وطن- لطالما تناولت الصحف العالمية منذ الأشهر القليلة الماضية سيناريوهات محتملة لنتائج الانتخابات الرئاسية التركية وما ستؤول إليه الأوضاع بعد كل نتيجة. وأعطت وسائل الإعلام الدولية اهتماماً خاصاً لهذه الانتخابات لما لتركيا من أهمية في الموقع السياسي إقليمياً وعالمياً.
وأُغلقت في تركيا مكاتب الاقتراع البالغ عددها نحو 200 ألف، الأحد، عند الساعة الـ17.00 بالتوقيت المحلي (14.00 ت غ).
واستقبلت المكاتب حشوداً من الناخبين منذ الصباح من دون تسجيل حوادث تذكر، لانتخاب الرئيس الثالث عشر للجمهورية وتجديد أعضاء البرلمان.
ومن المرتقب أن تُعرف النتائج الأولية للانتخابات مساء، ويتمّ الإعلان عن النتائج غير النهائية للانتخابات بعد الساعة الـ12 منتصف الليل، بحسب وسائل إعلام تركية.
ماذا لو هزم أردوغان؟
وكانت عدة صحف أجنبية، نشرت تقارير حول تداعيات نتائج الانتخابات التركية المختلفة، وقد بدأت بعضها باحتمال هزيمة الرئيس الحالي رجب طيب أردوغان وحزبه العدالة والتنمية.
وقالت هذه التقارير إن اختيار البداية لا يعكس توقعا أو تفضيلا. ومع ذلك، فإن الحقيقة هي أن الأيام المضطربة تنتظر تركيا إذا هُزم أردوغان بعد عشرين عاما من حكمه.
وذلك لأن النظام السياسي التركي منقسم ومستقطب بشدة ويحتاج إلى خريطة طريق محددة جيدا للانتقال السياسي. علاوة على ذلك، فإن التغييرات السياسية الهيكلية التي تعهد بها تحالف المعارضة بقيادة حزب الشعب الجمهوري (RPP) ورئيسه كمال كليشدار أوغلو، تمثل تحولا كاملا في النظام.
ظل زعيم المعارضة التركية كمال كليتشدار أوغلو طيلة حياته المهنية خصما للرئيس رجب طيب أردوغان، لكنه يرى أن الوقت قد حان ليضع البلاد على مسار جديد ويمحو الكثير من إرث الرجل الذي هيمن على السياسة لعقدين من الزمن.
وتظهر استطلاعات الرأي عموما أن كليتشدار أوغلو (74 عاما) يتفوق على أردوغان وربما يفوز عليه في جولة ثانية من التصويت، بعد حملة شاملة تعد بحلول لأزمة ارتفاع تكلفة المعيشة التي أدت إلى تآكل شعبية الرئيس في السنوات الأخيرة.
وتعهد كليتشدار أوغلو بالعودة إلى السياسات الاقتصادية التقليدية ونظام الحكم البرلماني واستقلال القضاء الذي يزعم منتقدون أن أردوغان استخدمه لقمع المعارضة، كما تعهد بعلاقات أكثر سلاسة نوعا ما مع الغرب.
وقال كليتشدار أوغلو خلال مؤتمر انتخابي حاشد: “أعرف أن الناس يناضلون من أجل تدبر أمورهم. أعرف تكلفة المعيشة ويأس الشبان. لقد حان وقت التغيير، من الضروري وجود روح جديدة وفهم جديد”.
كليتشدار أوغلو يبني على انتصار المعارضة في عام 2019
ويقول منتقدون إن كليتشدار أوغلو، الذي سخر منه أردوغان بعد هزائمه الانتخابية المتكررة كرئيس لحزب الشعب الجمهوري، يفتقر إلى قدرة خصمه على حشد الجماهير ولا يقدم رؤية واضحة لعهد ما بعد أردوغان.
ويتطلع كليتشدار أوغلو إلى البناء على انتصار المعارضة في عام 2019 عندما هزم حزب الشعب الجمهوري حزب العدالة والتنمية الحاكم بزعامة أردوغان في إسطنبول ومدن كبيرة أخرى في الانتخابات المحلية، وذلك بفضل دعم ناخبي أحزاب المعارضة الأخرى.
وحتى لو انتصر، يواجه كليتشدار أوغلو تحديات تتمثل في الحفاظ على وحدة تحالف للمعارضة يضم قوميين وإسلاميين وعلمانيين وليبراليين.
وجاء اختياره مرشحا بعد خلاف استمر 72 ساعة انسحبت فيه لفترة وجيزة ميرال أكشينار زعيمة الحزب الصالح، ثاني أكبر حزب في البلاد.
وأوضح بيرول باشكان، وهو كاتب ومحلل سياسي مقيم في تركيا، أن كليتشدار أوغلو “يرسم صورة معاكسة تماما لأردوغان، الذي يعد شخصية مستقطبة ومقاتلا… يعزز قاعدته الانتخابية“.
وأضاف “كليتشدار أوغلو يبدو أكثر كرجل دولة يسعى للوحدة والوصول إلى أولئك الذين لا يصوتون له، هذا هو سحره، ومن الصعب جدا القيام بذلك في تركيا. لست متأكدا من أنه سيفوز، لكنه الشخص المناسب في الوقت المناسب”.
وولد كليتشدار أوغلو في إقليم تونجلي الشرقي، وهو من العلويين. واعترف بذلك علنا الشهر الماضي عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ساعيا إلى وقف هجمات سياسية باعتبار أن معتقدات العلويين تجعلهم على خلاف مع الغالبية السنية في البلاد.