وطن- كشفت أحدث بيانات الأمم المتحدة أنه بحلول نهاية هذا الأسبوع، سيكون لدى الهند عدد أكبر من السكان مقارنة بالصين، مما يمثّل تحوّلاً تاريخياً في التركيبة السكانية العالمية.
الهند تتجاوز الصين في عدد السكان
وبحسب شبكة “سي إن إن” الأمريكية، فإنّه بنهاية أبريل الجاري، ستتجاوز الهند الصين من ناحية عدد السكان، لتغدوَ الدولة الأكثر اكتظاظاً بالسكان في العالم بنحو 1,43 مليار نسمة.
تقديرات تقرير حالة سكان العالم لعام 2023 الصادر عن صندوق الأمم المتحدة للسكان، تشير في هذا السياق إلى أنّ عدد سكان الهند سيصل إلى 1.4286 مليار مقابل 1.4257 مليار للصين.
ولفترات طويلة من الزمن، حافظت الصين على لقب أكبر دولة في العالم من حيث عددُ السكان، ولكنّ عقوداً من السياسات التقييدية التي تقصر العائلات على طفل واحد أدّت إلى تباطؤ معدل المواليد في الصين بشكل كبير، مما سمح للهند بالمضيّ قدُماً.
تراجع عدد سكان الصين العام الماضي لأول مرة في 6 عقود، وهو تحوّل تاريخيّ من المتوقَّع أن يمثّل بداية فترة طويلة من الانخفاض في أعداد المواطنين.
الأمر الذي سيكون له تداعيات كبيرة على اقتصادها والعالم، وفقاً لـ”رويترز“.
مجاعة عام 1959 كان لها أثر كبير
وبحسب الأرقام الرسمية التي نشرت في مطلع السنة، فإنّ عدد سكان الصين تراجع السنة الماضية للمرة الأولى منذ 1960-1961، بعد مجاعة بدأت عام 1959 خلّفت عشرات ملايين الوفيات إثر القفزة العظيمة الى الأمام، الحملة الاقتصادية الكبرى التي اعتمدها الحزب الشيوعي الصيني في 1958، وفقاً لـ”فرانس برس”.
من المفارقات أنّ هذا التراجع في عدد السكان في الصين يأتي رغم تخفيف سياسة تحديد النسل في السنوات الماضية.
قبل عشر سنوات، لم يكن يحقّ للأسرة الصينية سوى إنجاب طفل واحد، ومنذ عام 2021، بات بإمكانها إنجاب ثلاثة أطفال.
هذا التراجع ينسب عموماً إلى كلفة المعيشة التي ارتفعت كثيراً في الصين وكذلك كلفة تعليم الطفل، كما أنّ ارتفاع مستوى تعليم المرأة أدى إلى تأخير الحمل.
كيف ارتفع عدد سكان الهند بهذا الشكل؟
ليس من المستغرَب أنّ الخصوبة هي المفتاح لفهم دوافع ارتفاع أو انخفاض عدد سكان الدولة.
ولكن وفقاً للحكومة الهندية، فقد انخفض معدل الخصوبة الإجمالي في الهند إلى 2.0 في أحدث فترة تقييم على مستوى البلاد من 2019 إلى 2021، انخفاضاً من 3.4 من عام 1992 إلى 1993، حسب “سي إن إن”.
ويقول كبير الباحثين في المعهد الفيدرالي لأبحاث السكان، فرانك سواكزني: “عندما ينخفض معدل الخصوبة، يستمرّ السكان في النمو لعدة عقود”.
لذلك، حتى مع معدل الخصوبة البديل أو دون الإحلال سيستمرّ عدد سكان الهند في النمو ببطء، بسبب العدد الكبير من النساء اللائي يدخلن سنوات الإنجاب.
ورغم أن الهند والصين ستشكّلان أكثر من ثلث عدد سكان العالم المقدّر بنحو 8.045 مليار نسمة، فإنّ النمو السكاني للعملاقين الآسيويين يتباطأ، وبوتيرة أسرع بكثير في الصين منها في الهند.
وربما تكون الهند قد تجاوزت الصين في إجمالي عدد السكان، لكن بيانات الأمم المتحدة تُظهر أيضاً أنّ معدل نموّها قد تباطأ.
وبين عامي 1971 و1981، كان عدد سكان الهند ينمو بمعدل 2.2 بالمئة كلّ عام، ومن 2001 إلى 2011، تباطأ ذلك إلى 1.5 بالمئة وهو أقل الآن.
ووفقاً لتوقّعات الأمم المتحدة، من المتوقّع أن يبلغ عدد سكان الهند ذروتَه عند نحو 1.7 مليار نسمة في عام 2064.
وفي الوقت الحالي، فإنّ أكثر من 40 بالمئة من سكان البلاد تقلّ أعمارهم عن 25 عاماً، ومتوسط العمر التقديري في عام 2023 هو 28، وهو ما يقرب من عقد من الزمن أصغر من الصين، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة.
عدد السكان في سن العمل
في عام 2021، بلغ عدد السكان في سن العمل في الهند أكثر من 900 مليون نسمة، ومن المتوقّع أن يصلَ إلى مليار خلال العقد المقبل، وفقاً لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD).
هذه القوة العاملة الضخمة، وذات الأجور المنخفضة نسبياً، ليست شابة فحسب؛ بل إنها تتحدث الإنجليزية إلى حدٍّ كبير ولديها معرفة رقمية ولديها سمعة طيبة في ريادة الأعمال.
مما يجعل البلاد نقطة جذب كبيرة للشركات الغربية التي تبحث عن مركز تصنيع بديل للصين.
ولكن من المتوقّع أن تتباطأ مساهمة الهند في نسبة السكان في سن العمل في العالم في العقود القادمة، مما يفسح المجال أمام السكان الأصغر سنًا من العمال الخارجين من أفريقيا.
قد يكون للهند نصيب الأسد من الأشخاص في سن العمل اليوم، لكن الخبراء يقولون إن الأمة بحاجة إلى سياسات قوية للاستفادة من شبابها.
الهند واحدة من أفقر دول العالم
على الرغم من أنّها لا تزال واحدة من أفقر دول العالم من حيث نصيب الفرد، فإنّ الهند تتقدّم في جداول الترتيب الاقتصادي العالمي.
واقتصادها الذي يقارب 3.5 تريليون دولار هو الآن خامس أكبر اقتصاد في العالم ومن بين الأسرع نموّاً، حسب “سي إن إن”.
في عام 2023، يتوقّع البنك الدولي أن تتفوّق الهند في الأداء على جميع الاقتصادات الرئيسية الأخرى بنمو 6.6 بالمئة، مقارنة بـ4.3 بالمئة للصين و0.5 بالمئة فقط للولايات المتحدة.
ومن المتوقَّع خلال السنوات العشر القادمة أن تصبحَ الهند ثالث أكبر اقتصاد في العالم، بإجمالي ناتج محليٍّ بقيمة 10 تريليون دولار بحلول عام 2035.
ومع ذلك، وعلى الرغم من ثروات الهند، فإنّها ليست موزّعة بالتساوي.
حيث لا يزال الفقر حقيقة يومية لملايين الهنود، ويقول الخبراء إنه بينما يوجد في البلاد عدد كبير من الشباب المستعدين والراغبين في العمل، مقارنة بالدول الأخرى، تظهر الأرقام أنه لا توجد وظائف كافية لهم.