أزمة الحكم في المغرب.. ابن عم الملك يدعوه لهذا الأمر قبل فوات الأوان

وطن – كشف الباحث في العلوم السياسية والصحفي الاستقصائي المغربي، عبد اللطيف الحماموشي، عن التدهور غير المسبوق في هرم السلطة بالمملكة المغربية لغير صالح الملك محمد السادس.

وقال “الحماموشي” في مقال تحليلي نشره مع موقع “كارنيغي” إنه في ظلّ غياب الملك المطول عن المجال العام، أصبح زمام السلطة في المغرب بين يدي “التحالف الأمني”، وهذا وضع مقلق فيما يخص الإصلاحات الديمقراطية وحرية التعبير.

“إما تدخل القصر أو أزمة وطنية”

وأشار ذات الكاتب، إلى التحذير الذي أطلقه الباحث في جامعة هارفارد، هشام العلوي، من تعاظم دور الأجهزة الأمنية المغربية في النسق السياسي الرسمي، واعتبر العلوي أنّ على القصر الملكي التدخّل لتجنّب “حدوث أزمة وطنيّة” قبل فوات الأوان.

وحسب الحماموشي، فقد جاء حديث الأمير هشام العلوي المعروف بتأييده للديمقراطية وثورات الربيع العربي – وهو ابن عم الملك محمّد السادس – في سياق يطبعه شبه غياب الملك عن المشهد السياسي المغربي لمكوثه الطويل خارج المغرب.

هشام العلوي
الأمير هشام العلوي

يشار أنه في العام الماضي، (2022)، أمضى الملك محمّد السادس نحو 200 يوم خارج مملكته، وفقًا لتقديرات مجلّة الإيكونوميست.

وفي تقريرها الذي أثار جدلا واسعا بالمغرب، قالت الصحيفة البريطانية إن الملك قليلًا ما يتحدّث للشعب ونادرًا ما يتفاعل مع الأحداث السياسية والاجتماعية بشكل مباشر، بالإضافة إلى أنّه لا يحبّذ إجراء المقابلات الصحفية.

غياب الملك يُفاقم المشكلة

وفي هذا الصدد، أشار الحماموشي إلى أنه منذ اعتلائه العرش سنة 1999، أدلى الملك بنحو ست مقابلات صحفية، أغلبها لصحف دولية، كان آخرها في عام 2016.

في المقابل، يبرّر نقيب الصحفيين المغاربة – المقرّب من النظام – ذلك بكون أنّ “الإعلام الوطني غير مؤهل لمحاورة الملك”، كما نقل عنه موقع “هسبريس” المحلي عام 2016.

حسب مقال الحماموشي، فقد ساهم غياب الملك في تراجع شعبية النظام على المستوى الداخلي. مُوضحاً أنه ربما لأوّل مرة في تاريخ المغرب المعاصر صار الناس يجاهرون صراحةً، في الأماكن العامة، بانتقاداتهم للقصر وتحديدًا غياب الملك.

فأغلبهم يشير إلى عدم تدخّل الملك لكبح الأزمة الاقتصادية التي تشهدها البلاد، وما ترتّب عليها من ارتفاع غير مسبوق في أسعار المواد الغذائية والبترولية، على حدّ تعبيره.

“التحالف الأمني” يحكم المغرب

أدّى صمت الملك وغيابه، حسب مقال الحماموشي، إلى بروز فاعل جديد/ قديم في مربّع الحكم، وهو الذي يُمكن تسميته بـ “التحالف الأمني” المكوّن من أجهزة الأمن والمخابرات ورجال الأعمال المنتفعين من الاقتصاد الريعي وأصحاب المصالح من الساسة وكبار الموظفين في مؤسسات الدولة.

يُدار هذا التحالف من قِبَل مستشار ملكي مقرّب من محمّد السادس، وفقًا لما يقوله نقيب المحامين وزير حقوق الإنسان الأسبق محمّد زيّان (80 سنة)، الذي اعتقل مباشرة بعد حديثه عمَّا أسماه “شبكة الاستحواذ على الدولة.”

وقد نشر الصحفي علي المرابط، بعد أشهر من اعتقال المحامي زيّان بتهم سياسية، معلومات تتعلّق بما كان سيفصح عنه زيّان بشأن “شبكة الاستحواذ على الدولة”.

واستخدم المرابط مفهوم” البِنْيَة السريّة” في وصف هذه “الشبكة”. والمصطلح استخدم لأوّل مرّة من لدن المؤرّخ في جامعة محمّد الخامس في الرباط معطي منجب في الخامس من تشرين الثاني/ نوفمبر 2020، ضمن مقال نشره مع “القدس العربي”.

يهدف مفهوم “البِنْيَة السريّة” الذي صاغه منجب إلى توصيف “الدائرة الضيّقة في أعلى هرم السلطة في المغرب التي تدير الشأن السياسي والأمني والاقتصادي في البلاد، في إشارة إلى ما يعادل مفهوم الدولة العميقة”، كما يوضّح الصحفي علي أنوزلا، في مقال نشره مع موقع “العربي الجديد“.

دولة عميقة تعمل خارج القانون

مشكل هذه “البِنْيَة”، حسب الحماموشي، يكمن في كونها تشتغل خارج إطار القانون والدستور، ولا تتمتّع بالمشروعية الشعبية ولها من الوسائل ما يجعلها فعّالة في مواجهة كلّ من يحاول أن يكشف عن أعضاءها.

يُشار أنه تمّ اعتقال معطي منجب في نهاية كانون الأول/ ديسمبر 2020، أسابيع بعد كتابته المقال التحليلي المُشار له أعلاه بشأن هذا الموضوع (مع القدس العربي).

يأتي ذلك في الوقت الذي سبق أن أصدرت وزارة الداخلية المغربية بلاغًا اعتبرت فيه أنّ الترويج لمفهوم “البِنْيَة السريّة” يهدف إلى “تضليل الرأي العام الوطني والدولي والمس بالصورة الحقوقية للمملكة”، وذلك في ردها على تصريحات أدلى بها منجب بعد خروجه من السجن في آذار/ مارس 2021.

يقول الحماموشي إن السلطات المغربية تتوجّس من النقاش الدائر حاليًا في بعض الأوساط السياسية والحقوقية حول أزمة الحكم في المغرب وما يتفرّعُ عنها من أسئلة حول مفهوم “البِنْيَة السريّة” الظاهر للعلن حديثًا.

ويظهر ذلك من خلال نفيها المتكرّر لوجود هذه “البِنْيَة”، مع مواصلة هجومها الإعلامي على كل من يحاول دراستها وفهم منهجية عملها، أو على الأقل الإشارة إليها. قد يؤدّي هذا الوضع المتأزّم والجديد مستقبلًا إلى مواجهة مباشرة بين الشعب والملكية، خصوصًا وأنّ الأخيرة بدت تفقد مشروعيتها الراسخة منذ قرون مع تراجع دور الملك، الفعلي والشكلي، في المجال العام.

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى