امريكا وحربها مع الصين لأجل الرقائق الإلكترونية.. هنري كيسنجر آخر الراكعين..
شارك الموضوع:
وطن – خاض الغرب بحورا من دماء باسم الصليب ظاهرا ومن أجل الذهب باطنا، وخاضها من أجل التوابل والمطاط والكاكاو، وخاضها من أجل الفحم والنفط واليوارنيوم.. خاضها كي يبتلع ما فوق الأرض وما في باطنها، قتل الملايين من البشر وأباد شعوبا فقط كي يستولي على بلادهم، كما فعلوا في امريكا وكندا وأستراليا ونيوزلندا، شردوا شعب فلسطين واحتلوا أرضه كي يضعوا بني صهيون حراسا على ما نهبوه من بلاد العرب، فلا حد لأطماعهم.
أما الآن فحربهم من أجل الرقائق الالكترونية، نعم تلك التي لا يكاد أن يخلو جيب انسان منها من خلال الهاتف النقال.
فلا غنى عنها، من أجهزة الكمبيوتر الى الى الادوات المنزلية الكهربائية الى الطائرات والأسلحة والمسيرات وحتى ترانستور صغير فوق كتف راعي أغنام في متاهات الصحراء.
التجسس الصناعي والسباق نحو الهيمنة في صناعة الرقائق الإلكترونية
بدأت تقنية هذه الرقائق الإلكترونية في امريكا في نهاية الخمسينات من القرن الماضي وتبعتها اليابان وسبقتها في السوق، مما حدا بالامريكيين خداع اليابانيين عبر “التعاون” في هذه الصناعة، مما جعل أمريكا تعود للصدارة في السوق من جديد، ولكن عندما استيقظت اليابان للخداع الأمريكي، استعادت صدارة السوق من جديد، حتى قلبت تايوان الطاولة على الجميع وتصدرت السوق بلا منازع ولكن بدعم أمريكي، وهو الدعم الطويل الذي تخشى امريكا أن يذهب في غمضة عين لصالح منافستها الأولى الصين فيما لو ضمت تايوان إليها، فامريكا على قناعة تامة أن من مسك بزمام هذه الصناعة في المستقبل مسك بزمام العالم كله.
هنري كيسنجر ودوره في الصراع على الرقائق الإلكترونية
يقطع الآن هنري كيسنجر، هذا اليهودي المكار – وزير خارجية أمريكا الأسبق، ١٥ ساعة بالطائرة لمقابلة وزير الدفاع الصيني والمسؤولين الصينيين، راكعا لهم، وهو الذي رفض قبل اسبوعين مقابلة وزير دفاع بلده لويد اوستن، بلغ من العمر ١٠٠ عاما ولا يسير الا بعكازه وبمساعدة من مرافقيه، ومع ذلك ذهب ليطيب خاطر الصيني الذي لدغ من الجحر ألف مرة ولم يعد يحتمل، فالأمر خطير وكيسنجر هو الوحيد الذي ربما باستطاعته نزع فتيل الحرب الذي تطاير شررها.
في عام ١٩٩٥ استدعى الرئيس الأمريكي بيل كلينتون الرئيس التايواني “لي تينق هو” لزيارة امريكا سرا، ولكن الصين علمت بالزيارة فوجهت قوة عسكرية نحو تايوان وأجرت مناورات عسكرية بالذخيرة الحية حول تايوان مهددة بضمها.
الأول منذ 1979 والصين تحذر.. ماذا يعني لقاء رئيسة تايوان مع رئيس الكونغرس الأمريكي؟
ولم ينته الأمر الا بعد سلسلة طويلة من التدخلات والوعود والتي أدت لتراجع الصين، وقد تعرض بيل كلينتون لهجوم شرس من قبل الكونجرس الأمريكي بسبب هذه “الحركة الغبية”، والذي دفعه فيما بعد لزيارة الصين والاعتذار لها وتطييب خاطرها والتأكيد لها بأن امريكا تقر بصينية تايوان ولن تعترف بها إطلاقا كدولة مستقلة.
ماذا في تايوان؟
تايوان: قلب صناعة الرقائق الإلكترونية
في تايوان اول واضخم مصنع على وجه الأرض للرقائق الإلكترونية والأكثر تقنية أيضا وهو مصنع (تي إس إم سي) ويتبعه مصانع أخرى في مجموعها تسد أكثر من ٩٠%من احتياجات البشرية في العالم من الرقائق. الإلكترونية العادية والمتطورة، ولو حدث لها مكروها لنتج عن ذلك كارثة صناعية عالمية كبرى، وليس بوسع هذه المصانع التخلي عن امريكا التي تشاركها في تقنية وتصميم هذه الرقائق ولا عن الصين البلد الأم، التي تعتمد عليها في خامات السيليكون التي تنتج من خلالها هذه الرقائق الإلكترونية.
وكي يعرف القارىء تعقيدات هذه الصناعة، عليه ان يعلم أن شركة سامسونج ظلت لعقود وهي تحاول التوصل لاسرار هذه الصناعة ولم تتمكن من الوصول للحد المقبول منها الا قبل سنتين، “آيفون” الشركة الامريكية المنافسة لها، لا زالت تعتمد على تايوان.
التهديدات الأمريكية لتدمير صناعة الرقائق الإلكترونية في تايوان
حاولت شركة هواوي الصينية أيضا التوصل لاسرار تقنية الرقائق الإلكترونية المتقدمة ونجحت إلى حد بعيد، مما حدا بأمريكا والغرب لمحاربتها بشراسة خوفا أن تصل لاسرار التقنية المتقدمة، ووصل الأمر لاعتقال ابنة مؤسس شركة هواوي الصينية “منغ وان تشو” لمدة ٣ سنوات في كندا بناء على طلب أمريكي، وفعلا استطاعوا في النهاية تدمير هذه الشركة العملاقة إلى حدا ما.
ولا زالت أمريكيا عبر شركاتها ومواطنيها والشركات المصنعة لهذه الرقائق في تايوان، تحرم الصين من التوصل للتكنلوجيا المتقدمة في تصنيع هذه الرقائق.
وبلغ لها حد “تلغيم” هذه المصانع في تايوان، حتى تتمكن من تفجيرها فيما لو اقتحم الجيش الصيني تايوان وضمها للصين، فامريكا على استعداد أن ترتكب هذه الكارثة العالمية على أن تصل الصين لهذه التقنية واسرارها وتسبقها في هذا المجال الحساس.
لذا فإن النكتة التي يتداولها التايونيون من ان المكان الأكثر أمانا للاختباء في حالة الغزو الصيني، هي مصانع الرقائق، لأن الصين لن تتعرض لها لاهميتها لديها، تبدو نكتة مبكية لأن هذه المصانع اول من ستصبح قاعا صفصفا في حالة الغزو الصيني، ولكن ليس على أيدي الصينيين، بل على يد الحليف الأمريكي نفسه.
السياسة الأمريكية المشددة تجاه الشركات التايوانية والصينية
وبلغ بأمريكا حتى إجبار اليابان وكوريا الجنوبية وهولندا ودول غربية أخرى على وقف تصدير معدات متعلقة بتصنيع الرقائق الإلكترونية للصين.
كما هدد مستشار الأمن القومي الأميركي السابق روبرت أوبراين، بصراحة، من إن بلاده ستقوم بتدمير صناعة الرقائق الإلكترونية شديدة التطور في تايوان فيما لو تمكنت الصين من ضم الجزيرة (تايوان).
في عام ٢٠٠٥ اقتحمت قوات الأمن التايونية مكاتب شركة (umc) التايونية لتصنيع الرقائق الإلكترونية المتقدمة، وهي ثالث أكبر شركة في العالم في مجالها، والتهمة أنها نقلت “اسرار الصنعة” لشركة صينية، واستولت على أوراقها بحثا عن دليل ما اتهمت به، لكن قلق الشركات المماثلة الأخرى وتدخلها اعتراضا على هذه السابقة، جعل الحكومة التايونية تتراجع عن الاستمرار في التحقيقات، أو ربما خوفا من انكشاف الدور الأمريكي في تحريض الحكومة التايونية على التشديد على عدم تسرب أسرار هذه الصناعة بالذات المتقدمة منها.
في عام ٢٠١١ فوجئت شركة إنتل الأمريكية المصنعة للرقائق الأكثر تقدما في العالم، بقرصنة كمبيوتراتها من قبل صينيين و”الاستيلاء على كل شيء يتعلق بالشركة، “لقد سرقوا كل شيء” حسب تعبير النائب مايك روجرز رئيس اللجنة المختارة الدائمة للاستخبارات الامريكية، واضاف “لقد سرقت الصين أسرار الشركة لمساعدتها على القفز فوق المنافسين الأمريكيين والأجانب الآخرين لتعزيز هدفها المتمثل في أن تصبح أكبر اقتصاد في العالم”، ولم تكن فقط شركة إنتل الأمريكية التي قرصنها الصينيون، بل قرصنوا معها ٧٦٠ شركة أخرى.
جو بايدن والسعي الأمريكي لاستعادة الهيمنة في صناعة الرقائق الإلكترونية
“نحن من اخترعها وسنستردها” هذه عبارة الرئيس الأمريكي جو بايدن عن الرقائق الإلكترونية، متوعدا الصين، ومتعهدا بضخ ٥٢ مليار دولار من أجل دعم صناعة الرقائق، ولكن الشركات الأمريكية تقول لبايدن، كيف سنستفيد من هذه الأموال وحكومتك تحرمنا من أكبر سوق لبيع منتجاتها وهي الصين، هل لديك صين أخرى تعوضنا عن خسارتنا في أكبر سوق لنا؟!.
وهي نفس السياسة المشددة التي اتبعتها أمريكا مع الشركات التايوانية خوفا من تسرب أسرار هذه الصناعة وبالذات المتقدم منها، والتي بدأت تتسرب شيئا فشيئا نحو سوق الصين الذي لا غنى للشركات العالمية الكبرى عنه.
لا زالت زيارة هنري كيسنجر للصين قائمة والله اعلم بما سيكون نتيجتها وقد قابل الرئيس الصيني شي جين بينغ ووصفت المقابلة بأنها “كانت من القلب للقلب”، مع ان كيسنجر صاحب عبارة “إياكم ومقاتلة الصين وروسيا معا!”، واحدة .. واحدة، فهل يريد هذا الثعلب تأجيل الصين بعد روسيا، وفي كل الأحوال أن قامت الحرب أو نزع فتيلها فامريكا هي الخاسر الاكبر في هذه الحرب، حرب الرقائق، كما كانت دوما في كل حرب.
لا أتوقع أن زيارة هذا اليهودي الصهيوني من أجل رقائق!
الرئيس الأمريكي قال: “وسنستردها” أي أن غيرنا يصنعها، فتكنلوجيتها ليست سرّا!
أتوقع الصهيوني جاء لأمر أكبر، ومرسول من أباطرة المال (البنوك-التكنلوجيا-الأدوية) بأمريكا كما أرسلوا بيل غيتس قبله بفترة!
معروف أن الكيان المحتل كان من الجسور المهمة للصين في التجسس التجاري والصناعي على أمريكا
في مارس الماضي، وقع الرئيس جو بايدن أمرًا تنفيذيًا لتضييق الخناق على استخدام الحكومة الأمريكية لبرامج التجسس التجارية (لأن فيها عملاء صهاينة ينقلون أسرارها)
والصهاينة يملكون نظرة مستقبلية (بحسب اتجاه المال) أين تتجه القوة العالمية!
ويريدون التجهز و الضمانات من الصين لنقل رؤوس أموالهم إليها فور بداية حرب محتملة في الغرب، أو انهيار عملة، وعجز الموازنة والسداد، أو استحالة رفع سقف الدين من الرئيس ثانية!
والله أعلم