اضطرابات السودان.. كيف وصلنا إلى هنا؟
وطن– تحت عنوان: “اضطرابات السودان: كيف وصلنا إلى هنا؟”، استعرض تقرير لموقع “ميدل إيست آي” تفاصيلَ التوترات التي يعيشها السودان بعد الاشتباكات التي اندلعت بين قوات الجيش وقوات الدعم السريع.
وقال التقرير إنّ اشتباكات اندلعت بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع شبه العسكرية القوية في العاصمة الخرطوم ومدن أخرى، يوم السبت، بعد أسابيع من التوترات بين الجانبين.
وهزت أصوات إطلاق نار وانفجارات العاصمةَ، حيث تركّز القتال في مناطق إستراتيجية مثل القصر الرئاسي والمقر العسكري والإذاعة العامة.
واتهم الجانبان بعضهما ببَدء العنف بعد خلافات استمرّت شهوراً بشأن ترتيبات تقاسم السلطة لنقل البلاد إلى حكم مدني.
كيف وصلنا إلى هنا؟
يمكن إرجاع الأزمة السياسية الحالية في السودان إلى عام 2019، بعد أن انتهت حركة احتجاجية على مستوى البلاد ضد الرئيس السابق عمر البشير بإزاحة الجيش للحاكم المستبد الذي دام ثلاثة عقود.
توقف الانتقال نحو الحكم المدني الكامل الذي أعقب ذلك في أكتوبر 2021، بسبب انقلاب عسكري بقيادة قائد القوات المسلحة السودانية ورئيس الدولة بحكم الأمر الواقع اللواء عبد الفتاح البرهان ونائبه محمد حمدان دقلو، رئيس قوات الدعم السريع.
في ديسمبر 2022، وقّع القادة العسكريون والمدنيون اتفاقًا أوليّاً لإنهاء الحكم العسكري وتمكين الانتقال الذي يقوده مدنيون لمدة عامين نحو الانتخابات.
ومع ذلك، فقد وقفت الخلافات السياسية في طريق التوصل إلى حلٍّ نهائيّ.
ويعتبر اندماج قوات الدعم السريع في الجيش من أهم تلك الخلافات.
وتفاقم التأخير في توقيع الصفقة بسبب التنافس الشخصي المتزايد بين البرهان ودقلو، المعروف باسم حميدتي.
تعبئة القوات
في وقت سابق من هذا الأسبوع، وصلت التوترات إلى نقطة الغليان بعد أن حذّرت القوات المسلحة السودانية من تعبئة وإعادة انتشار قوات الدعم السريع في الخرطوم ومدن أخرى دون موافقتها.
ودخلت قوات الدعم السريع مدينة مروي الواقعة على بعد 330 كيلومتراً شمال العاصمة، وحاصرت مطارها يوم الأربعاء.
كما شوهدوا وهم يحشدون القوات في شمال الخرطوم وخارج قاعدة قوات الدعم السريع في بحري.
ما أهمية مروي؟
صرّح جنرال وخبير عسكري متقاعد، بأنَّ التعبئة في مروي لها أهمية خاصة لأنها تستضيف مطارًا إستراتيجيًا وقاعدة جوية، وقال إنّ سيطرة أيٍّ من الجانبين على القاعدة يمكن أن تحدّد النصر في أيّ مواجهة عسكرية محتملة.
كما تضمّ القاعدة طائرات مقاتلة مصرية استخدمت في التدريبات السودانية المصرية المشتركة عام 2020.
وسط فورة من جهود الوساطة المحلية والداخلية، بدا أنّ الجيش وقوات الدعم السريع يتجهان نحو خفض التصعيد يوم الجمعة، حيث كرّر الجانبان التزامهما بالوسائل السلمية، إلا أنّ القتال صباح السبت فاجأ كثيرين.
البرهان مقابل حميدتي
حافظ البرهان وحميدتي على تحالف غير مستقر منذ انقلاب أكتوبر 2021، ولدى الرجلين مصادر مختلفة للسلطة والثروة، بالإضافة إلى رعاة دوليين مختلفين.
البرهان تفضّله مصر، وهو من الشخصيات التي كانت في السلطة في عهد البشير، كما أنه يسيطر على مجمع صناعي عسكري مترامي الأطراف، وهو شركة الصناعات العسكرية، وهي واحدة من أكبر الشركات المملوكة للدولة في البلاد، والتي تنتج مجموعة من المعدات الدفاعية.
وفي الوقت نفسه، فإن حميدتي، الذي كان ذات يوم زعيم ميليشيات الجنجويد سيئة السمعة في دارفور، حيث يسيطر على مناجم الذهب، لديه مؤيدون مؤثرون في الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية.
ويقدّر محللون أنّ قوات الدعم السريع التي يقودها، يبلغ عددها نحو 100 ألف مقاتل، لها قواعد وانتشار في جميع أنحاء البلاد.
تطورت قوات الدعم السريع مما يسمى بميليشيات الجنجويد التي قاتلت في نزاع أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين في دارفور، حيث استخدمها نظام البشير لمساعدة الجيش في إخماد التمرد، ونزح ما لا يقل عن 2.5 مليون شخص وقتل 300 ألف شخص في الصراع في المجموع، ويتهم الجنجويد بارتكاب انتهاكات واسعة النطاق لحقوق الإنسان.
مع مرور الوقت، نمت القوات واستخدمت كحرس حدود بشكل خاص لتضييق الخناق على الهجرة غير النظامية.
مع ذلك، نمت مصالح حميدتي التجارية بمساعدة البشير، ووسّعت عائلته ممتلكاتها في تعدين الذهب والثروة الحيوانية والبنية التحتية.
الذي يتتبع مسار الأموال التي قادت للدمار في السودان سيفهم لماذا اتصلت واشنطن بالإمارات والسعودية
البرهان وحميدتي هما صعلوكان مسلحان وعصابات لصوص تنازعا على تقسيم الغنائم من حقائب الأموال النقدية التي كانت تأتي بالطائرات الخاصة من الدول التي فجرت أنهار الدم في اليمن