“التولد الجيني” يفجر الجدل.. يتيح الإنجاب بدون معاشرة جنسية أو حتى إخصاب

وطن- اقترب العلماء من إمكانية التوصل لطريقة لإنجاب الأطفال بدون الحاجة إلى المعاشرة الجنسية أو حتى عمليات الإخصاب الخارجية المستحدثة، الكشف الذي أثار كثيراً من الجدل الديني والأخلاقي بشأن هذه التقنية الحديثة التي أطلق عليها العلماء اسم “التولد الجيني”.

ماذا يقصد بـ”التولد الجيني”؟

ويذهب هذا النهج العلمي إلى ما هو أبعد من الإخصاب في المختبر (الذي يجمع البويضة والحيوانات المنوية في أنبوب اختبار)، لأنه لا يتطلّب بويضات أو حيوانات منوية طبيعية. كما في “طفل الأنبوب” المعروفة منذ سنوات طويلة.

ويُطلق عليه في المختبر “التولد الجيني”، أو IVG، وهو يعد بتوفير علاج لأنواع عديدة من العقم في يوم من الأيام.

وأشار موقع “usatoday“، إلى أنه في اجتماعات عقدت في الأكاديمية الوطنية للعلوم في أميركا مؤخراً، ناقش باحثون نهج “التولد الجيني” IVG، وهو يعد الأزواج العقيمين بالحصول على أطفال دون الحاجة إلى اللجوء إلى التبني.

قالت عالمة الاجتماع بجامعة كيب تاون في جنوب إفريقيا، أمريتا باندي، إن “إنشاء طفل مثالي وجيل خالٍ من العيوب والأمراض لم يعد خيالاً علمياً”.

ولا تزال التكنولوجيا الخاصة بإنجاب الأطفال من خلايا أخرى غير البويضات والحيوانات المنوية صعبة المنال بعد عقد من الزمان أو أكثر.

وفي المقابل، فإن تلك التجارب الواعدة تثير كثيراً من الأسئلة فيما إذا يمكن اعتبار التولد الجيني IVG آمنًا للبشر، وكم عدد الأجنة التي يجب التضحية بها في هذه العملية.

وهنا يوضح كلٌّ من جوناثان بايرل وديانا ليرد، وهما خبيران في التكاثر والخلايا الجذعية بجامعة كاليفورنيا في سان فرانسيسكو، أنّه لا يوجد ما يضمن نجاح التجربة باستخدام الخلايا الجذعية البشرية.

لكن الآن قبل أن يحول العلم الاحتمال إلى حقيقة بات من الممكن النظر في الآثار المترتبة على IVG، كما قال آي. جلين كوهين، الخبير في تقاطع القانون وأخلاقيات علم الأحياء في كلية الحقوق بجامعة هارفارد.

وقال كوهين بعد اجتماع اليوم الأول: “هناك بالتأكيد كثير من المنشورات وكثير من الاهتمام في المجتمع العلمي ومن الرائع أن نقدّمه إلى مجتمع أكبر.. إذا كان لدى الناس مخاوف أخلاقية جدية، فهذا هو الوقت المناسب لتوضيحها”.

ولا يزال الأسلوب الذي اعتُمد في الاختبار بعيداً عن استخدامه لدى البشر، ويرجع ذلك، من بين أمور أخرى، إلى معدل نجاح منخفض جداً وإشكاليات أخلاقية كثيرة يثيرها.

بيد أنّ هذا الاختراق العلمي يبعث آمالاً لناحية تبعاته المحتملة في مجال الإنجاب، إذ إنه قد يتيح لرجل واحد أن يكون لديه طفل بيولوجي من دون مساعدة بويضة أنثى.

والدراسة التي نشرتها مجلة “نيتشر” هي نتيجة بحث أجراه فريق ياباني بإشراف عالم الأحياء التطوري، كاتسوهيكو هاياشي، من جامعة كيوشو.

التولد الجيني يتيح الإنجاب بدون معاشرة جنسية أو حتى إخصاب
التولد الجيني يتيح الإنجاب بدون معاشرة جنسية أو حتى إخصاب

تجارب على الفئران

وقال هاياشي في مقابلة الشهر الماضي: “أمنيتي الأساسية هي المساهمة في مساعدة الأشخاص الذين يعانون من العقم”. “ما أفعله الآن هو علم الأحياء الأساسي للغاية”.

وكان الفريق قد أجرى التجرِبة على فأر ذكر بعد أن سبق تطبيقها على أثنى، إذ تمّ أخذ خلايا الجلد من ذيله، قبل أن يحوّلها الباحثون إلى ما يسمى بالخلايا الجذعية متعددة القدرات، أي إنها قادرة على التحول إلى أي نوع من الخلايا.

وكما الحال لدى البشر، تحتوي خلايا الفئران الذكرية على أزواج XY (إكس واي) من الكروموسومات (الصبغيات)، وتحتوي الخلايا الأنثوية على أزواج XX (إكس إكس).

وخلال هذه العملية، حصل الباحثون على نحو 6 بالمئة من الخلايا التي فقدت كروموسوم “واي” الذي يمنحها الصفة الذكورية، ثم استنسخوا كروموسوم “إكس” المتبقي، للحصول على زوج “إكس إكس” الخاص بالأنثى.

واستُخدمت الخلايا المحولة لتكوين بويضات، جرى تخصيبها بنطفة ذكر فأر، ثم زرعها في رحم فئران بديلة.

وحذّر هاياشي بشأن تعديل المجين البشري في لندن، من أنّ عقبات كثيرة لا تزال تعترض التجارب البشرية.

ووصف مدير مختبر تحديد النوع الاجتماعي في جامعة بار إيلان الإسرائيلية نيتسان غونين، هذه الدراسة بأنها “ثورية”.

بينما ذهب إنسو هيون، أخصائي أخلاقيات علم الأحياء في كلية الطب بجامعة هارفارد ومدير علوم الحياة في متحف العلوم في بوسطن، إلى القول إنه في الحيوانات، يمكن استخدام IVG للحفاظ على الأنواع المعرضة لخطر الانقراض.

التولد الجيني يتيح الإنجاب بدون معاشرة جنسية أو حتى إخصاب
التولد الجيني يتيح الإنجاب بدون معاشرة جنسية أو حتى إخصاب

تحريف لقدسية الإنجاب

وقال بن هورلبوت، عالم أخلاقيات علم الأحياء ومؤرخ العلوم في جامعة ولاية أريزونا، قبل الاجتماع: “إنه تحريف لقدسية الإنجاب باعتباره جانبًا أساسيًا من جوانب الحياة البشرية”.

وأضاف: “إنها تجعلها مشروعًا صناعيًا يستجيب لرغبات العملاء في المستقبل”.

وشدّد قائلاً: “الطفل الذي سيخلق، لن يكون ذلك لمصلحته، ولكن من أجل الآخرين.. ذلك الطفل هو تعبير عن رغبات الآخرين”.

وأثار العديد من المشاركين في المؤتمر قضايا تبعث على القلق شبح إنجاب أطفال يبلغون من العمر 90 عامًا أو أطفال ينجبون أطفالًا.

ومع ذلك يتفق الباحثون وعلماء الأخلاق على حدٍّ سواء على أنه لا بأس من “العبث بالجينات”، من أجل علاج طفل مريض.

كما أعرب العديد من الحاضرين في المؤتمر عن قلقهم، من أن دولاً أخرى قد تواصل تطوير تلك الأبحاث بغض النظر عن أي مخاوف أخلاقية وعلمية.

وأوضحت كاتي هسون، المديرة المشاركة للعلوم في مركز علم الوراثة والمجتمع، وهي مجموعة تدافع عن الاستخدام المسؤول للتكنولوجيا الجينية، أن هناك نوع من “الأنانية والحوافز في الأبحاث العلمية”.

وأضافت: “هذا يغذي أيضًا حججًا مثل إذا لم نفعل ذلك فإن الدولة الفلانية سوف تسبقنا، ولذلك يجب أن تكون راية السبق لنا”.

وتابعت: “الأرباح التجارية والتسويق لتلك التقنيات قد يكون حافزاً كبيراً للمضي فيها”.

قد يهمك أيضاً

تعليقات

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

تابعنا

الأحدث