حرب متعددة الجبهات تزعج إسرائيل.. هل يتكرر سيناريو 6 أكتوبر 1973؟

وطن- تحت عنوان: “الحرب متعددة الجبهات مع وكلاء إيران تزعج إسرائيل على الرغم من الردع”، نشر موقع المونيتور تقريراً عن الأزمات التي تواجهها تل أبيب بوتيرة متسارعة في الفترة الماضية.

التقرير بدأ بالقول إنّ مستوطناً أصيب بالرصاص يوم الثلاثاء في شمال الضفة الغربية، بينما كانت إسرائيل تحتفل بذكرى التأسيس، وجاء الحادث على خلفية التوترات المتزايدة بين الإسرائيليين والفلسطينيين في الضفة الغربية في الأسابيع الأخيرة، بما في ذلك هجوم مميت في غور الأردن في 7 أبريل، عندما قُتلت أم وابنتاها.

واعتقلت القوات الإسرائيلية، هذا الأسبوع، 16 فلسطينياً يشتبه في قيامهم بأنشطة مسلحة ضد إسرائيليين في جميع أنحاء الضفة الغربية.

تحديات كبيرة

لا تواجه إسرائيل التوترات في الضفة الغربية فحسب؛ بل تواجه أيضًا تهديدات متزامنة وربما منسقة على جبهاتها الأخرى.

قبل خمسين عامًا، في 21 مايو 1973، أخبر وزير الدفاع آنذاك موشيه ديان قادة جيش الاحتلال الإسرائيلي أنه في تقديره، احتمال اندلاع حرب متعددة الجبهات مع مصر وسوريا آخذٌ في الارتفاع، وأنّ دولًا أخرى ستنضمّ إلى القتال، بما في ذلك ليبيا والعراق.

وقد تحقّق تقييمه بعد أقل من خمسة أشهر. في 6 أكتوبر، بينما كان اليهود الإسرائيليون يحيون ما يُعرف بيوم الغفران، شنّت مصر وسوريا هجومًا مفاجئًا منسقًا. كان الجيش الإسرائيلي مستعدًا للحرب لكنه لم يحشد قوات الاحتياط، معتقدًا أن القوات النظامية يمكن أن تمنع تقدمهم حتى يتم نشر الاحتياطيات. حتى اليوم، يُنظر إلى الخطأ على أنه أكبر فشل أمني في تاريخ إسرائيل.

يوم الخميس الماضي، أجرى وزير الدفاع يوآف غالانت تقييماً مماثلاً في محادثة مع الصحفيين. وقال غالانت: “يجب أن يستعدّ الجيش الإسرائيلي لحرب متعددة الجبهات مع وجود تهديد أمني حقيقي على جميع الجبهات في نفس الوقت.. نحن في نهاية عصر الصراعات المحدودة، واليوم هناك ظاهرة بارزة لتقارب الحلبة”.

وكان وزير الدفاع يشير إلى أن الجيش الإسرائيلي يعمل في الغالب في ساحة واحدة هذه الأيام، سواء ضد الميليشيات المدعومة من إيران في سوريا، والمسلحين في غزة والضفة الغربية.

حرب متعددة الجبهات تزعج إسرائيل
حرب متعددة الجبهات تزعج إسرائيل

قلق إسرائيلي داخلي

لم تتسبّب تصريحات غالانت في إثارة ضجة كبيرة، ربما لأن الإسرائيليين قلقون أكثر بشأن الصدام الداخلي غير المسبوق بين القوى المؤيدة للديمقراطية والحكومة القومية المتطرفة والحكومة الأرثوذكسية المتطرفة وتداعياتها على الاقتصاد والقضاء والنسيج الاجتماعي.

يُنظر أيضًا إلى التسلل المستمر للهجمات على أنه تهديد وشيك أكثر من الأعداء الخارجيين. ومساء الإثنين صدم فلسطينيّ من سكان القدس بسيارة مارة ما أدى إلى إصابة ثمانية أشخاص في وسط المدينة. وقع الهجوم بينما كان الإسرائيليون يستعدون لإحياء ذكرى سقوطهم.

لم يوضح غالانت سبب قلقه من “تقارب الساحات”، لكن لا يوجد لغز كبير. وبدا أنه يشير إلى التآكل المستمر للردع والتأثير الإسرائيليين على جميع الجبهات، والذي تسارعت بشكل كبير بفعل الأحداث الأخيرة.

منذ أن تولّت الحكومة الحالية السلطة قبل أربعة أشهر، بدأ حلفاء إسرائيل الجدد في المنطقة بالنأي بأنفسهم، إما بالجلوس على السياج أو القفز إلى الجانب الإيراني.

وقال مصدر عسكري إسرائيلي كبير لموقع “المونيتور” طلب عدم الكشف عن هويته: “لا يزال هناك خطر واضح من اندلاع حرب متعددة الجبهات.. كل اللاعبين ما زالوا يفهمون أن قوة الجيش الإسرائيلي أكبر بما لا يقاس من قوتهم الكلية”.

قلق إسرائيلي داخلي

وذكر التقرير: “ما هو إذن تحذير جالانت؟.. إنهم أقل خوفًا من التورط في مثل هذه الحرب. إنهم يرون المسافة الدراماتيكية بين إسرائيل والولايات المتحدة؛ يرون الموقف الدولي تجاه إسرائيل؛ يفهمون أنّ [رئيس الوزراء بنيامين] نتنياهو أصبح منبوذًا تقريبًا لدى حلفاء إسرائيل، وهم يرون الاضطرابات الداخلية في إسرائيل وعلامات التمرد في صفوف العسكريين، كلّ هذه العوامل مجتمعة تقلل من خوفهم من التورط”.

هناك خطر ضئيل من أن تحاول إيران وحزب الله وسوريا وربما حماس والجهاد الإسلامي تَكرار الهجمات السورية والمصرية قبل 50 عامًا. لا تتعرض إسرائيل اليوم للتهديد من الدبابات التي اجتاحت مرتفعات الجولان في عام 1973 وكادت تصل إلى بحيرة طبريا، ولا من قبل القوات المصرية التي تعبر قناة السويس لإقامة جسر إلى الأراضي التي تسيطر عليها إسرائيل.

يكمن التهديد في ترسانة هائلة، وهي من أكبر الترسانة في العالم، من مئات الآلاف من الصواريخ والصواريخ التي يخزنها حزب الله وإيران وحماس والجهاد الإسلامي والميليشيات الموالية لإيران في سوريا والعراق. الجميع لديهم هدف واحد: إسرائيل.

من شأن نشر هذه المقذوفات أن يؤدي إلى حرب مفتوحة بين إسرائيل وإيران يمكن أن تمتدّ إلى مناطق أخرى. وقال مصدر عسكري إسرائيلي رفيع للمونيتور، شريطة عدم الكشف عن هويته: “إذا حدث ذلك، سيستخدم الجيش الإسرائيلي كامل قوته في الأيام الأولى”. كان هذا هو الحال في حرب الأيام الستة عام 1967، عندما دمرت إسرائيل القوة الجوية لأعدائها في الساعات الأولى من القتال، وبالتالي حدّدت نتيجتها.

وأضاف المصدر أنّه على عكس حرب لبنان الثانية عام 2006، عندما تجنّب رئيس الوزراء إيهود أولمرت الإضرار بالبنية التحتية اللبنانية، فلن ينتظر أحد.

وخلص المصدر إلى أنه “على العكس من ذلك، سنشهد بالفعل في الأيام الأولى أقصى قدر من الدمار، بهدف واحد: إنهاء الحرب في أسرع وقت ممكن”.

وقال مصدر عسكري إسرائيلي في مرتفعات الجولان، قبل أسبوعين، إنّ إسرائيل لا ترى “حافزًا كبيرًا” أو استعدادات محددة لمواجهة إسرائيل.

وتحدّث شريطة عدم الكشف عن هويته، بعد هجومٍ صاروخيّ مفاجئ على إسرائيل من لبنان وسوريا التي ردّ عليها الجيش الإسرائيلي بالقصف المدفعي والجوي: “كانت هذه مبادرة محلية لمنظمات موالية للفلسطينيين تحافظ على قدر من الاستقلال، وتلقّوا إشارة واضحة وضربة في الرأس. كما دفع ضباط الجيش النظامي الثمن، لكننا لا نرى تراجعًا في الردع تجاه النظام السوري”.

لا شيء من هذه الملاحظات مطمئن إلى هذا الحد. يمكن أن يندلع تفجّر متعدد الجبهات نتيجةً لسوء التقدير والتصعيد السريع في وقت تضعف فيه عوامل التقييد.

قال مصدر أمني إسرائيلي رفيع المستوى لـ”المونيتور”، شريطة عدم الكشف عن هويته، إنّ موجة الهجمات المنفردة التي تواجهها إسرائيل منذ عامين إلى جانب التهديدات الخارجية والاضطرابات الداخلية هي التهديد الحقيقي.

وأضاف: “يمكن أن نجد أنفسنا في نفس الوضع الذي كنا فيه قبل 50 عامًا”.

قد يهمك أيضاً

تعليقات

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

تابعنا

الأحدث