التايمز تكشف عن صدمة من ارتباط محمد السادس بمجرم وكيف ضرب المكتب دفاعا عنه!
وطن- نشرت مجلة “التايمز” البريطانية تقريراً مطوّلاً انتقدت فيه بشكلٍ كبير الملك المغربي محمد السادس، بسبب ارتباطه بمن وصفتهم بالمجرمين (الإخوة زعيتر) الذين سيطروا عليه بشكل كامل.
وبدأت الصحيفة تقريرها الذي أعدّه إيسامبارد ويلكنسون، بنبذة تاريخية قصيرة ذاكرةً أنه في القرن السابع عشر، أرسى القراصنة البربريون سفنَهم في محمية مصب أبو رقراق، التي تفصل الرباط، عاصمة المغرب، عن مدينتها التوأم سلا، حيث أصبحت ضفاف النهر الآن موطنًا لنوع أكثر حداثة من القراصنة، والتي يعدّ وجودها نتيجة سخاء الملك وعلامة على أزمة ملكية متفاقمة.
ووفقاً للتقرير، يمكن رؤية المصالح التجارية لأبو بكر زعيتر، بطل فنون القتال المختلطة البالغ من العمر 37 عامًا، والذي تمّ سجنه في ألمانيا لارتكابه جريمة عنيفة، في مرسى سلا في شكل مطاعم تشير أسماؤها إلى العملاء الذين يتمتع بهم مالكها، حيث تتزاحم عائلات الطبقة المتوسطة المغربية لتناول الطعام في رويال برجر ورويال دونات.
وبحسب التقرير، فإنه في المطاعم كل شيء هادئ، لكن في الشارع وفي ظل الصمت الرسمي الذي يفرضه النظام المغربي، يتمّ تبادل اللغات على العلاقات بين الملك محمد السادس والإخوة زعيتر.
الظهور العلني للملك محمد السادس مع الإخوة زعيتر
وذكرت المجلة في تقريرها، أن هذا الاتصال بين الملك والإخوة زعيتر أصبح علنيًا لأول مرة منذ خمس سنوات، عندما نشر الرياضي الألماني المغربي صورة على إنستغرام له وهو جالس مع الملك، وكلاهما مجتمعان معًا، يرتدي نظارة يأخذان حمامًا شمسيًا ويبتسمان كما لو كانا يستمتعان.
وقالت المجلة إنّ صورة الملك المطلق، رئيس الدولة وقائد المؤمنين، مع المجرم، صدمت العديد من رعاياه، ليتبعها بعد ذلك المزيد من الصور، بما في ذلك صورة بذراع المقاتل حول الملك، وسرعان ما دخل أبو بكر زعيتر وأخواه إلى الحاشية الملكية بشكل دائم، وسيطروا على الوصول إلى الملك، واستغلوا أسطوله من السيارات الفاخرة، وأمروا المسؤولين بإطاعة أهوائهم.
غضب الأجهزة الأمنية من علاقة محمد السادس بالإخوة زعيتر
وذكرت المجلة أنّ الأجهزة الأمنية، الغاضبة، سرعان ما أطلقت حملة إعلامية غير مسبوقة ضد الإخوة زعيتر، استهدفت الدائرة الملكية لأول مرة، حيث قالت إحدى التقارير الرسمية، إنّ عائلة زعيتر تمارس “نفوذاً شبيهاً بنفوذ راسبوتين” على الملك.
ونقلت المجلة عن أحد أفراد العائلة المالكة، قولَه إنّ الملك محمد السادس البالغ من العمر 59 عاماً، والذي يحكم منذ عام 1999، يواجه تحديًا غير مسبوق لسلطته في هذه القضية، حتى داخل الدولة.
مولاي هشام يحذر تجاوز عتبة خطيرة
وقال الأمير مولاي هشام، ابن عم الملك الأول، لـ”التايمز”، في إشارة إلى مجموعة من الحاشية وكبار المسؤولين: “لقد تم تجاوز عتبة خطيرة جديدة، مضيفا أن “التحالف الأمني يحاول الآن إدارة بلاط الملك وحياته الشخصية”. إنه يخترق آخر حصن من النظام السياسي، الذي تمّ بناؤه بشق الأنفس لعقود من الزمن لإدارة التوازن الدقيق للتماسك الوطني”.
وبحسب المجلة، فقد كثّفت أزمة القصر التركيز على عهد الملك وسط غضب شعبي متزايد من التضخم، كما زادت أيضًا التكهنات المحلية والدبلوماسية بشأن صحته -التي تبدو هشة بعد جراحة القلب في 2018 والتهاب الرئة في 2019- وخلافة العرش.
ولفتت المجلة إلى أن الأزمة تهدّد بتشويه نجاح المغرب، حصن الإسلام المعتدل والاستقرار في منطقة غير مستقرة، حيث يقول منتقدون إنه يؤكد أيضًا الحاجة إلى الإصلاح في بلد يعتبر مقصدًا سياحيًا شهيرًا للغربيين وكذلك حليفًا إستراتيجيًا للولايات المتحدة وبريطانيا وإسرائيل وشريكًا تجاريًا رئيسيًا لأوروبا.
محمد السادس الحاضر الغائب
وذكرت المجلة أنّ صورة محمد السادس حاضرة في كل مكان في المغرب، في مكاتب المحطات وبهو الفنادق وعلى الأوراق النقدية، ومع ذلك، يشكو منتقدوه من عدم رؤيته في أيّ مكان، حيث يزعمون أنّ عادته في البقاء لشهور في باريس أو الغابون، في غرب إفريقيا، ودعوة نفسه لقضاء إجازات فاخرة قد ازدادت منذ بداية صداقته مع الإخوة زعيتر، حيث قال سياسي طلب عدم نشر اسمه لأن “السجون مليئة بالناشطين”، إن التقدير بأنّ الملك غادر البلاد لمدة 200 يوم العام الماضي كانت تقديرات “متحفظة”.
ويقول محللون مثل ريكاردو فابياني، خبير شمال إفريقيا في مجموعة الأزمات الدولية، إنّ الوريث المتردد للحسن الثاني، والده الاستبدادي الذي حكم بقبضة من حديد، يخاطر بترك المغرب تحت حكم سيئ. ويضيف أنه من الناحية النظرية، تتمتع الدولة بنظام ملكي دستوري، لكن في الواقع، الحكومة ليست أكثر من سلطة تنفيذ الملك وامتصاص الصدمات.
الملك يحرس سلطته بغيره
وقال مسؤول مغربي كبير سابق، إنّ صداقة محمد السادس مع آل إزعيتر سمحت له بالتهرب من دور كان يكرهه دائماً جزئياً، حيث إنه يحرس سلطته بغيره ويتحكم في جميع القرارات الرئيسية، لكنه في نفس الوقت يكره العمل.
ولفت المسؤول السابق، إلى أنّ مشاريع مثل المستشفيات تتأخر لأنه لا يفتتحها، كما يمضي الدبلوماسيون شهوراً في انتظار مقابلته للحصول على اعتمادهم، كما أنه عندما يكون بعيدًا، فإنه يطلب من المسؤولين ألا يزعجوا أنفسَهم بإرسال نشرة المخابرات اليومية إليه.
منع شقيق وشقيات الملك من الدخول إليه
وقال المسؤول السابق: “منع آل زعيتر وصول أفراد العائلة المالكة إلى الملك، بمن فيهم أخواته وشقيقه، واستبدلوا أيضًا مساعده الرئيسي، فؤاد علي الهمة، بصفته وصيًا”، في إشارة إلى أفضل صديق للملك في المدرسة الذي لعب لسنوات دور الرجل الثاني، حيث أثار غياب الهمة عن أروقة السلطة منذ خضوعه للعلاج الطبي منذ أكثر من شهر تكهنات حول مستقبله.
وأضاف المسؤول السابق، أنّ ارتباط الملك بآل زعيتر “شوّه صورة النظام الملكي”، حيث كان الإخوة، وهم في الأصل من فريشن بالقرب من كولونيا، قد تلقَّوا تنشئةً صعبة وكانوا متورطين في أحداث عنف في أطراف المدينة، لافتاً إلى أنه في عام 2004، حُكم على أبو بكر زعيتر بالسجن لمدة عامين لمشاركته في الاعتداء على رجل أعمال وسكب عليه سائلاً قابلاً للاشتعال قبل سرقة سيارته الفيراري، وبعد خروجه من السجن، عاد إلى المحكمة لضرب صديقته وتفجير طبلة أذنها.
جرائم أبو بكر زعيتر
وبحسب المجلة، أصبح أبو بكر زعيتر وشقيقه الأصغر، عثمان، مقاتلين MMA وقام شقيقهم الآخر، عمر، بتوجيههما واكتسبوا سمعة سيئة، واختلطوا مع المشاهير في ألمانيا، بما في ذلك المنتج المغربي نادر الخياط الشهير بلقب “ريدوان” الذي قدّم عائلة زعيتر إلى الملك.
ودخل الأخوان القصر بصفتهما “المدربين الشخصيين” للملك، لكن سرعان ما ظهر مكانهم في عواطفه، حيث قال المسؤول السابق: “أعطى الملك الأرض للأخوة وأمطرهم بسخاء لا نهاية له، مثل الأرض لدفن والدتهم في قصر ملكي”، كما “سمح لهم بالسفر على متن رحلات عسكرية. سُمح لهم بإهانة كبار المسؤولين مثل المحافظين بإعطائهم الأوامر في الأماكن العامة”.
غياب فؤاد عالي الهمة من المشهد
وتقول مصادر مطلعة، إنّ مسؤولين مثل الهمة ورئيس الأمن الداخلي عبد اللطيف حموشي يعتبرونهما خطراً على التاج، مشيرين إلى أنّ مسؤولين أمنيين وافقوا على نشر السجل الجنائي الألماني لأبو بكر زعيتر في هسبرس: “السرقة والابتزاز والاحتيال والعنف الجسدي وتكوين الجمعيات الإجرامية والسرقة والعودة إلى الجريمة والاحتيال على الكمبيوتر والقيادة بدون ترخيص والضرر الجسدي الذي يسبب العجز الدائم والاعتداء والضرب، الاتجار بالمخدرات والعبث بها ومقاومة إنفاذ القانون”.
الملك يوبّخ مساعديه بسبب الإخوة زعيتر
وبحسب المجلة، وبّخ الملك محمد السادس مساعديه لتحديهم سلطته، وبحسب ما ورد ضرب بقبضته على مكتبه بغضب.
وفي جانب آخر، بحسب المجلة، فإن التلال خارج الرباط، بالقرب من الجامعة، يتناقض منظر البناء الجاري لبرج محمد السادس، أطول مبنًى في إفريقيا، بشكل حادّ مع المساكن الفقيرة المحيطة، موضحةً أنه بالنسبة إلى منتقدي الملك، فهو رمز للتفاوت بين الملك، الذي قدرت ثروته بـ5 مليارات دولار، ورعاياه.
تزايد السخط الشعبي
وأشارت المجلة إلى أنّ السخط الشعبي يتزايد في المغرب، حيث ارتفعت أسعار المواد الغذائية بنسبة 16.1٪ مقارنة بالعام السابق، حيث يعتقد الأمير مولاي هشام، الباحث في جامعة هارفارد الذي أيّد الإصلاحات منذ فترة طويلة، أن القصر يجب أن يعمل لتفادي أزمة وطنية.
وقال: “لا يمكن حل التفاوتات المتزايدة والتوترات الاجتماعية إلا من خلال تعددية حقيقية تُترجم إلى تمكين سياسي وإدماج”. “بعد الربيع العربي، اعتقدنا للحظة أنّ المغرب سوف يغتنم هذه الفرصة، لكن الدولة تراجعت عن نموذج الأمن. وكانت أكثر الخسائر دراماتيكية هي حرية التعبير. تعرض الصحفيون للسجن ظلماً واستخدمت الأجهزة الأمنية أساليب بغيضة قانونياً وأخلاقياً”.
وأوضح، أن “خطر التقاعس هو أن المسؤولين الأمنيين سيكتسبون النفوذ. يمكن للملك أن يضعَ حدّاً لهذا الوضع بالضغط على زر “إعادة الضبط”، وهو ما يعني في نهاية المطاف تفضيل المؤسسات التمثيلية وإعادة تأهيل السياسة. ما إذا كان سيجد الطاقة السياسية والإرادة للقيام بذلك يظل مفتوحًا”.
وأضاف الأمير مولاي هشام، أنّ الدستور المغربي الجديد يعتزم معالجة هذه القضايا، بالنظر إلى أن الملك أزال حرمة منصبه خلال إصلاحات 2011.
من جانبه، رفض “المخزن” رسمياً أيّ اقتراح بحدوث أزمة أو خطر على العرش قد يمثّله آل زعيتر”، قائلاً، إن “هذا هراء”.
قال مسؤول حكومي رفيع: “إنها في عالم اللاوعي: إنها في عالم الأدب الخيالي. المغرب لديه حكومة تعمل بدون وجود الملك”، مشدّداً على أهمية الإصلاحات الجارية في مجالات الصحة والتعليم والحماية الاجتماعية. كما أشار إلى تعامل الدولة الماهر نسبيًا مع الوباء.
ومع ذلك، انتشرت شائعات في الآونة الأخيرة بأن الملك قد وبّخ عزيز أخنوش، رئيس الوزراء والملياردير، لبطئه، وخرجت مظاهرات صغيرة فقط في الأشهر الأخيرة احتجاجاً على أزمة غلاء المعيشة، لكن الغضب لا يزال مستعراً بعد اعتقال النشطاء الذين قادوا احتجاجات على القضايا الاقتصادية والاجتماعية في منطقة الريف المضطربة، شمال البلاد، في نهاية عام 2016 وعام 2017.