وطن- قال تقرير لموقع المونيتور، إنّ الاضطرابات السودانية تُلقي بظلالها بقوة على التطبيع مع إسرائيل، حيث تشهد الخرطوم مواجهات عنيفة منذ يوم السبت بين القوات المسلحة الرسمية وقوات الدعم السريع التي تقرر حلها، واعتبارها ميلشيا متمردة.
وذكر دبلوماسيون إسرائيليون، أنّ الصراع الحالي بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع شبه العسكرية بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي) سيؤخر إنهاء التطبيع بين إسرائيل والسودان، الجاري منذ عام 2020.
وأكّد قادة سودانيون في الأشهر الأخيرة، أنّ التطبيع لن ينتهي إلا بعد تشكيل حكومة انتقالية مدنية.
ومنذ عام 1958 وحتى قبل عامين، اعتبر السودان إسرائيل دولة معادية، حيث استضاف قادة القاعدة في عهد عمر البشير، الذي أطيح به عام 2019، ومكّن إيران من نقل الأسلحة إلى غزة عبر أراضيها، وعندما قطع السودان علاقاته مع إيران في عام 2016، بدأ ذوبان الجليد مع إسرائيل.
كثافة التقارب السوداني الإسرائيلي
وكثّف التقارب الإسرائيلي مع السودان قبل أشهر قليلة من توقيع اتفاقات إبراهيم، حيث التقى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بقائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان في أوغندا في فبراير 2020.
وقال نتنياهو في ذلك الوقت، إنه كان يعمل مع البرهان لإقامة العلاقات الدبلوماسية. في يناير 2021، وقع السودان إعلانًا يمهّد الطريق نحو التطبيع، وفي أبريل من ذلك العام، وافق على مشروع قانون يلغي المقاطعة المفروضة منذ عام 1958.
وشارك كلٌّ من البرهان وحميدتي في جهود لتطبيع العلاقات مع إسرائيل، وكان كبار ضباط الأمن والاستخبارات الإسرائيليين على اتصال مع كليهما.
اعتراضات داخلية
لكن في مناسبات عديدة، أعرب سياسيون سودانيون، بمن فيهم رئيس الوزراء السابق عبد الله حمدوك، عن اعتراضهم على إقامة علاقات مع إسرائيل على أساس التزامهم بالقضية الفلسطينية.
وكان المدير العام لوزارة الخارجية الإسرائيلية رونين ليفي، المعروف أيضًا باسم ماعوز، شخصية رئيسية في إقامة اتصالات مع نظرائه السودانيين بصفته السابقة كمسؤول في مجلس الأمن القومي. وكذلك فعل وزير الخارجية إيلي كوهين، الذي شغل منصب وزير المخابرات في حكومة نتنياهو السابقة. قاد كوهين أول وفد رسمي إلى الخرطوم في يناير 2021. ويقود ليفي وكوهين الآن الدبلوماسية الإسرائيلية.
وفي فبراير، زار كوهين الخرطوم فيما وصفه مكتبه بزيارة تاريخية. وقال كوهين عقب لقائه مع البرهان، إنّ البلدين اتفقا على العمل من أجل التوصل إلى اتفاق سلام، وأضاف: “يسعدني أن أعلن أنه خلال الزيارة، اتفقنا على توقيع اتفاق سلام بين السودان وإسرائيل بعد تشكيل حكومة مدنية”.
ويوم الأحد، ذكرت صحيفة “إسرائيل هيوم”، أنّ إسرائيل تشارك في جهود لتهدئة الصراع الحالي في السودان، على الرغم من عدم وجود تأكيد رسمي.
ولم يكن التقرير الإعلامي الأول الذي يشير إلى التدخل الإسرائيلي في السياسة السودانية. في نوفمبر 2021، زعم موقع أكسيوس أنّ إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن طلبت من إسرائيل الضغط على البرهان لإعادة الحكومة المدنية التي أطيح بها في انقلاب مؤخراً، وخلال السنوات الثلاثة الماضية، أشارت عدة تقارير إلى قيام مسؤولين إسرائيليين كبار بزيارة السودان سراً.
الوضع الجيوسياسي للسودان وعلاقاته مع حلفاء إسرائيل “مصر وإثيوبيا” وعلاقاته السابقة مع إيران تجعله أولوية إستراتيجية للبلاد.
كما تعتبر قيادة الخرطوم أنّ إسرائيل هي الباب الذي يفتح في واشنطن. وبينما يمكن أن تشمل العلاقات المستقبلية التعاون في الزراعة الذكية والاتصالات والتجارة، فمن الواضح أنّ مصلحة التقارب الرئيسية لكلا البلدين هي الأمن.
ومع ذلك، وبحسب مصادر دبلوماسية إسرائيلية، فقد تمّ تجميد خطوات التطبيع النهائية، على الأقل حتى انتهاء الصراع الحالي، وقد يكون التطبيع الكامل بعيد المنال.
وفي خطوة غير معتادة تعكس اهتمام إسرائيل بالتطورات في السودان، قالت وزارة الخارجية، في بيان لها: “نتابع بقلق الأحداث في السودان. إسرائيل تريد الاستقرار والأمن للسودان، وتطالب إسرائيل جميع الأطراف بالامتناع عن العنف وعدم العودة إلى طريق المصالحة الداخلية من أجل إنهاء عملية الانتقال الحكومي بإجماع كبير”.