وطن- تنشط قوات الدعم السريع السودانية بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي)، منذ اندلاع الاشتباكات المسلحة مع الجيش السوداني، بشكل مكثّف عبر منصة “تويتر”، في محاولةٍ منها لسرد روايتها الخاصة عن الوضع المتدهور في البلاد.
اللافت في كلّ ما سبق أن الحساب الرسمي للدعم السريع على تويتر، الموثّق بالعلامة الزرقاء والذي تمّ إنشاؤه في يناير 2020 ويتابعه ما يزيد عن 90 ألفاً، لا يتابع سوى شخص واحد.
الدعم السريع يثير ضجة على تويتر
انتابت الحيرة والذهول مستخدمي منصة تويتر الأمريكية، حين تفطّن بعض النشطاء إلى أنّ الحساب الرسمي لقوات الدعم السريع السودانية، لا يتابع سوى الحساب الرسمي لقائد القوات محمد حمدان دقلو المعروف إعلامياً باسم حميدتي.
والمثير للاهتمام على غرار ذلك، هو أنّ قائد قوات الدعم السريع في السودان، محمد حمدان دقلو، لا يتابع في حدّ ذاته إلا حساباً واحداً على المنصة، إنه حساب رجل الأعمال المصري، نجيب ساويرس.
تفاعُل رواد منصة توتير مع هذه الحادثة التي يمكن أن يُطلق عليها توصيفُ “الطريفة” و”الغريبة”، أثار ردود فعل واسعة، ومنهم ساويرس نفسه.
حيث شارك نجيب ساويرس منشوراً على تويتر يُوضّح ما حدث وسياق الطرفة الغريبة، واكتفى بالإجابة بشكل مقتضب وساخر، كاتباً في تغريدة على حسابه أمس السبت: “احنا قرايب”.
ساويرس يدعم حميدتي
جاءت كلمات ساويرس تلك، بعدما أكد رجل الأعمال الشهير قبل أيام أنه يثق بحميدتي.
واعتبر ساويرس أنّ “قوات الدعم السريع تسعى إلى تسليم السلطة للحكومة المدنية بتوقيع الاتفاق الإطاري الذي تجنبه قائد الجيش عبد الفتاح البرهان وبدلاً من ذلك قصف المدنيين بالطائرات، وهو تصعيد خطير وجريمة حرب.
القنابل لا تفرق بين المدنيين والعسكريين”، حسب ما نقلت عنه وسائل إعلام مصرية.
وهي تصريحات، واجه على إثرها الملياردير المصري العديد من الانتقادات، بسبب ما وصفه كثيرون باصطفافه مع طرف ضد آخر فيما يحدث حالياً من صراع مسلّح في السودان، الجار الجنوبي لمصر.
مناجم الذهب السودانية وطموحات ساويرس
بالحديث عن ساويرس من وجهة نظر اقتصادية بحتة، فهو المصري الذي اشتهر في القارة السمراء بمغامراته في البحث عن الذهب والاستثمار في المناجم، وهو بالمناسبة نشاط أصبح “حميدتي” أحدَ رواده في السودان في السنوات الماضية.
ففي 2021، أبرم ساويرس صفقة بـ1.86 مليار دولار للاستثمار في مناجم الذهب غرب إفريقيا، ليصبح بذلك أحد أكبر منتجي الذهب بالعالم.
وفي التفاصيل، فقد أعلنت شركة “انديفور للتعدين”، التي تعمل في استخراج الذهب غرب أفريقيا، ويعدّ “نجيب ساويرس” أكبر المساهمين بها، عن استحواذها على شركة “تيرانجا جولد كورب”، عبر مبادلة الأسهم، ما يجعل الملياردير المصري واحداً من أكبر 10 منتجين للذهب في العالم بإنتاجٍ سنويّ يصل لـ1.5 مليون أوقية.
وفق حسابات “بلومبيرغ“، تبلغ قيمة صفقة الاستحواذ على “تيرانجا جولد كورب” نحو 1.86 مليار دولار، إذ تقدّم “إنديفور” علاوةً بنسبة 5.1% على سعر إغلاق “تيرانجا” يوم الجمعة.
وسيحصل المساهمون الحاليون في “إنديفور” نحو 66% من الكيان الجديد، مقابل 34% لمساهمي “تيرانجا”، ومن المنتظر إتمام الصفقة خلال الربع الأول من العام المقبل 2021.
وبالعودة إلى حميدتي، يذكر أنه في العاشر من فبراير/شباط 2020، كشفت صحيفة “الغارديان” البريطانية، عن أن قوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو تسيطر على مناجم عدة للذهب في دارفور ومناطق سودانية أخرى، مشيرة إلى دورٍ إماراتي في استيراد هذا الذهب مما يزيد من نفوذ حميدتي ومليشياته.
ونشرت الصحيفة تحقيقاً مطوّلاً مدعوماً بالصور والوثائق، جاء فيه أنّ حميدتي أصبح أحد أغنى رجال السودان، حيث تسيطر قوات الدعم السريع على منجم جبل عامر للذهب في دارفور منذ عام 2017.
كما تسيطر على ثلاثة مناجم أخرى على الأقل في جنوب كردفان وغيرها، مما يجعل حميدتي وقواته لاعبين رئيسيين في الصناعة الأكثر ربحاً بالسودان.
وكشفت “الغارديان”، عن أن شقيق حميدتي عبد الرحيم دقلو وأبناءه يملكون شركة “الجنيد” التي تعدّ إحدى أهم شركات التنقيب عن الذهب، وأنّ عبد الرحمن البكري نائب حميدتي هو المدير العام للشركة.
الإمارات.. لماذا تدعم حميدتي؟
بحسب التحقيق الصحفي، فإن الإمارات هي أكبر مستورد للذهب السوداني في العالم، إذ استوردت 99.2% من الصادرات، وفقاً لبيانات التجارة العالمية لعام 2018.
ولفتت الغارديان في هذا السياق، إلى تعاقد الإمارات أيضاً مع قوات الدعم السريع للقتال في اليمن وليبيا، حيث قدّمت الأموال إلى تلك القوات.
ويجدر بالذكر أنّ وكالة “رويترز” نشرت بتاريخ 26 نوفمبر/تشرين الثاني 2019، تقريراً حصرياً يكشف عن دور حميدتي وعائلته في السيطرة على الذهب، وقالت إنّ شركة الجنيد تتجاوز قواعد البنك المركزي لتصدير الذهب، وتبيعه للبنك المركزي نفسه بسعرٍ تفضيلي.
الصراع المسلح في السودان بين الجيش والدعم السريع
منذ 15 أبريل الجاري، اشتعلت المعارك بين الجيش والدعم السريع في السودان، ما أدى إلى مقتل المئات ونزوح الآلاف، لا سيما من الخرطوم، وسط مخاوف من أن تطول الحرب أو تنزلق إلى حرب أهلية مفتوحة على مصراعيها أمام الأطماع الخارجية.
واندلعت المواجهات العسكرية بشكل أساسي لعدم توصّل طرفَي النزاع لحلٍّ “سياسي” -بوصفهما المكوّن العسكري الذي أطاح بنظام عمر البشير عام 2019- مع المكوّن المدني في السودان خلال الفترة الانتقالية التي لحقت إسقاط عمر البشير.
وبعيداً عن أسباب الصراع الدائر، يواجه السودانيون مخاطر متزايدة حول سلامتهم الجسدية، وبدأت التقارير الميدانية تتحدث بالفعل عمّا يشبه الهجرات المؤقتة من المدن الكبرى، التي تشهد حالياً تبادلاً متواصلاً لإطلاق النار، نحو مناطق أقل خطورة.
وحذّرت عواصم عربية وعالمية من خطورة تدهور الأوضاع أكثر مما عليه في الوقت الراهن بالسودان، البلد الذي يقبع منذ سنوات في ظل أزمات اقتصادية متلاحقة منذ سنوات طويلة.
حميدتي مجرد بيدق في يد لاعبين دوليين واقليميين وعصابات غسيل اموال لنهب ذهب السودان وضخها في الحسابات الخاصة وعلى الشعب السوداني ان يصطف الى جانب الجيش حتى دحر الجنجويد.