وطن- كان تقسيم فلسطين بواسطة الأمم المتحدة عام ١٩٤٧ أكبر عملية خداع وتزييف في التاريخ ترتكبها هذه المنظمة الدولية واساطين اليهود ومرابيهم ومعهم امريكا، تماما كما لو عطفت على أحدهم واستضفته في بيتك وجاءت محكمة (الامم المتحدة) وأعلنت أن البيت ستكون ملكيته مناصفة ما بينك وبين من استضفته.
ولم يكن مطلوبا من العرب حينها فقط سوى الحضور ليكونوا شهود زور على عملية الخداع هذه وأن صوتوا ضد التقسيم، فحتى بريطانيا (أم العروس) امتنعت عن التصويت كي لا تفضح دورها في هذه الخديعة التاريخية.
فما كان يهم الصهيونية العالمية هو طرح تقسيم فلسطين قانونيا في الأمم المتحدة، بعدها يأتي دور المال اليهودي في جلب الاصوات المؤيدة لصالحهم وذلك في عملية تزييف أخرى.
والمهم أيضا لدى الصهيونية هو اعتراف دولي بدولة يهودية على بقعة ما في فلسطين، ولا يهم حجم هذه البقعة فلديهم مخططاتهم المستقبلية، أو كما قال بن غوريون في رسالة لابنه عاموس في أكتوبر ١٩٣٧: -قبل عشر سنوات من التصويت- “التقسيم هو الخطوة الأولى وليس النهاية بعدها سنبتلع كل شيء.. كلما ازدادت قوتنا ابتلعنا المزيد”.
وهو موقف اتفق معه حاييم وايزمن بالكامل.
رغم كل جهود الصهاينة وامريكا والغرب في انجاح قرار تقسيم فلسطين في الأمم المتحدة، الا أن التصويت الأول والذي جرى في ٢٥ نوفمبر ١٩٤٧ فشل.
مما حدا بتكثيف الضغط اليهودي من أجل اعادة التصويت وانجاحه.. فماذا فعلوا؟
بداية تم إبلاغ الرئيس الأمريكي ترومان من قبل اللوبي اليهودي في أمريكا بأن معظم التبرعات التي يجنيها حزبه الديمقراطي هي من اليهود، لذا عليه ان يسعى بقوة ويعمل بجدية أكبر من أجل انجاح التصويت والا فإن الحزب الديمقراطي سيكون في خطر ، وهو ما فعله على أكمل وجه فيما بعد، حتى أن ترومان أعترف في مذكراته فيما بعد بأنه أصبح رهينة بالكامل في يد اليهود، كما أعترف أنه استطاع جلب العديد من الاصوات لصالح التقسيم.
فقام ترومان بتهديد دول مثل نيكاراغوا وليبيريا وعرض رشاوى على شكل مساعدات منها ٦٠ مليون دولار للصين.
وقد اختصر أحد مندوبي الوفود هذه المرارة بقوله في عشية التصويت النهائي من ان: “النظام الاستبدادي بلغ بمخاطبة كل وفد في غرفه الفندقية وفي السرير وفي ممرات الفندق لتهديده بعقوبات اقتصادية أو رشوته بوعود من أجل إجباره على التصويت بطريقة أو أخرى”
كما قدمت المنظمات اليهودية في نفس الوقت لزوجات ممثلي دول أمريكا اللاتينية هدايا كثيرة معظمها من الماس ومعاطف الفرو الثمينة وقد قبلن الهدية، ما عدا زوجة مندوب كوبا، والذي ردّ زوجها المعطف وقد ظلت دولته على موقفها المعارض لقرار التقسيم.
دولة هاييتي اجبروها على التصويت لصالح القرار بعد ان رفضته، بعد تقديم ضمانات لها بإعطاء مساعدات اقتصادية أمريكية لهذه الدولة، كي تصوت لصالح قرار التقسيم وقد أعلن المندوب الهاييتي أن حكومته أمرته بتغيير صوته لأسباب اقتصادية.
ونفس الشيء حدث مع غواتيمالا والتي تم شراء صوتها بعد الوعود بمساعدات اقتصادية.
الهند صوتت ضد التقسيم، لكنها تقدمت بشكوى من ان اخت جواهر لآل نهرو، الدبلوماسية فيجايا لكشمي باندت تعرضت للتهديد بسبب موقفها كما عرض عليها ملايين الدولارات كي تغير موقفها.
ليبيريا صوتت مع قرار التقسيم، بعد ان صوتت ضد، قال سفيرها في أمريكا أن الحكومة الأمريكية هددت دولته بوقف المساعدات، كما أن مالك مصنع الإطارات “هارفي فيرستون” هدد حكومة ليبيريا بأنه لن يستورد المطاط منها في حال عدم تصويتها لصالح قرار تقسيم فلسطين.
الفلبين صوتت ضد التقسيم في البداية ولكن بعد أن هددت الحكومة الأمريكية بقطع المساعدات عنها واجبارها هلى دفع فواتير مؤجلة، وتهديدات أدت أن يغادر المندوب الفلبين مبنى الأمم المتحدة لكن دولته طلبت منه العودة والتصويت مع التقسيم.
هايتي صوتت ضد التقسيم في البداية ولكن بعد دفع ٥ ملايين دولار غيرت تصويتها مع التقسيم.
كوبا صوتت ضد قرار تقسيم فلسطين وأعلنت انها تعرضت لحملات تهديد وترغيب لكنها أصرت على التصويت ضد قرار التقسيم.
فنزويلا صوتت مع قرار تقسيم فلسطين.
سيام (تايلند) صوتت ضد قرار تقسيم فلسطين في ٢٥ نوفمبر فتعرضت لحملات تهديد شرسة ولكنها اصرت على موقفها، فقيل لمندوبها في الأمم المتحدة إن أوراق اعتماده سترفض على أساس أن انقلابا قد وقع في بلده. فأجبر على البقاء بعيدا، وتم حرمانها من التصويت.
بعثة من احدى دول جنوب أمريكا حصلت على ٧٥ ألف دولار مقابل التصويت على قرار تقسيم فلسطين. كوستاريكا صوتت إلى جانب قرار تقسيم فلسطين مقابل ٤٥ ألف دولار ولم تستلمه!.
مندوب غواتيمالا قام بنشاط واسع داخل اروقة الأمم المتحدة من اجل الدفع بقرار التقسيم – وثائق بريطانية أكدت أنه تلقى رشاوى من منظمات يهودية أمريكية ناهيك عن علاقته بفتاة يهودية.
ولا زالت الصهيونية في قمة فجورها وزيفها ولا زال هذا العالم في قمة جشعه ورخصه.