حميدتي الذي يخوض الحرب في السودان.. كيف وصل “بطل المهام القذرة” إلى موقعه؟

وطن- انتقل قائد القوات شبه العسكرية السودانية “المخيف” محمد حمدان دقلو، من قائد ميليشيا في دارفور التي مزّقتها الحرب إلى الرجل الثاني في البلاد ليقاتلَ الآن الجيش النظامي للسيطرة على البلاد.

تعاون دقلو، زعيم قوات الدعم السريع شبه العسكرية الكبيرة والمسلحة بالسلاح، مع خصمه اللدود الآن، قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، في انقلاب عسكري عام 2021 أخرج الانتقال إلى الحكم المدني عن مساره بعد الإطاحة عام 2019 بالرئيس المتشدد عمر البشير.

غالبًا ما يرتدي دقلو الطويل والمنحني قليلًا -المعروف باسمه المستعار حميدتي اختصاراً لمحمد- زيّاً صحراوياً، وقد صاغ صورة مميزة لنفسه وقواته، مما جعل قوات الدعم السريع تتمتع باستقلال ذاتي عن الجيش.

كقائد متمرس في ساحة المعركة، استخدم في الأشهر الأخيرة أيضًا استخدامًا ذكيًا لوسائل التواصل الاجتماعي من خلال منشورات على فيسبوك وإنستجرام وتيك توك لمخاطبة الغالبية الساحقة من السكان الشباب في البلاد، مع ثلثي السودانيين الذين تقلّ أعمارهم عن 30 عامًا، وفق تقرير لموقع المونيتور.

حميدتي الذي يخوض الحرب في السودان
حميدتي الذي يخوض الحرب في السودان

من مغرور في دارفور إلى رجل دولة

وُلِد في عام 1975، وهو تاجر جمال وأغنام مع القليل من التعليم الرسمي، وقد صعد إلى الصدارة عندما بدأت حكومة الخرطوم المتشددة في عهد البشير تسليح البدو العرب لمواجهة تمرّد الأقلية العرقية الذي اندلع في منطقة دارفور الغربية في عام 2003.

تمّ إرسال الجماعات المعروفة باسم الجنجويد لمهاجمة القرى على ظهور الجمال والخيل، كجزء من حملة الإرهاب التي شهدت اتهام البشير بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية من قبل المحكمة الجنائية الدولية.

وخلّفت الحرب في دارفور مئات الآلاف من القتلى وأكثر من مليوني نازح.

بحلول عام 2013، كان البشير قد عيّنه قائداً لقوة جديدة مكوّنة من رجال ميليشيات سابقين، معظمهم من العرب، حيث سعت الخرطوم مرة أخرى لسحق التمرد (قوات الدعم السريع).

لكنّ كثيرين في الخرطوم نظروا باستخفاف إلى صعود الدارفوريين الذين ينحدرون من قبائل الرزيقات العربية.

قال آلان بوسويل مدير مكتب القرن الإفريقي في مجموعة الأزمات الدولية، إنّ الحرس القديم، الذي تهيمن عليه النخبة السودانية القديمة، ينظر إلى حميدتي على أنه بلطجي أمي مغرور سلحوه أولاً للقيام بعملهم القذر في الحرب في دارفور.

حميدتي الذي يخوض الحرب في السودان
حميدتي الذي يخوض الحرب في السودان

أقرب إلى السلطة

لما يقرب من عقد من الزمان، استخدم حميدتي سمعته كرجل ميليشيا لا يرحم وقائد ذكي في الشارع للمناورة في طريقه ليقترب إلى السلطة، بينما كان يزداد ثراءً من مناجم الذهب المربحة التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع.

وتم نشر قوات الدعم السريع في اليمن عندما انضمّ السودان إلى التحالف الذي تقوده السعودية للقتال في الحرب الأهلية هناك في عام 2015، فيما ثبت أنه نعمة كبيرة لكل من دقلو وشريكه في الانقلاب في المستقبل، قائد الجيش عبد الفتاح البرهان.

وقال الباحث جيروم توبيانا، إنّ مثل هؤلاء المسؤولين قدّم كلٌّ منهم نفسَه كخليفة محتمل للبشير، وبحسب الخبراء، فإن القوة متورطة أيضًا في الصراع في ليبيا المجاورة.

وعندما أطاح الجيش بالبشير في عام 2019، أصبح دقلو ثاني أقوى رجل في البلاد، لكن استمرت الاتهامات بارتكاب فظائع لقوات الدعم السريع في الحملة الأمنية التي تلت ذلك.

وعندما هاجم أفراد الأمن المتظاهرين المؤيدين للديمقراطية في قلب العاصمة في يونيو 2019، قال الشهود إنّ قوات الدعم السريع كانت في طليعة إراقة الدماء، مما أسفر عن مقتل 128 شخصًا على الأقل.

حميدتي الذي يخوض الحرب في السودان
حميدتي الذي يخوض الحرب في السودان

طموحات سياسية

كانت أنظار حميدتي إلى الأعلى، وحذّر الخبراء من أنّه رجل لديه قوى هائلة تحت تصرفه وطموحات سياسية، ويجب مراقبة أفعاله من كثب.

منذ الانقلاب، نمت قوة دقلو فقط، حيث سعى إلى صياغة صورة أكثر قَبولاً، وعمل على لغته العربية لتكونَ شديدة اللهجة في أثناء بناء تحالفات رئيسية.

على الرغم من أنّ الخبراء أقاموا روابط منذ فترة طويلة بين قوات الدعم السريع ومجموعة المرتزقة الروسية “فاغنر“، فإنّ دقلو اكتسب مكانة جديدة باعتباره الرجل الثاني في القيادة، حيث هبط في موسكو في اليوم التالي لغزوها لأوكرانيا.

مع تصاعد الخلاف مع البرهان، جاء دقلو ليطلقَ على الانقلاب الذي ساعد في قيادته “خطأ” فشل في إحداث التغيير وتنشيط بقايا نظام البشير الإسلامي.

بعد اندلاع المعارك يوم السبت، مع استمرار القتال في شوارع الخرطوم المكتظة بالسكان، صوّر دقلو نفسه وقوات الدعم السريع على وسائل التواصل الاجتماعي والتلفزيون الدولي على أنهما منقذ السودان.

حميدتي الذي يخوض الحرب في السودان
حميدتي الذي يخوض الحرب في السودان

اتهامات متبادلة بين المتناحرين

في منشورات منتظمة باللغتين العربية والإنجليزية، تدّعي قوات الدعم السريع أنها تحمي الديمقراطية ضد “القوى الانقلابية” بقيادة البرهان، الذي وصفه دقلو بأنه “مجرم” و”إسلامي متطرف”.

بدوره، وصف البرهان دقلو بأنه “مجرم”، وقوات الدعم السريع بـ”ميليشيا متمردة”.

قد يهمك أيضاً

تعليقات

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

تابعنا

الأحدث