بلومبيرغ: السعودية والإمارات تنفقان الملايين في أوروبا لتلميع الأسد

وطن- تعمل السعودية و الإمارات حالياً، على تنفيذ حملة دعائية مكثفة في أوروبا، بهدف استعادة العلاقات مع الرئيس السوري بشار الأسد، بعد سنوات من التوتر والقطيعة الدبلوماسية بين الأطراف المعنية.

وتسعى هذه الحملة للوصول إلى جزء هام من القطاع السياسي والرأي العام في عدد من الدول الأوروبية، بهدف تحقيق فهم أفضل للتحديات التي تواجه سوريا وإبراز دور رئيس النظام السوري، بشار الأسد، في مكافحة الإرهاب وتحقيق الاستقرار في المنطقة.

السعودية والإمارات تقودان حملة لـ “تليمع الأسد” لدى الغرب

ووفقًا لتقرير نشرته وكالة “بلومبيرغ” (Bloomberg) الأمريكية، أمس الخميس، تعاقدت السعودية والإمارات مع شركات ومؤسسات ضغط (لوبيات) لتنفيذ هذه الحملة، حيث تقوم هذه الشركات بتنظيم لقاءات وفعاليات مع سياسيين وصحفيين وأكاديميين أوروبيين، بهدف تبادل وجهات النظر وتوفير رؤية شاملة حول الوضع الحالي في سوريا.

تهدف الحملة أيضًا إلى تعزيز الاستثمارات الاقتصادية والتجارية بين الدول العربية وأوروبا، وتعزيز الروابط الثقافية والشعبية بين الجانبين. ومن المتوقع أن تكون لهذه الحملة تأثيرات إيجابية في تعزيز العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية بين الأطراف المعنية.

ويرى المراقبون أن استعادة العلاقات مع رئيس النظام السوري، بشار الأسد، ستُسهم في تحسين الأوضاع السياسية في المنطقة، وذلك في ظل التحديات الأمنية المستمرة التي تواجهها المنطقة العربية والشرق الأوسط.

كما يأمل الداعمون لهذه الجهود، أن تؤدي إلى استعادة الاستقرار في سوريا وتعزيز جهود السلام والأمن في المنطقة بأكملها.

مسار عودة الأسد إلى الحضن العربي

تعتبر الجهود العربية لإعادة بشار الأسد إلى الحضن العربي موضوعاً مثيراً للجدل والنقاش، خاصة في ظل استمرار تشعّب القضية السورية وتواصل الانتهاكات التي يرتكبها النظام ضد شعبه والمنطقة.

وللإشارة، يُذكر أنه منذ اندلاع الثورة السورية عام 2011، قطعت معظم الدول العربية علاقاتها مع دمشق وسحبت سفراءها منها، ودعمت بعضها المعارضة السورية بأطيافها المختلفة في مواجهة نظام الأسد.

كما علقت جامعة الدول العربية عضوية سوريا في نوفمبر/ تشرين الثاني من نفس العام، وأسندت مقعدها للائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية في 2013.

لكن مع تغير المشهد الإقليمي والدولي، وتراجع قوى المعارضة أمام تقدم قوات الأسد بدعم من روسيا وإيران وحزب الله اللبناني، بدأت بعض الدول العربية تلمح إلى إمكانية استئناف علاقاتها مع دمشق، أو على الأقل التخفيف من حدة عزلتها.

ففي ديسمبر/ كانون الأول 2018، أعادت كل من الإمارات والبحرين فتح سفاراتهما في دمشق، في خطوة رأى فيها محللون تمهيداً لإنهاء المقاطعة الخليجية للأسد.

كما شهد عام 2021 زيارات متكررة لوزير خارجية سوريا فيصل المقداد إلى دول عربية مثل مصر والأردن والجزائر والسودان، إضافة إلى زيارة وزير خارجية الإمارات عبدالله بن زايد آل نهيان إلى دمشق في نوفمبر/ تشرين الثاني من نفس العام.

ثمّ في مارس/آذار 2022، قام بشار الأسد بزيارة مفاجئة إلى أبو ظبي، حيث التقى بولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد آل نهيان ونائبه، حاكم دبي، محمد بن راشد آل مكتوم.

وفي فبراير/ شباط 2023، زار رئيس النظام السوري بشار الأسد، سلطنة عمان، في زيارة عمل هي الأولى له منذ اندلاع الثورة السورية عام 2011، و عقد مع السلطان هيثم بن طارق جلسة مباحثات رسمية بقصر البركة العامر في مسقط، بحضور الوفدين الرسميين.

في مارس الماضي، حظي الأسد باستقبال حافل خلال زيارته أبو ظبي، فيما بدا واضحا أن عودته إلى الحضن العربي اقتربت أكثر من أي وقت مضى.

ثم في مايو/ أيار المنقضي، وصل الأسد إلى مدينة جدة السعودية، في إطار حضوره رئيسا للجمهورية السورية، بعد عودتها لجامعة الدول العربية، لتكون بذلك مشاركته الأولى منذ عام 2010.

 

هل يُغير التطبيع العربي مع الأسد الوضع في سوريا؟

إلى ذلك فقد جاءت تلك الزيارات في إطار مساعي عدد من الدول العربية لإعادة سوريا إلى الجامعة العربية، والتي واجهت بالفعل مقاومة من دول في ذات الجامعة، على رأسهم قطر.

وبررت الدول التي رعت عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية مواقفها المتغيرة تجاه الأسد بحجج مختلفة، منها حفظ وحدة سوريا ومنع تفككها، ومواجهة التدخلات الإيرانية والتركية في الشأن السوري، والمساهمة في عودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم، والمشاركة في إعادة إعمار سوريا، والتأثير على عملية الحل السياسي للأزمة .

لكن هذه الجهود تواجه تحديات كبيرة، منها استمرار الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في سوريا وانتشار الميليشيات الموالية لإيران، والعقوبات الغربية المفروضة على نظام الأسد وحلفائه، وغياب أي خطوات جادة من قبل دمشق نحو التحول الديمقراطي أو احترام حقوق الإنسان، والتوترات بين دول المنطقة حول مصير سوريا.، ناهيك عن ارتباط الموقف السوري بالقرار الروسي.

وفي الأثناء، و رغم عودة سوريا لجامعة الدول العربية في مايو الماضي، إلا أن ذلك لن يُغير كثيراً من حقائق الأمور على الأرض، فالأسد لا يزال يحكم بقبضة حديدية، والشعب السوري لا يزال يعاني من القمع والفقر والتشرد، كما أن الموقف السياسي في دمشق مازال مرتهنا، لصُناع القرار في طهران وموسكو.

قد يهمك أيضاً

تعليقات

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

تابعنا

الأحدث