وطن– أعلنت وسائل إعلام عبرية وفاة “إيزابيل بيدرو”، أشهر جاسوسة إسرائيلية زرعها الموساد الإسرائيلي في مصر بستينات القرن الماضي عن عمر ناهز 89 عاماً.
وتمكّنت إيزابيل بيدرو وقتَها من اختراق مجلس قيادة الثورة في عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، وحصلت على تصميمات السد العالي في مطلع الستينات من القرن الماضي.
وفاة إيزابيل بيدرو الجاسوسة الإسرائيلية في مصر
وفيما لم تذكر صحيفة “هارتس” العبرية تفاصيل عن سبب وفاة الجاسوسة الإسرائيلية، فقد نشرت تقريراً عن بيدرو وجوانب من حياتها ودورها التجسسي.
وأشارت الصحيفة إلى أن بيدرو استقلت قبل 60 عامًا طائرة “إل عال” التي أقلعت من مطار اللد إلى باريس.
وفي اليوم التالي كان من المقرر أن تلتقي “إيزابيل بيدرو” للمرة الأولى بصفتها عميلة لجهاز المخابرات الإسرائيلي، شخصاً قصير القامة وبديناً بشارب كثّ قدّم نفسه على أنه ميخائيل، لكن اسمه كان يتسحاق شامير، رئيس وزراء إسرائيل فيما بعد، والذي شغل بعد ذلك منصب قائد وحدة عمليات في الموساد.
وأضاف المصدر، أن شامير أبلغ “بيدرو” أن مهمتها ستكون التسلل إلى مصر وستقوم بجولة ظاهرها سياحي في البلاد، تتابع خلالها الأحداث غير العادية وتفاصيل عسكرية وما يحصل في أوساط النخب ومحاولة إقامة اتصالات معهم.
وفي وقت لاحق، التقى شامير مع “إيزابيل بيدرو” في المطاعم والنوادي الليلية. وأوضح لها أن هذه الأماكن أفضل شيء لعقد اجتماعات سرية.
وقالت في وقت لاحق: “لقد كان محبًا للفرانكوفونية. لقد كان من دواعي سروري التحدث إليه بالفرنسية”.
وغادرت إيزابيل إلى بلد المقصد، مصر للمرة الأولى بجواز سفر أوروجواي، ولا يوجد به أي أختام تكشف دخولها أو خروجها.
وكان رئيس مصر في ذلك الوقت، جمال عبد الناصر، أحد أكبر أعداء إسرائيل. وكان اليهود يسجنون في السجون المصرية وتم اعتقالهم بعد فشل عمليات تخريبية لهم في مصر عام 1955 في إطار القضية المعروفة باسم “عيش حبيش”.
ووفق تقرير الصحيفة العبرية، أخفت إيزابيل “جهاز مورس” الخاص بها في حقيبة خشبية مزدوجة الجدران. كما تم تجهيزها بجهاز استقبال لاسلكي على الموجة القصيرة لتلقي الأخبار التي ستنقل إليها من الموساد.
“إيزابيل بيدرو” تخفت تحت دراسة علم الآثار
وحصلت على تأشيرتها لدخول مصر بعد أن أبلغت السلطات أنها تريد دراسة علم الآثار هناك.
وفي وقت قصير انخرطت في المجتمع الراقي في مصر. وأقامت في فندق “سميراميس”، ثم بدأت تعمل بكوافير الفندق لأنها كانت تدرك أن أصحاب تلك المهنة يتحدثون كثيراً في كل شيء.
وخلال رحلاتها المزعومة لغرض البحث الأثري، لاحظت أن الجيش المصري كان ينقل حمولات أسلحة معبأة في قطارات إلى منطقة السودان. وفي إحدى الرحلات، مرت بمطار كبير حيث تناثرت عشرات الطائرات السوفيتية.
وفي أسوان زارت المنطقة التي كان يتم فيها بناء سد جديد على النيل في ذلك الوقت. ونقلت المعلومات إلى مشغليها في المؤسسة أو قدمتها في الاجتماعات التي عقدت خارج مصر.
كانت تحت أعين المخابرات المصرية
وكانت إيزابيل تتحرك دون أن تدرك أنها كانت تحت سيطرة كاملة من المخابرات المصرية، التي كانت قد شددت من مراقبتها لكل الأجانب القادمين إلى مصر، بعد تعدد اغتيالات العلماء الألمان، والتي تأكد أن الموساد يقف وراءها.
وقامت المخابرات المصرية باستغلال “إيزابيل بيدرو” لتمرير العديد من المعلومات المغلوطة من أجل تضليل الاستخبارات الإسرائيلية في العديد من الملفات، ومن بينها الخرائط “المزورة” للسد العالي.
وبعد 3 سنوات، اكتشف الإسرائيليون أنهم تعرضوا للخداع وسقطوا في فخ للمخابرات المصرية بعد تأكدهم من عدم صحة التقارير التي كانت ترسلها إيزابيل إلى إسبانيا، لتنتقل من هناك إلى إسرائيل.
ولهذا سارع الموساد إلى سحب إيزابيل من مصر عام 1965، وأخضعها لسلسلة جلسات استجواب عنيفة، كان في جوهرها الشك بأنه قد تم تجنيدها من المخابرات المصرية، لكنها اكتشفت هي الأخرى أنها كانت تعيش في وهم النجاح بعالم الجاسوسية، التي أنهت مسيرتها فيها فور البدء، بعد الفشل الذريع في مصر.
جذور عائلة إيزابيل
وأشار التقرير إلى أن جذور عائلة إيزابيل من جهة والدها تعود إلى مدينة توليدو الإسبانية، وقالت: “وفقًا للتقاليد المتوارثة في عائلتي من جيل إلى جيل، كان أحد أجدادي، الملقب دون بيدرو، مسؤولاً عن شراء خيول أصيلة لأحد ملوك إسبانيا”. وهذا ما أنقذه هو وعائلته من أيدي محاكم التفتيش.
وقالت: “في عام 1531، غادر دون بيدرو وعائلته إسبانيا بموافقة الملك واستقروا في هولندا”. فيما بعد انقسمت الأسرة، وفيما بقي بعضهم في هولندا، هاجر بعضهم الآخر إلى بريطانيا العظمى وذهب آخرون إلى بولندا.
صهيون اليسار
وولد والدها يتسحاق بيدرو هناك وانخرط في حركة “عمال صهيون اليساريين”. حيث خدم في الجيش البولندي، وهرب عام 1921 إلى “أرض إسرائيل”، حسب تعبيرها.
وكشفت “إيزابيل بيدرو” في لقاء سابق مع “هارتس”، أن والدها كان يعمل ضمن حركة العمال في حركة “صهيون اليسار” غير الصهيونية، لكنه انضم بعد ذلك لحركة “مبام” الصهيونية ثم انضم للجيش البولندى، ثم هاجر عام 1921 وهرب إلى إسرائيل.
وقالت الجاسوسة إن والدها أكد لها أنه كان أحد مؤسسي الكيبوتسات الثلاثة قرب منطقة “بتاح تكفا” وطبريا.
وكانت إيزابيل متزوجة من رجل الأعمال بن عامي كابلان، أحد مقاتلي الإيتزال الذي توفي عام 2005، وأمّاً لولدين.