بوقف العلاقات التجارية مع الجزائر.. إسبانيا تحاصر نفسها وتخسر الملايين لإرضاء المغرب

الجزائر وإسبانيا قطعتا علاقاتهما التجارية منذ يونيو الماضي بسبب دعم إسبانيا لمطالبة المغرب بالصحراء الغربية المتنازع عليها

وطن- نشر موقع المونيتور تقريراً عن أسباب استمرار توقّف التجارة بين الجزائر وإسبانيا، في حين كان البلدان قد قطعا العلاقات التجارية منذ يونيو الماضي، بسبب دعم إسبانيا لمطالبة المغرب بالصحراء الغربية المتنازَع عليها.

منذ يونيو 2022، توقفت الأعمال التجارية بين الجزائر وإسبانيا، وسط نزاع مرير حول الحكم الذاتي للصحراء الغربية.

وتطالب كلٌّ من الجزائر والمغرب بالمساحة الشاسعة من أكبر صحراء في العالم، والتي كانت مستعمرة إسبانية حتى منتصف السبعينيات، وشهد اتفاق وقف إطلاق النار المبرم في عام 1991 أنّ المغرب يطالب بـ80٪ من الصحراء الغربية، والباقي تحت سيطرة حركة البوليساريو المدعومة من الجزائر.

وفي حين قدّم المغرب بعض الحكم الذاتي المحدود، فقد أكّد أنّ المنطقة الغنية بالمعادن يجب أن تظلّ تحت سيادته، من ناحية أخرى، تطالب حركة البوليساريو بإجراء استفتاء على استقلال المنطقة.

في 8 يونيو من العام الماضي، علّقت الجزائر معاهدة صداقتها مع إسبانيا بعد أن تراجعت مدريد عن عقود من الحياد تجاه الصحراء الغربية، كما فرضت الدولة الواقعة في شمال إفريقيا حصارًا على إسبانيا، ولم تتداول الدولتان، باستثناء مبيعات الغاز، منذ ذلك الحين.

إسبانيا تخسر الملايين والشركات تطلب تعويضات

تطلب إسبانيا من المفوضية الأوروبية مساعدة الشركات المتضررة من الحصار الذي كلّف الدولة قرابةَ 4.4 مليون يورو يوميًا، حتى أنّ الشركات الإسبانية طالبت بتعويضات ضد حكومة رئيس الوزراء بيدرو سانشيز من العقوبات الجزائرية.

وحرص الاتحاد الأوروبي على عدم الانحياز لأيّ طرف، حيث أصبحت الجزائر شريكًا متزايد الأهمية للدول الأوروبية التي تبحث عن مصادر طاقة بديلة.

وخلال زيارة للجزائر العاصمة في 13 مارس الماضي، دعا منسق السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، إلى انفراج بين البلدين لاستئناف التجارة، وقال: “إيجاد حل لكل هذا يصب في مصلحتنا المشتركة”.

إسبانيا تحاصر نفسها وتخسر الملايين لإرضاء المغرب
إسبانيا تحاصر نفسها وتخسر الملايين لإرضاء المغرب

دعوة الاتحاد الأوروبي لا قيمةَ لها

لكن كلمات الاتحاد الأوروبي من المرجّح ألا تلقى آذاناً صاغية، والدور الذي يمكن أن تلعبه الكتلة محدود.

وقالت انتصار فقير، الزميلة الأولى في معهد الشرق الأوسط: “في حين أن إسبانيا والاتحاد الأوروبي كلاهما حريص على تجاوز هذا التوتر، فإنّ الاتحاد الأوروبي ليس لديه نفوذ كبير على الجزائر”.

وأضافت: “نزاع الصحراء الغربية لعبة محصلتها صفر.. المغرب يزداد طلبًا فيما يتعلق بدعم الصحراء الغربية، والجزائر مصرة على قطع هذا الدعم. والاتحاد الأوروبي عالق في الوسط”.

وقالت أليسا بافيا، المديرة المشاركة لشمال إفريقيا في المجلس الأطلسي، إنّ الطريقة الحقيقية الوحيدة أمام الاتحاد الأوروبي لإلحاق الضرر بالجزائر هي التوقف عن استيراد النفط والغاز، وهو أمر مستبعَد للغاية.

وأضاف أنّ إيطاليا خفضت وارداتها من الغاز من روسيا إلى 25٪ بفضل اتفاق مع الجزائر، وهو ما يضع الجزائر في موقف قويّ بشكل لا يصدّق تجاه أوروبا، وهو موقف لن ترغب البلاد على الأرجح في التراجع عنه، مما يساعد الجزائر على تعزيز قضيتها بشأن الصحراء الغربية.

وكان الحصار مكلّفاً لإسبانيا من حيث خسارة الإيرادات من الصادرات إلى الجزائر، مع القطاعات المتضررة بشدة بما في ذلك الأغذية والمنتجات الزراعية والمواد الخام.

وقالت بافيا: “في عام 2021، بلغت الصادرات الجزائرية غير النفطية إلى إسبانيا قرابة 9٪، وكانت النشادر والأسمدة تمثّل الحصة الأكبر.. ومع ذلك، يمكن للجزائر بسهولة تعويض هذه الخسائر من خلال زيادة التجارة مع دول أوروبية أخرى مثل فرنسا وإيطاليا”.

وأشارت إلى أنّ الدافع الرئيسي لإسبانيا لمواصلة دعم المغرب هو الهجرة، وقالت إنها تفضّل أن تتسامح مع خسارة يومية قدرها 4.4 مليون يورو على المخاطرة بإغضاب المغرب بشأن قضية الصحراء الغربية وإطلاق موجة أخرى من المهاجرين الذين يعْبرون حدوده.

وقال فقير إنّ الجزائر اعتبرت تنازل إسبانيا البسيط سابقة خطيرة، لأنها حريصة على وقف المدّ في الصحراء الغربية الذي كان يستفيد منه المغرب.

لكن إسبانيا لا يمكنها التراجع عن ذلك، على حدّ قولها، لأنها “ستخاطر بإفساد العلاقة مع المغرب، التي هي أكثر اتساعًا من العلاقة مع الجزائر، المليارات في التجارة، والتعاون الأمني ​​المتقدم ودعم الهجرة بشكل حاسم”.

المصدر
موقع المونيتور، رصد وتحرير وطن
Exit mobile version