لماذا تراودنا الأفكار المميزة والإبداعية خلال الاستحمام؟
شارك الموضوع:
وطن – تقول الأسطورة إن العالم اليوناني أرخميدس، كان مسترخياً في حوض الاستحمام، عندما اكتشف “قانون الإزاحة”، ولشدة فرحته خرج يركض عارياً وهو يصرخ “وجدتها وجدتها”، وعلى الرغم من تداول الحادثة بشكل كبير، لكنها ليست حقيقية، ولكن هناك جزء من الحقيقة وراءها، وهي أن الأفكار الإبداعية يمكن أن تأتي أثناء الاستحمام.
يُعتبر هذا النشاط الروتيني الانفرادي وقتًا مميزًا للانفصال والاسترخاء، فضلاً عن أنه محفّز لتنظيم الهرمونات مثل السيروتونين أو الإندورفين التي يحتاجها المرء للتغلب على الإرهاق. في لحظات الحميمية مثل هذه، تتدفق الأفكار بحرية، ولهذا السبب يعد الاستحمام فترة استراحة ضرورية لتصفية الذهن والعودة إلى العمل أو الدراسة بحال أفضل، وفقًا لما نشرته مجلّة”فيدا سانا” الإسبانية.
وفي دراسة أجريت عام 2019، سجل 98 كاتباً محترفاً و87 فيزيائياً، أفكارهم الأكثر إبداعاً كل يوم، بالإضافة إلى ما كانوا يفعلونه ويفكرون فيه عندما جاءتهم هذه الأفكار. وكانت النتيجة أن 20% من أكثر الأفكار الإبداعية التي توصلوا إليها، كانت أثناء الاستحمام أو القيام بعمل روتيني آخر، مثل غسل الأطباق أو كانوا في طريق العودة للمنزل.
هذا وأظهرت الأبحاث أن ما يُعرف باسم “تأثير الاستحمام”، له دور كبير في تدفق الأفكار الإبداعية والحلول لبعض المسائل المعقدة، والسبب في ذلك بحسب دراسة في مجلة “علم النفس الجماليات والإبداع والفنون” نُشرت عام 2022، أن الناس يُولّدون أفكاراً إبداعية أكثر أثناء أداء الأنشطة الروتينية مثل الاستحمام أو المشي.
وبحسب تلك الدراسة، فإن الدماغ حتى يولد الأفكار الإبداعية، يحتاج بعض التوازن والسماح له بالشرود ذهنيا قليلاً، ما يؤدي إلى مزيد من الأفكار الإبداعية، وذلك لأن الأنشطة المملة، لا تحتاج الكثير من الجهد من الدماغ، لذا يتوفر له الوقت لحل المشكلات الأكثر تعقيداً.
تراودنا الأفكار المميّزة في لحظات الهدوء والرفاهية والتوازن العقلي، لهذا، يعتبر الاستحمام حليفًا جيدًا محاربًا للضغوطات التي غالبًا ما يواجهها العمال والموظفين من المكتب إلى المنزل.
إن بيئة الاستحمام المريحة والانفرادية، قد تتيح التفكير الإبداعي من خلال السماح للعقل بـ”التجول بحرية”، وجعل الناس أكثر انفتاحاً على وعيهم الداخلي وأحلامهم. علاوة على ذلك، فإن حالة الهدوء هذه تجعلك تجد حلًا أو أكثر لمشاكلك تقريبًا دون وجود نية للقيام بذلك بالضرورة، وفقًا لما ترجمته “وطن“.
غالبًا ما تقودنا المهام التلقائية والبسيطة إلى حالات من التأمل حيث يمكن للعقل أن يفكّر ويجد أهدافًا جديدة. يحدث الأمر كما لو أننا عندما نسير في طريق عادي، أو نعد طبقًا من الطعام أو نغسل الأطباق، فإننا نصعد إلى عالم أفكار أرسطو، والتي سنطبقها لاحقًا في عملنا. لا يحب دماغنا أن يكون في وضع تعدد المهام ولهذا السبب يتم التوصّل إلى الأفكار الخلاّقة في البيئات الهادئة التي يسودها الهدوء والثقة.
الحمام مكان يقوم فيه الناس بوضع الماكياج والعناية ببشرتهم وقبل كل شيء الاسترخاء. كل هذه الأنشطة الروتينية، مثل الاستحمام، يمكن أن تصبح تجارب حقيقية للتفكير والتأمل حيث يمكن للأفكار العظيمة أن تراودك فجأة.
وبالنسبة للعديد من الناس، فإن الاستحمام يمثل وسيلة للاسترخاء والاختلاء بالنفس خاصة بعد مرور يوم شاق، إذ تمنح المياه الدافئة والبخار المنبعث منها الجسم شعورا بالراحة، وهو ما ينجر عنه شعور العقل بالراحة أيضا.
وختم الموقع بالقول إنه ينبغي للمرء أن يستمتع باللحظات التي يقضيها بالحمّام حيث يتسنّى له تحفيز قدراته العقلية واكتشاف أفكار خلاّقة.