ في نفس الشهر، وفقًا للحكومة المصرية.

الاقتصاد المصري ينهار

السلطات تتخوّف من ردّ فعل عنيف

واتخذت أسعار الموادّ الغذائية والسلع اتجاهاً تصاعدياً غير متغيّر منذ عام كامل حتى الآن، ما يجعل من الصعب على بعض المصريين التأقلم وإجبار السلطات المصرية على زيادة الدعم الاجتماعي والمالي للفقراء، خوفاً من ردّ فعل عنيف من ذلك جراء تدهور الوضع الاقتصادي.

ومع ذلك، فإن الاقتصاديين الذين يدعمون رفع سعر الفائدة الأخير من قبل البنك المركزي يعلّقون آمالهم على الخطوة الجديدة لخلق مزيد من الطلب على العملة الوطنية المصرية، وكبح الأسعار من خلال تقليل الطلب على السلع.

وقال محمد عبد الحميد، عضو اللجنة الاقتصادية في مجلس النواب لـ”المونيتور”، إنّ رفع الفائدة سيقلّل السيولة الفائضة في السوق، مضيفاً: “نأمل أن يساهم نقص الطلب على السلع والخدمات في خفض الأسعار وبالتالي كبح موجة التضخم الحالية”.

طموحات مصرية لخفض التضخم

وتطمح مصر إلى خفض معدل التضخم الرئيسي إلى 7٪ في المتوسط ​​بحلول الربع الرابع من عام 2024، و5٪ في المتوسط ​​بحلول الربع الرابع من عام 2026.

وبعد يومين من رفع البنك المركزي لأسعار الفائدة في 30 مارس، قدّم أكبر بنكين في البلاد: البنك الأهلي المصري، وبنك مصر، شهادتي إيداع بعائد ثابت بنسبة 19٪، وعائد متناقص بنسبة 22٪.

وكشف البنكان عن الشهادات الجديدة في الوقت الذي بدأ فيه أفراد الجمهور الذين أودعوا مئات المليارات من الجنيهات في شهادات إيداع مقدمة من البنكين بعائد 18٪ قبل عام باسترداد أموالهم مع استحقاق الشهادات.

وكانت شهادات العائد البالغة 18٪ محاولة من قبل بنوك الدولة لامتصاص السيولة الفائضة في السوق وكبح جماح التضخم، حيث حاولت مصر الحدّ من الآثار المترتبة على الضربات المؤلمة التي تلقتها من حرب روسيا على أوكرانيا، وهو تطور أثبت أنه مدمّر اقتصاديًا على الدولة التي تعتمد على الاستيراد.

وأدى ارتفاع أسعار السلع في السوق الدولية بسبب الحرب، إلى اضطرار مصر إلى جمع المزيد من الدولارات لتلبية احتياجاتها من الواردات، لا سيما غذاء شعبها ومتطلبات الإنتاج.

لكن هذا حدث أيضًا مع انخفاض عائدات قطاع السياحة، وهو مصدر رئيسي للعملة الأجنبية للبلاد، بشكل حادّ، حيث شكّلت الدولتان ما يقرب من ثلث السياح الوافدين في سنوات الذروة.

واعتادت مصر على استيراد معظم وارداتها الزراعية، وبخاصة القمح والذرة وزيوت الطبخ، من روسيا وأوكرانيا، وهذا يعني أن الدولة العربية اضطرت إلى البحث عن مصادر أخرى لطعامها، ولكن بأسعار أعلى.

وكان ارتفاع أسعار الموادّ الغذائية في السوق الدولية أحدَ الأضرار العديدة التي تسبّبت فيها الحرب في مصر.

كما أجبرت نفس الأضرار البنك المركزي على تخفيف قبضته على نظام سعر الصرف في مصر، مما تسبّب في انخفاض الجنيه المصري بحرية أمام العملات الأجنبية، خاصة الدولار الأمريكي الذي لا يزال عملة الاستيراد الرئيسية.

وتسبّبت الانخفاضات المتكررة في قيمة الجنيه في خسارة أكثر من 50٪ من قيمته خلال العام الماضي.

وتهدف عمليات الدفع المتكررة لأسعار الصرف من قبل البنك المركزي في المقام الأول إلى دعم الجنيه المصري مقابل العملات الأجنبية من خلال خلق طلب على العملة الوطنية، حتى وإن كان لها تأثير سلبي على الاستثمار والأنشطة الاقتصادية.

ولهذا يتساءل بعض الاقتصاديين عن منطق هذه الزيادات في الأسعار، في ضوء الإخفاقات السابقة، وبخاصة عندما يتعلق الأمر بفشل هذه الارتفاعات في خفض التضخم.

وقال مهدي: “بدلاً من الاعتماد على رفع أسعار الفائدة وحده، يتعين على الحكومة اتباع سياسة انكماشية من خلال خفض الإنفاق وتعليق الزيادات في رواتب موظفي الدولة الذين يزيد عددهم عن 5 ملايين.. هذا الإنفاق سيؤدي بالضرورة إلى ارتفاع التضخم، لأنه لا يقابل بزيادة في الإنتاج”.

ويشارك هذا الرأي الأشخاص العاديون الذين اشتروا خطط الادخار في البنوك المحلية قبل عام.

مصر.. التضخم يقفز لأعلى مستوى منذ 40 شهرا

مصر.. التضخم يقفز لأعلى مستوى منذ 40 شهرا

فشل خطة الادّخار

ويعني الانخفاض المتكرر في قيمة العملة الوطنية أنّ مدخرات هؤلاء الأشخاص يتمّ تآكلها، وبخاصة أنّ الفوائد على خطط الادخار لا تعوّض هذه الخسارة، وهذا هو السبب في أنّ بعض الناس يقولون إنهم سيبتعدون عن الادخار ويبدأون في الاستثمار في المتاجر ذات القيمة، مثل الذهب والعقارات والسيارات.

محمد صبيح، وهو محاسب في منتصف الخمسينيات من عمره، وضع كلّ مدخراته في شهادات الإيداع ذات العائد 18٪ منذ ما يقرب من عام، وقال إن مدخراته الآن انخفضت إلى نصف قيمتها الأصلية بسبب تخفيض قيمة الجنيه، ويوضح أنه سينتظر حتى استحقاق شهاداته قبل صرفها.

وأضاف: “بعد ذلك سأشتري الذهب أو العقارات بدلاً من الادخار في البنوك”.

ويقول الاقتصاديون، إن فشل خطط الادخار الجديدة في ضخ الأموال في جيوب الناس سوف يترجم إلى زيادة الطلب على السلع والخدمات في السوق.

وقال خالد الشافعي، مدير مركز كابيتال للدراسات الاقتصادية، وهو مركز أبحاث محلي، لـ”المونيتور”، إن هذه الزيادة في الطلب سترفع معدل التضخم أكثر.

في غضون ذلك، هناك زيادة في الودائع بالعملات الأجنبية في البنوك الوطنية، مما يعكس على الأرجح تراجع الثقة في العملة الوطنية.

ولهذا السبب، يدعو بعضهم إلى سياسة أكثر شمولية لإخراج مصر من أزمتها الاقتصادية الحالية ومساعدة المواطنين على حماية مدخراتهم.

وقدّم أحدَ المقترحات في هذا الصدد، المقدّم التلفزيوني محمد علي خير، الذي دعا إلى استخدام السيولة الفائضة في السوق لبدء مشروعات إنتاجية تضيف قيمة للاقتصاد، وتساعد المصريين على حماية مدخراتهم.

شارك هذا الموضوع

Leave A Comment