مصر وتونس نموذج صارخ.. قروض صندوق النقد تدمر الاقتصادات المتعثرة
شارك الموضوع:
وطن– قال مقال نشره موقع ميدل إيست آي، إنّ نظام القروض العقابي الذي يطبّقه صندوق النقد الدولي يجعل البلدان المتعثرة أكثرَ فقراً؛ يجب أن ينتهي.
وذكر المقال الذي كتبه كلٌّ من فريدريك جوهانيسون، وراسموس الينيوس بوسروب في “ميدل إيست آي“، أنّ الرسوم الإضافية للقروض تصيب الاقتصادات المتعثرة بالفشل مثل مصر وتونس، معتبراً أنّ الأمر يتعارض مع قانون حقوق الإنسان وقوانين صندوق النقد الدولي.
ويفرض صندوق النقد الدولي (IMF) رسومًا إضافية عقابية على الاقتصادات المتعثرة، لأنها اقتصادات تكافح.
في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، رفع الصندوق تكاليف قروض تونس ومصر والأردن، من خلال إضافة ما يسمى بالرسوم الإضافية، ما وضع البلدان تحت ضغوط مالية متزايدة، وتبرير هذه السياسة غير صالح ويجب أن تستدعيه دول الاتحاد الأوروبي لكونها سياسات تمييزية.
بدون رسوم قروض إضافية، يمكن لمصر إخراج مئات الآلاف من الناس من براثن الفقر، وتدفع الدولة أكثر من 167 مليون دولار كرسوم إضافية كل عام، بالإضافة إلى خدمة الديون السنوية ورسوم القروض لصندوق النقد الدولي. كما تعدّ الدولة واحدة من عدة دول في المنطقة معرّضة لخطر التخلف عن السداد.
إذا كان صندوق النقد الدولي يُنهي سياسة الرسوم الإضافية، يمكن للحكومة المصرية استخدام هذه الأموال لتوسيع نطاق نظام الحماية الاجتماعية ليشمل أكثر من 688000 أسرة مصرية تعيش تحت خط الفقر.
وهذا من شأنه أن يرفع 2.7 في المائة من جميع الأسر المصرية فوق معدل الفقر، مما يقلل من عدد الفقراء بأكثر من تسعة في المائة.
ما الرسوم الإضافية؟
الرسوم الإضافية هي مدفوعات إضافية، بالإضافة إلى مدفوعات الفائدة المنتظمة والرسوم الأخرى. والدول مطالَبة بدفعها للصندوق إذا كان لديها مستويات عالية من ديون صندوق النقد الدولي.
وتعتمد التكلفة الإضافية على حجم القروض ومدتها، ويمكن أن تزيد عن مضاعفة تكاليف قروض البلدان. على الصعيد العالمي، تأثرت 14 دولة بالرسوم الإضافية، وكلها في حالة من اليأس المالي الحاد. وفي منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، يواجه كلٌّ من الأردن ومصر وتونس رسومًا إضافية.
حاجة ماسة
وفقًا لصندوق النقد الدولي، فإن السبب وراء سياسة الرسوم الإضافية هو زيادة دوافع الدول لسداد قروضها، كما تمّ تأطيرها على أنها مساهمة ضرورية في التوازن التحوطي لصندوق النقد الدولي.
ومع ذلك، نظرًا للظروف السياسية غير المواتية التي تتبع القروض (مثل التخفيضات الكبيرة في الإنفاق الاجتماعي)، فمن غير المرجح أن تحافظ البلدان على مساعدات صندوق النقد الدولي ما لم تكن في حاجة ماسّة إليها.
علاوة على ذلك، فإن مثل هذا الدخل الإضافي ليس ضروريًا لضمان الأرصدة الاحترازية لصندوق النقد الدولي، وليست هناك حاجة حاليًا إلى التعزيز المالي، لأن أرصدته أكثر من صحية.
بالإضافة إلى ذلك، يشكّل الدخل الإضافي نحو 0.18٪ من إجمالي موارد صندوق النقد الدولي المتاحة للإقراض. لذلك، لا يؤثر هذا الدخل على قدرة الصندوق على الإقراض.
“وحتى لو كان الصندوق في حاجة إلى مزيد من الأمن المالي، فلماذا يجب أن تتحمل هذه المسؤولية على عاتق أكثر البلدان المنكوبة بالأزمات؟”، يتساءل المقال.
منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا معرّضة بشدة للصدمات، فعدم المساواة متفشٍ، ولا توجد شبكات أمان اجتماعي عالمية أو منعدمة، وتعتمد الاقتصادات بشكل كبير على الواردات الغذائية، ولقد هزت المنطقة بالفعل أزمات اقتصادية وفيروس كورونا والاضطرابات السياسية والمسلحة.
يقول المقال: “هناك تحذير سابق بأزمة ديون عالمية، لكن منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تعيش بالفعل هذه الأزمة، فهي المنطقة الأكثر مديونية التي يتمّ احتسابها من خلال النسبة المئوية من الناتج المحلي الإجمالي. ومن بين بلدان الشرق الأوسط الثلاثة المتأثرة بالرسوم الإضافية، يوجد دولتان، مصر وتونس، من بين الخمسة الأوائل في العالم المعرضة لخطر التخلف عن سداد ديونها”.
القانون الدولي لحقوق الإنسان
تنعكس هشاشة المنطقة أيضًا في العدد الكبير من القروض الممنوحة مع صندوق النقد الدولي، وتم توقيع 18 اتفاقية مع الدول العربية بين عامي 2010 و2021، وبالتالي فإنّ لصندوق النقد الدولي بصمة سياسية هائلة في المنطقة.
والرسوم الإضافية ليست مجرد رسوم إضافية غير مريحة وسيكون من الجيد الاستغناء عنها، إنها تتعارض مع قانون حقوق الإنسان وكذلك مع قوانين صندوق النقد الدولي، إذ تنصّ المادة الأولى للصندوق على أنّ إقراض صندوق النقد الدولي لا يمكن أن يكون “مدمرًا للازدهار الوطني أو الدولي”.
كما تتعارض الرسوم الإضافية مع القانون الدولي لحقوق الإنسان الذي يقضي بعدم التمييز ضد البلدان على أساس وضعها الاقتصادي.
بالإضافة إلى ذلك، يجب على المؤسسات المالية الدولية ألا تقوّض قدرة الدول على توليد وتخصيص واستخدام مواردها إلى أقصى إمكانات الاستثمار لتحقيق حقوق الإنسان، كما هو مطلوب منها بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان، وفقًا للمادة الثانية من القانون الدولي لحقوق الإنسان.
ومشاركة الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي في هذا النقاش أمر بالغ الأهمية، إذ يجب أن يطالبوا بأن يضع صندوق النقد الدولي احترام حقوق الإنسان في مقدمة أولويات سياسته وممارساته.
وفي ديسمبر، ناقش المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي دور سياسة الرسوم الإضافية، لكن الدول الغنية مثل الولايات المتحدة وألمانيا رفضت أيَّ تغييرات.
ويجب على الدول الأوروبية الأعضاء ممارسة نفوذها للتأكد من أنّ صندوق النقد الدولي يتطور ليتوافق بشكل أفضل مع القيم الديمقراطية وحقوق الإنسان، وأفضل طريقة للقيام بذلك هي إنهاء الرسوم الإضافية.
وفرصتهم التالية للقيام بذلك هي اجتماع الربيع لصندوق النقد الدولي في واشنطن العاصمة، والذي بدأ الاجتماع هذا الأسبوع.